عصيد ينصب نفسه محاميا عن ابتسام لشكر

07 سبتمبر 2025 12:53

عصيد ينصب نفسه محاميا عن ابتسام لشكر

أحمد الشقيري الديني
في عدد من خرجاته الأخيرة دفاعا عن ابتسام لشكر ومذهبها في الاستهزاء بالدين وعقائد المسلمين وقيم المجتمع، يوجه الناشط الحقوقي أحمد عصيد سهام النقد لوزير العدل والحريات السابق الأستاذ مصطفى الرميد مستنكرا عليه المطالبة بتطبيق القانون في نازلة ابتسام لشكر..!
وكعادته ينتقل أحمد عصيد من الموضوع إلى الشخصنة فيقذف الأستاذ مصطفى الرميد ويتهمه بأنه لم يستفد من كرسي الوزارة شيئا، لأنه بمجرد خروجه من المنصب الوزاري لبس عباءته الأصلية التي يطلق عليها المجتمع صفة “الخوانجية”؛ وليست تهمة الانتماء للإخوان المسلمين جديدة على الحداثيين في مواجهة خصومهم الإسلاميين، بل عرفت تداولا مكثفا في سجالاتهم معهم، وذلك بهدف عزلهم واتهامهم بالإرهاب الصفة التي تم إلصاقها بالإخوان منذ انقلاب العسكر على حكومتهم في مصر.
ولنا مقالات سابقة وضحنا فيها تهافت هذه الصلة؛ أهمها أن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين يشترط في المنتمي إليه البيعة للمرشد العام للجماعة، بينما التيار الإسلامي الذي ينتمي إليه الرميد بالمغرب حسم أمره بمبايعة أمير المؤمنين الملك محمد السادس، ولا تخفى عليه الأحاديث الصحيحة المتوافرة في التحذير والنهي لمبايعة آخر بعد بيعة الأول، فحزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح قاموا بتأصيلات شرعية متينة تجلي مدى تشبثهم بالبيعة ومؤسسة إمارة المومنين باعتبارهما سدا منيعا في وجه التطرف بشقيه الحداثي والإسلامي..

ومن مؤاخذات عصيد على الرميد اتهامه لهذا الأخير بأنه ينصب نفسه محاميا عن الله! وهل الله بزعمه يحتاج لمن يدافع عنه؟! فهو سبحانه قادر على الانتقام من ابتسام لشكر أو التجاوز عنها، فما محل المدافعين عنه من الإعراب؟!

ولدفع هذه الشبهة نقول وبالله التوفيق:

*لا أحد يقدر على الإساءة إلى الله*:
الإساءة إلى معتقدات المومنين، ليست إساءة إلى الله حتى نطالب الناهي عن هذا المنكر بالكف عن ذلك زعما أن الله قادر على الدفاع عن نفسه، وليس في حاجة إلى من يدافع عنه، كما يزعم عصيد، بل هي إساءة إلى المجتمع الذي يحتضن هذه المعتقدات ويعتبرها مقدسات.
قال تعالى : (وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)، قال الإمام أبو جعفر الطبري عند تأويلها: ” وَكَذَلِكَ رَبُّنَا جَلَّ ذِكْرُهُ ، لَا تَضُرُّهُ مَعْصِيَةُ عَاصٍ ، وَلَا يَتَحَيَّفُ خَزَائِنَهُ ظُلْمُ ظَالِمٍ ، وَلَا تَنْفَعُهُ طَاعَةُ مُطِيعٍ ، وَلَا يَزِيدُ فِي مِلْكِهِ عَدْلُ عَادِلٍ ، بَلْ نَفْسَهُ يَظْلِمُ الظَّالِمُ ، وَحَظَّهَا يَبْخَسُ الْعَاصِيَ ، وَإِيَّاهَا يَنْفَعُ الْمُطِيعُ ، وَحَظَّهَا يُصِيبُ الْعَادِلُ”؛
وهذا أصل كبير من أصول العقيدة، دلت عليه نصوص كثيرة، منها قوله تعالى في هذه الآيات البينات:
(ومن كفر فإن الله غني عن العالمين)؛
(وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد)؛
(إن تكفروا فإن الله غني عنكم، ولا يرضى لعباده الكفر)؛
(إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها)؛
(مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ،وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا)
(ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر، إنهم لن يضروا الله شيئا).
وفي الحديث القدسي الذي رواه مسلم في صحيحه:
( يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا؛ يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني)!

*والحاصل أن الله في غنى عمّن يدافع عنه، والمعاصي لا تضره، بل تضر المتلبس بها، في حين الناس في حاجة للدفاع عن معتقداتهم ووضع القوانين الزجرية لمن يستهزئ بها أو يسب الله ورسله أو يمزق قرآنهم أو يدنّس آياته بأي صورة من صور التدنيس، وهذا حصل في مناسبات عدة لابد من وضع حد لها، والله أعلى وأعلم*.
ثم ينتقل عصيد لتأويل جهالة ابتسام لشكر بأن فعلتها الشنيعة إن هي إلا تعبير عن احتجاجها على السلطة التي تستعمل الدين في السياسة، فلو رفعت الدولة يدها عن الدين لما وجهت إليه سهام النقد..!
*سيف العلمانية على رقاب من يدافع عن دينه*
هكذا يعبر عصيد عن حق ابتسام لشكر في الإساءة لمعتقدات المغاربة والمسلمين في القارات الخمس، فهي تعبر عن حقها في نقد السلطة المرتكزة في شرعيتها على الدين، وهذه دندنة العلمانيين حول إقصاء الدين من تأطير المجتمع..
والأغرب أن يدعي أحد المسؤولين عن الأمن الروحي للمغاربة أن المغرب دولة علمانية، وهو الخبير بتاريخ وجذور النظام المغربي الذي لم يتخل يوما عن صفته الإسلامية، بل إن السيد الوزير أحمد التوفيق يمارس قناعته هذه على المجال الذي يشرف عليه فيفصل أي خطيب سولت له نفسه نقد مظاهر المنكر الطارئة على المجتمع بمرجعيته الدينية..!
فلإن خفي على عصيد فإنه لا يخفى على وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أن هذا الدين جاء ليتفاعل مع الإنسان، ليجيب عن أسئلته، ليعجنه بحسب فلسفته ورؤيته للكون والحياة وما بعد الحياة، الإسلام جاء ليحرر الإنسان من قبضة “الإكليروس” والكهنة الذين يحتكرون الحديث باسم الله، ويستغلون السذج ليعطوهم صكوك الغفران، الإسلام جاء ليبسط الدين بين الناس يعتنقونه عن اقتناع وبرهان بعد تفكّر وجدال،أو يدعوه وشأنه يدعو بالحكمة والموعظة الحسنة، ويجادل بالحسنى،( قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثمّ تتفكروا: ما بصاحبكم من جنّة).
إن الدفاع عن معتقدات الناس ودينهم مما ترسخه مبادئ الدستور المغربي ومن مقتضيات البيعة لأمير المومنين حفظه الله، ومن اعتنق المذهب العلماني فليمارسه داخل بيته وبين أفراد أسرته لا أن يتسلط به على قيم المجتمع، تلك القيم الجامعة التي تتشكل منها شخصية وهوية الدولة والمجتمع..

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
20°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة