فصل المقال في كلّ نِزال عن صرخة ابتهال

هوية بريس – د.محمد طلال لحلو
بعض التعليقات تقول: كيف تحاربون النسوية والانحرافات الجندرية من جهة (في بودكاست تفكيك مثلاً) وتثمّنون ما قامت به ابتهال. أها! هذا تناقض!
بل التناقض في الحكمة الباردة والنظرة المثقوبة، التي تفترض أن تثمين أي رأي تثمين لكل ما يقوله صاحبه. وعكسه إسقاط أي رأي إسقاط لصاحبه… وبهذا الأسلوب تتلاطم أمواج الجهل بعضها ببعض.
يقول الإمام الجليل ابن قتيبة رحمه الله إن معظم انحرافات الفرق نابعة من طرد الأقيسة.
موقف ابتهال موقف جليل مليء بالعبر وسنعود إليها. لكن دعونا مع الفكرة الفلسفية العميقة.. التخلية قبل التحلية.
اعلم هداك الله أن الأمر تتخلّله الكثير من القواعد والضوابط منها المصلحة العامة مقدمة على الخاصة، وإذا خُيّر المسلم بين ضررين اختار أهونهما، والضرورات تبيح المحظورات، وما منع سدّا للذريعة أبيح للحاجة، ويغتفر تبعاً ما لا يغتفر استقلالاً…
لنساعد في تفكيك هذه العبارات التي قد تبدو للبعض كأنها طلاسم بسبب التعليم العلماني وهي من القواعد المعروفة.
اعلم غفر الله لك أن المسلم إذا ظهر منه تصرف في الاتجاه الصحيح فيُعان عليه ولا يعان الشيطان عليه. وهنا أسوق حديث للعبرة وليس للمقارنة (ذو النظرة المثقوبة قد يقول لك تقارنها بشارب الخمر… اللهم الحذر من تدني مستوى الإدراك العام)
أتي النبي -صلى الله عليه وسلم- برجل قد شرب، قال: (اضربوه)، فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله، قال: ( لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان) “. رواه البخاري.
هل تثمين عمل ابتهال هو إقرار لكل العبارات الضبابية حمالة الأوجه التي تأتي من مشكوكي الانتماء مثل “هذه هي المرأة الحرة، العظيمة، الحقّة…” (يعني التي في بيتها سجينة دنيئة؟!)… وكذلك كل العبارات ذات الطابع النسوي الوهمي (تمكّنت…)…؟
وهل تثمين صرخة ابتهال هو جعل ابتهال مَلَكاً وإقرار كل أفعالها…؟
وهل تثمين صرخة ابتهال تشجيع للمرأة على أن تصير في أكبر الجامعات المختلطة وأكبر الشركات الليبرالية وتسافر للخارج ربما بالإخلال بالضوابط الشرعية، وتخالط الرجال، وتعمل خارج الضوابط الشرعية…؟!
مثل هذه المقولات والفرضيات مجرد ثنائيات اختزالية وأفكار محدودة.
أما عن ظهور اسمها قبل 4 سنوات في مقال غير موفَّق يبرر لضرورة الرعاية النفسية للتحول الجنسي، فرأيي التريث لأن الكثير من الناس غيّرَت إبادة غزة أفكارهم. وحجابها بعد تبرّجها دليل على تغير الطريق أو بداية تغيّر، فلا نُعِين الشياطين عليها ونسأل الله لها التوفيق والثبات والإخلاص. فطريق التخلص من لوثات النسوية المرافقة للبرامج التي تستهدف الشباب وتستقطبهم بميزانية الخارجية الأمريكية، ليس بالهيّن. لكن غزة فاضحة.
وهذا ليس وقت نقاش النسوية والأطفال تقطّع والنساء تباد والشيوخ تقتل والبلاد تُحتَلّ… هذا ليس وقته، ألا نفقه، ألا نعقل، ألا ندرك فقه الأولويات؟!
هذا وقت استثمار ما فعلته ابتهال لأن عملها بيّن كما ندندن حوله دائماً أن المقاطعة ليست مقاطعة استهلاك بل مقاطعة إنتاج كذلك. فتغيير علامة مشروب سهلة. أما فضح شركتك المتواطئة في الإبادة، ورفض نقل بضاعتها، ورفض البرمجة لها، وتعرية عمالتها، وترك أجرة وعمل مريحين… هذا مستوى آخر من المقاطعة، وهو الذي مثّلته صرخة ابتهال، وهو الذي تحتاجه نساء غزة، إن كنا حقاً نأبه للنساء.
صراحة بعض التعليقات والمنشورات توحي أنه لا زال أمامنا الكثير… خصوصا لما تمر أمام أكبر علامات المقاطعة كما وقع معي بالأمس وتجدها مكتظة، وفيها محجبات بل منقبات!!
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا.
الإنصاف عزيز.



