“طابو”.. لماذا تقصى المرأة المحجبة من “الإعلام العمومي”.. حقوقيون ينددون بهذا التعسف والتمييز العنصري
هوية بريس – نبيل غزال
من الطابوهات المسكوت عنها مجتمعيا، إقصاء المرأة المحجبة من الإعلام الرسمي، فباستثناء البرامج الدينية، لا تكاد تظهر امرأة محجبة على القنوات العمومية.
ولم تكن الإعلامية بالقناة الثانية سمية المغراوي هي الأولى ولا الأخيرة أيضا، من ضمن من تم إقصاؤهن من الظهور على الشاشات العمومية بعد ارتدائهن الحجاب.
وقد بات هذا الإقصاء مطبّع معه، حتى أن مقدمة الأخبار على 2M لما اختارت ارتداء الحجاب صرحت أنها اختارته “رغم علمها بأنها ستمنع بسببه من الإطلالة على مشاهديها كما تعودت علي ذلك”.
وبالرغم من تمكن بعض النساء المحجبات من تبوئ مناصب سامية في الدولة، إلا أن كثيرات منهم تعانين في صمت من الاضطهاد، ويمارس بحقهن الإقصاء ممن يرفع شعار الحرية الفردية والدفاع عن المرأة.
طبعا معاناة المحجبة لا تقتصر على مجال الإعلام العمومي بل تشمل عدد من القطاعات، وحول هذا الموضوع استقت “السبيل” آراء مجموعة من الهيئات الحقوقية، فجاء جوابها كالتالي.
رئيس فرع التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات، د.محمد الزهاري، اعتبر أنه من المؤسف جدا أن نعيش وضعا مثل هذا في المغرب، وأضاف فعندما ندافع كحقوقيين عن احترام قناعات البشر وحريتهم في الاعتقاد واختياراتهم الفكرية، فالأمر لا يقتصر على فضاء معين دون غيره، فنحن نعني الفضاء العمومي والفضاء المهني والجامعي والدراسي، لهذا فارتداء الحجاب بقناعة واختيار من طرف بعض النساء يفرض ضرورة احترام المسؤولين لذلك في الفضاءات المهنية كلها، تعلق الأمر بقطاعات حكومية أو قضائية أو داخل المؤسسة التشريعية أو داخل وسائل الإعلام العمومية والخاصة، ولاسيما القنوات التلفزية.
وعندما تتخذ قنوات تلفزية عمومية قرارات تبعد بموجبها النساء المتحجبات عن تقديم نشرات الأخبار أو برامج حوارية مباشرة أو مسجلة تحظى باهتمام ومتابعة المشاهدين تكون قد تعسفت عليهن، وصادرت بشكل مقصود حقهن في اختيار طريقة اللباس المناسب لعقيدتهن الدينية، وقناعتهن المجتمعية.
وأظن أن هذا الموضوع أثير سابقا منذ شتنبر 2011 عندما أقدمت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة من حرمان صحفيات متحجبات من المشاركة والاستفادة من دورة تكوينية خاصة بتقديم نشرات الأخبار، وتنشيط البرامج التلفزية الحوارية. وما زلت أذكر أن هذا القرار أثار استياء كبيرا لدى المهنيين من الجنسين وتمت المطالبة في حينها باحترام المساواة بين الجميع، وتحقيق تكافؤ الفرص بين المهنيات دون تمييز بسبب شكل الجسد أو اللباس.
وختم الرئيس السابق للعصبة المغربية لحقوق الإنسان تصريحه لـ”هوية بريس” بان الأمر في نظره اختيار شخصي لطريقة اللباس وأن كل تمييز على هذا الأساس يجب أن يكون محط مساءلة لأنه ببساطة لا توجد في فصول الدستور والقانون مقتضيات تتحدث أو تفرض هذا التمييز وتحرم المتحجبات من تقديم نشرات الأخبار والبرامج الحوارية.
رئيس الهيئة الديمقراطية المغربية لحقوق الإنسان كشف بدوه أن من المفارقات المؤسفة والمحزنة أن يتم التمييز ضد النساء المحجبات بإجبارهن على نزع حجابهن للولوج إلى بعض الوظائف كالجيش والأمن والإعلام بسبب بعض الأعراف المعتمدة في التوظيف أو التشغيل والتي تسمو على القانون وكل المواثيق الدولية بمعزل عن كفاءاتهن فيحرمن من حقوقهن الدستورية..
وأضاف بوشعيب العسري في تصريح لـ”هوية بريس”، هذا نعتبره تجريدا للمرأة المحجبة من حقوقها الأساسية وهي الحق المرأة في اتخاذ القرارات الخاصة بها دون أدنى تدخل من الدولة أو من الغير… فقضية الحجاب تبقى قناعة شخصية بغض النظر عن المنظور الديني ويجب أن تحترم.
وختم رئيس الهيئة الديمقراطية المغربية لحقوق الإنسان تصريحه بقوله “الحق في التشغيل يبقى حقا دستوريا لا يقبل المزايدة والمواطنون متساوون فيه دون تمييز”.
بدوره، رئيس الفدرالية المغربية لحقوق الإنسان اعتبر أن حرمان المرأة المحجبة من بعض الوظائف على المستوى الوطني خرق سافر لمقتضيات المادة الثانية من الاعلان العالمي لحقوق الانسان التي جاء فيها بأن “لكلِّ إنسان حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أيِّ نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أيِّ وضع آخر. وفضلاً عن ذلك لا يجوز التمييزُ علي أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلاًّ أو موضوعًا تحت الوصاية أو غير متمتِّع بالحكم الذاتي أم خاضعًا لأيِّ قيد آخر على سيادته”.
وشدد ميلود قنديل، المحامي بهيئة الدار البيضاء، في تصريح لـ”هوية بريس” أنه بالرجوع إلى المادة أعلاه فإنها تعبر وبوضوح أن ممارسة التمييز بين البشر اعتمادا على القناعة الدينية يعتبر خرقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تمنح للمتضرر حق اللجوء إلى المساطر القانونية للدفاع عن هذا الخرق السافر الذي عرف في الآونة الاخيرة تمددا وانتشارا بشكل لافت.
ولعل من الأسباب المباشرة لتمدد هذا الخرق، وفق المتحدث ذاته، هو معاناة من يخرقون هذه المادة مما يسمى بفوبيا الإسلام، إذ أن الحجاب وباعتباره تمظهرا من تمظهرات الإسلام خلق لمن يكنُّ عداء للإسلام كدين نوعا من الفوبيا التي دفعته إلى عدم الاكتراث بالمواثيق الدولية وكذا القوانين المغربية التي تجرم مثل هذه السلوكات باعتبارها تمييزا عنصريا.
والغريب في الأمر، وفق رئيس الفدرالية المغربية لحقوق الانسان، أن بعض الدول الغربية تعايشت مع هذا التمظهر إذ أن هناك نساء يرتدين الحجاب اعتلوا مناصب عليا عبر العالم، في حين نجد بعض المسؤولين في بلدنا الحبيب يحرمون الشعب من خدمات بعض المواطنات فقط لكونهم يرتدين الحجاب.
هذا شيء معروف في التلفزة المغربية بل حتى في الإعلانات الهادفة، لا تكاد ترى المغربية المتحجبة إلا في برامج المشاكل الاجتماعية و محو الأمية، طبعاً الهدف من ذالك لا يخفى على العقلاء ألا وهو ربط صورة المتحجبة بالجهل والتخلف وأنها العبئ الأول على المجتمع المدني. والسبب الحقيقي وراء هذه السياسة هو الأخطبوط الاستخرابي المهيمن على المؤسسات في هذا البلد الأمين
وهل قنوات الصرف الصحي تستحق المشاهدة
فعلا يعتبر إقصاء المرأة المغربية المحجبة في الظهور بشكلها الذي يعجبها والذي تقتنع به خاصة في المنابر الإعلامية للسمعي البصري من الطابوهات المسكوت عنها فنحن كمنظمة حقوقية نستنكرOU هذا الإقصاء الذي يضرب ما جاء به دستور 2011 بأحترام حرية المعتقد واللباس مع المراعات مشاعر المخالفين
في مثل هذه المواقف يجب أن يظهر موقف العدالة والتنمية ذو المرجعية الاسلامية…. أم أن السياسة لا علاقة لها بالدين كما يزعم العلمانيون ؟ ومن سار على شاكلتهم . وإلا فأين بصمتهم ودورهم المؤثر ؟