بالرغم من اختلافي مع رئيس الحكومة السيد عبد الإله بنكيران في ملف الأساتذة المتدربين وخطأ عدم جعل فترة انتقالية لسن مرسوم فصل التكوين عن التوظيف.. وما تلا ذلك من تدخلات عنيفة في حق أساتذة الغد.. واختلافي مع الأساتذة المتدربين الذين لا يرون سوى التصعيد ولا يقبلون بغير إسقاط المرسومين..
قلت بالرغم من كل ذلك أعتبر أن بنكيران استطاع أن يكون بطلا وأن يخرج ناجحا من معركة وجدة السبت 05 مارس 2016، وأن الأساتذة المتدربين أخطأوا الموعد أو ورطتهم تيارات احتجاجية أخرى شاركت معهم في هذه المحطة الاحتجاجية..
لماذا خرج بنكيران منتصرا؟
1- حضور بنكيران للندوة التي نظمتها المدرسة العليا للتسيير HEM تحت عنوان: “رسالة مفتوحة للشباب المغربي” بمركز الدراسات والبحوث الاجتماعية والانسانية بمدينة وجدة كان حضورا أكاديميا وليس سياسيا، فتحويل اللقاء إلى محطة احتجاجية لم يكن في صالح جميع المحتجين.
2- التشويش على محاضرة بنكيران كان إذاية لجميع الحضور وحرمانهم من حقهم في الاستماع لمداخلة رئيس حكومتهم الذي بالفعل استطاع أن يصير بطلا في المدافعة والتحاضر، وصارت المؤسسات والهيآت تتسابق في دعوته ليحاضر فيها، ويشرف المؤتمرات والندوات بافتتاحياته ومداخلاته، بالإضافة إلى مصادرة حق المحاضر في إلقاء محاضرة في جو هادئ.
3- من حق بنكيران أن يحاضر دون مقاطعة أو تشويش على كلامه، ثم أخذ الكلمة وإحراجه بالأسئلة والمداخلات لكن بعد انتهائه بكل أدب.
4- رغم التشويش والتضييق الرجل قادر على الاستمرار في كلامه إلى أن تم اقتحام قاعة المحاضرة من طرف الطلبة القاعديين..
5- إعطاؤه الحق لكل تيار محتج (الأساتذة المتدربون؛ المكوفين، أوطم=الطلبة القاعديين، المعطلون)، ليتكلم ممثل عنه ويقدم المطالب؛ ثم يأخذ الكلمة ليجيبهم ويرد عليهم.. ونشرت صوره وهو يقف وينصت بإمعان لابن الشعب مع أنه الثاني في هرم السلطة في المغرب، ولاقت إعجابا كبيرا..
6- بالرغم من قدرته الكبيرة على احتمال الوضع، استمر المزعجون (الطلبة القاعديون خصوصا)، في التشويش والمقاطعة.. فقال، وحق له ذلك: “لو كنتم في دولة عربية أخرى لما استطعتم رفع أصبع أمام الرئيس”.
لماذا خسر الأساتذة المتدربون هاته الجولة؟
1- لأنهم شوشوا على رئيس الحكومة؛ ومقامه يختلف عن مقام وزير الاتصال مصطفى الخلفي عندما حاصروه مرات سابقة؛ فتعاطف الناس مع رئيس الحكومة ودفاعهم عن حقه في المحاضرة والتعامل الراقي دون تضييق، لن يختلف فيه الكثير..
2- تورط الأساتذة في احتجاجات شارك فيها غيرهم، وحُسبت إعلاميا قبل توضيحهم على أن ما كان فيها من سلوكيات سلبية هم من قام بها.
3- استبشارهم خيرا ونشرهم لما روجه عدد من المنابر على أنهم أحرجوا بنكيران وطالبوه بالرحيل من المركز، ما جعل كل الأخبار التي تلي ذلك ومقاطع الفيديو تحسب عليهم، بما فيها “خبر محاولة الاعتداء على بنكيران!!”.
4- عدم انسحابهم واستنكارهم لما تعرض له بنكيران من طرف طلبة البرنامج المرحلي، مع أنهم لا يرضون ذلك لأنفسهم..
5- التصعيد من حدة شعارات الاحتجاجات، وتشابهها مع بعض شعارات متطرفي 20 فبراير.. وما وقع في وجدة أكد ذلك عند من يجعل الكل في سلة واحدة..
الحاصول: نتمنى أن يعجل بحل هذه الأزمة التي طال عمرها، واقتربت من الباب المسدود والنتائج السلبية، والتي لا تخدم الجميع، لا الحكومة ولا الأساتذة المتدربين ولا الشعب وتعليم أبنائه.. ولتكن مبادرة توظيف هذا الفوج (2015/2016) من خلال دفعتين فيها من العهود والضمانات ما يطمئن الأساتذة المتدربين ويقطع الطريق على المشككين الذين يحبون استمرار الاحتقان والاحتجاجات..