سنة الإرجاف وشبهات المرجفين في نوائب المؤمنين.. طوفان الأقصى أنموذجا

هوية بريس – ذ.ادريس إدريسي
قال تعالى: (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم).
جرت عادة الله في خلقه وسنته في عباده أن تنتشر الإشاعات والأراجيف بين الناس في أوقات الشدائد والمحن اختبارا لإيمانهم ومبادئهم، وتقوية لإرادتهم وعزيمتهم، وتطهيرا لصفوفهم من الدخلاء والمنتفعين وأصحاب الأهواء والمنافقين، ومن هذه الأراجيف والشبهات التي صاحبت محنة إخواننا في أرض الفخر والعزة منذ انطلاق الطوفان المبارك سواء كانت حقائق تم تضخيمها و تهويلها، أو إشاعات عمل الأعداء على نشرها وترويجها نذكر مايلي:
الترويج لرواية العدو في اتهام المجاهدين بأنهم السبب في هذه المحنة التي يعيشها أهل غزة وإغفال رواية المقاومة التي أظهرت بالدليل القاطع والبرهان والساطع أن الكيان كان يخطط لهجوم واسع على القطاع؛
دعوة المجاهدين إلى إلقاء السلاح في استسلام تام للعدو وتحليل ساذج للأحداث وكأن المرجفين تخفى عليهم جرائم العدو في كل ربوع فلسطين والمنطقة وما يمارسه من إرهاب وسفك للدماء في حق الأبرياء والمستضعفين بسبب أو بدونه؛
إحياء النعرات الطائفية والعصبية الحزبية بتصويرهم أن الحرب بين طائفة ذات لون سياسي وانتماء حزبي ودولة إسرائيل العظمى وليس بين فئة مؤمنة تنوب عن أمة متخاذلة في مواجهة كيان غاصب؛
تغليب مصالح الأوطان الوهمية على حساب وحدة الأمة الإسلامية للتهرب من واجب النصرة التي أوجبها الله تعالى على المؤمنين في حق بعضهم البعض (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر)، والاعتذار في ذلك بأعذار واهية وحجج غبية كما هو شأن الجبناء وأهل الطمع في كل محنة (يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورو إن يريدون إلا فرارا)؛
تضخيم قوة العدو والتبخيس من قوة المجاهدين وإنجازاتهم لا للتداعي إلى نصرتهم ومساعدتهم وإنما إمعانا في خذلانهم وإلحاق الأذى بصفوفهم (إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم)؛
التهويل من المسيرة -إن صحت- التي خرجت في أرض خنقها الصهاينة بالحصار والقتل والتجويع لعقود متتابعة وتبني رواية العدو في تحليلها والتطاير فرحا بحدوثها والاستبشار بمآلاتها؛
وبالنظر إلى خطورة هذه الأراجيف والإشاعات فإننا ننبه على مايلي:
إن هذه الإشاعات والأراجيف كما جرت سنة الله تعالى في الشدائد لا بد أن تترك جروحا عميقة في أوساط أهل الحق مهما كانت صلابة مبادئهم وقوة إيمانهم باعتبار طبيعتهم البشرية وجبلتهم الفطرية، ولا شك أن إخواننا الغزيين قد نالهم بها من الأذى الحظ الأوفر والنصيب الأكبر سواء بانتشار الخوف والرعب في بيوتهم ومجتمعهم أو باضطراب صفوفهم واهتزاز الثقة في نفوسهم (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون هنالك ابتلي المومنون وزلزلوا زلزالا شديدا)؛
أن هذه الأراجيف والإشاعات لا تزيد المجاهدين وإخوانهم من المؤمنين والمرابطين من صفوة خلق الله وبشارة رسول الله إلا يقينا في نصر الله وتصديقا بوعده (ولما رأى المومنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما) وإنما يفضح الله بها المنافقين ويظهر خبث قلوبهم (وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا)؛
إن الترويج لمثل هذه الإشاعات والأراجيف ليس رأيا سياسيا يجب احترامه أو تحليلا علميا يجب الأخذ به و اعتباره وإنما هي شعبة من شعب النفاق وعلامة على مرض النفوس وخبث القلوب يجب الإعراض عنها والامتناع عن نشرها لما تسببه من أذى للمجاهدين وما تستجلبه من غضب من رب العالمين (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا بجاورونك فيها إلا قليلا).
أن هذه الأراجيف والإشاعات تعد خنجرا في ظهر المجاهدين وسهما في نحورهم ونشرا للفتنة في مجتمعهم وبين مناصريهم لما تحدثه من خلخلة للصفوف واهتزاز للثقة في الحق وأهله (يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين) لذا يتوجب على علماء الأمة التداعي إلى نصرة إخوانهم بإبطال سحرها وإخماد نارها ودحض أباطيلها وشبهها وهو أقل الواجب وليس بعد ذلك إلا الخيانة وفساد الرأي والديانة (سماعون للكذب أكالون للسحت).
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد.



