فوبيا الصلاة
هوية بريس – د. عبد الله الشارف
نشرت لبنى أبروك قبل ثلاث سنوات في جريدة هبة بريس المغربية الإلكترونية خبرا هذا نصه: “كشفت صحيفة “الديلي ميل” البريطانية، عن تعرض شاب مغربي للطرد من طائرة فرنسية بسبب أدائه للصلاة.
الصحيفة، ذكرت أن الموظفين أجبروا الشاب على النزول من الطائرة، بسبب أدائه للصلاة من كرسيه، خصوصا أنه تم رصده قبل ذلك، وهو يشاهد أفلاما دينية، مما خلف جوا من الريبة في صفوف ركاب الطائرة.
وأضاف المصدر نفسه، أنه تم إجباره على النزول بمطار كوبنهاجن بالدانمارك، حيث تعرض لتفتيش ليسمح له بمواصلة الرحلة إلى فرنسا، بعدما تأكدوا بعدم توفره على ما يدعو للخوف.”
لا شك أن أحداث العنف التي شهدتها بعض عواصم أوربا (باريس شارل إيبدو، مطار بروكسيل…) بالإضافة إلى الأسلوب الذي تتحدث به وسائل الإعلام الغربية عن واقع وقضايا الإسلام والمسلمين، كل ذلك أدى إلى خلق مناخ نفسي لدى الغربيين مشحون بالقلق والخوف.
بيد أنه إذا رجعنا إلى عقود الستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات من القرن الميلادي المنصرم، لا نجد أثرا لهذا المناخ النفسي المعقد. فلم تكن هناك حرب إعلامية معلنة على الإسلام والمسلمين رغم أن العنصرية كانت ولا تزال متفشية. أما الآن؛ فإن المسلمة المحجبة والرجل المسلم الملتحي والمسجد الذي تقام فيه الصلاة… كل ذلك قد أصبح، في وعي الإنسان الغربي، مصدر خطر يهدد حياته، علما بأن هذه المظاهر والرموز الدينية لا علاقة لها بما يسمونه: “الإرهاب”.
والحقيقة أننا نعيش حربا إعلامية وسلوكية ونفسية وصليبية ضد الإسلام والمسلمين؛ ذلك لأن الإسلام، دينا وثقافة وحضارة، يتحدى الغرب ولا ولن يركع له. بل سينتصر عليه، لأن الإسلام آخر الأديان وجاء للناس كافة، كما أن القرآن الذي هو هدى وشفاء للناس، تحتوي آياته وسوره على نظام اجتماعي واقتصادي وسياسي وأخلاقي، يصلح للبشرية كلها عاجلا وآجلا. كما أنه يجيب عن كل الأسئلة المتعلقة بحياة الإنسان الدنيوية والأخروية. ثم إن الإسلام يملك في جوهره عناصر القوة والبقاء والاستمرارية، والتحدي المتواصل الذي يجسد صراع الحق والباطل.
إن الفراغ الروحي الذي يحياه الإنسان الغربي هو المسؤول بالدرجة الأولى عن هذه النفسية الهيستيرية تجاه الإسلام والمسلمين. وإذا رجعنا إلى التاريخ الإسلامي المشرق واطلعنا على حياة اليهود والنصارى، طيلة قرون عديدة، بين ظهراني المسلمين سواء في الشرق أو الغرب، وجدنا أنهم كانوا يعيشون في أمن وسلام، يمارسون دينهم وحرفهم وأعمالهم، ولهم حقوق وعليهم واجبات كباقي المواطنين. فلم تكن تزعجهم صلاة المسلمين ولا لحاهم ولا حجاب نسائهم ولا أذان صلواتهم…
لكن أعداء الإسلام والمسلمين اليوم من الصهاينة والمسيحيين والمنصرين والمستشرقين لما رأوا ضعف المسلمين وتفرقهم وجهلهم وبعدهم عن دينهم …، أرادوا أن يجهزوا عليهم. إنهم الآن يستعملون كل ما في وسعهم للوصول إلى هذه الغاية.
ورغم نشاط وعمل عشرات الآلاف من المؤسسات والجمعيات والمراكز التنصيرية والاستشراقية واليهودية والصهيونية، إضافة إلى زرع الفتن والحروب والصراعات بين المسلمين، من أجل القضاء على الإسلام وإضعاف المسلمين، فإن هذا الدين لا يزداد إلا صلابة وقوة وانتشارا، الأمر الذي حير كثيرا من الكتاب والمسؤولين الغربيين، ولينصرن الله دينه وهو سبحانه غالب على أمره.
جزاك الله خيرا