رسالة من القلب إلى المؤثرين والمؤثرات في وسائل التواصل الاجتماعي

رسالة من القلب إلى المؤثرين والمؤثرات في وسائل التواصل الاجتماعي
هوية بريس – إبراهيم بومفروق
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فهذه رسالة من القلب أكتبها لكلِّ من أظهر الله تعالى له حسابه في وسائل التواصل الاجتماعي، فأصبح عنده كثرة المتابعين و المشاهدين، وسأحاول قدر الإمكان تبسيط الرسالة حتى تصل إلى أكبر عدد من المؤثرين، والله الموفق سبحانه وتعالى.
اعلم أولا أن هذه الدنيا فانية و سرعان ما تنقضي و نلقى الله تعالى، فيجزي كلَّ واحد على عمله،
*قال تعالى: ” وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ “* سورة البقرة 281 .
والمسلم العاقل هو الذي يستثمر نعم الله تعالى فيما يحبه سبحانه ويرضاه.
وإن من هذه النِّعم كثرة المتابعين و المشاهدين و المشاركين، فإما أن يكون حسابك سببا في رِفعة درجاتك في الدنيا والآخرة و إما أن يكون سبباً في خسارتك في دنياك وآخرتك.
*يقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: ” إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن رِضْوانِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بها دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ “*
فهذه كلمة تأمل في عاقبتها ، فكيف بمن نشر صورة أو مقطعاً فيه ما يُغضب الله تعالى، و في المقابل أيضا من نشر صورة أو مقطعاً أو كتب في حسابه ما يحبه الله تعالى ، فإن الله تعالى يرفع درجاته في الدنيا والآخرة.
وممّا لا ينتبه له الكثير من المؤثرين، أن ما ينشره في حسابه إمّا أن يكون سببا في تكثير حسناته أو سيئاته، لأن كثرة المشاهدات والمشاركات والتفاعلات إما أن تكون لكَ أو عليك، *وفي الحديث الصحيح: ” مَن سَنَّ سُنَّةً حَسنةً فعمِلَ بِها ، كانَ لَهُ أجرُها وَمِثْلُ أجرِ مَن عملَ بِها ، لا يَنقُصُ مِن أجورِهِم شيئًا ومن سنَّ سنَّةً سيِّئةً فعملَ بِها ، كانَ عليهِ وزرُها وَوِزْرُ مَن عملَ بِها من بعده لا ينقصُ من أوزارِهِم شيئًا “* ، وقد يغتر الإنسان – وهو لا يشعر – بكثرة المتابعين ، فينشر أشياءً لكسب تعاطفهم و مدحهم وشكرهم …، و اعقل مني هذه الكلمة ولا تنساها في هذه الرسالة ، *فوالله الذي لا رب سواه لا ينفعك أحد من المتابعين عند الله تعالى و لو كان أهل الأرض كلهم من المتابعين لك، فإنهم لن يغُنوا عنك من الله شيئا* .
*قال تعالى: ” {يُبَصَّرُونَهُمْ ۚ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ (14) }* سورة المعارج.
والذي قد ينساه الكثير من المؤثرين، *أنه قد يموت في أي لحظة* ، وكم من القصص التي يعرفها الكثيرون عن بعض المؤثرين الذين ماتوا بسبب من الأسباب، وبقيت صفحاتهم شاهدة عليهم إمّا بالخير أو الشر، وبقيت منشوراتهم تصلهم آثارها في قبورهم إمّا بالحسنات أو السيئات، والعاقل من اتعظ بغيره و استثمر نِعم الله تعالى في مرضاته و تفكر قبل النَّشر دائما ، هل ما أنشره يحبه الله أم يبغضه ؟ فإن كانت الأولى بادر وأسرع وأخلص النية له سبحانه وتعالى وإن كانت الثانية توقف و تفكر في قبره ولحظة وقوفه بين يدي الله تعالى.
فأسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا لحُبِّه والعمل بهدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، و أن يثبتنا على الدين والصِّراط المستقيم حتى نلقاه وهو راض عنا بفضله وكرمه سبحانه وتعالى، و أن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا و يدخلنا جميعا إلى جنات النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .



