في الشأن الثقافي

26 نوفمبر 2025 21:58

هوية بريس – د.عبد العلي الودغيري

منذ الاستقلال إلى اليوم، أي منذ حوالي سبعين سنة، لم يستطع أي وزير من وزراء الثقافة الذين تعاقبوا على كرسي السلطة في هذا القطاع، أن يفكّ الحصار على الكتاب المغربي ويعمل على تشجيع تصديره إلى الخارج بصفة منظّمة ومقنَّنة ومنصِفة للكُتّاب والناشرين معًا. ولذلك أصبح عدد من المؤلفين يفضّلون النشر بالخارج وينتظرون دخول منتوجهم إلى المغرب بثمن باهظ وبأعداد شحيحة. وهي عملية ليست دائمًا مفروشة بالورود، بل كثيرًا ما تكون مزروعة بالمعاناة والأشواك والخضوع لشروط قاسية، فضلاً عن كونها عملية معكوسة. فالأمر الطبيعي هو أن يُصدَّر الكتاب من البلد الذي يُنتجه إلى البلدان التي تستقبله وتقبل عليه لجودته شكلاً ومضمونًا، ومن الجهة التي تُنصف مؤلفه وتضمن له حقوقه الكاملة. وهذا من شأنه أن يشجع الصناعة الثقافية وضمنها صناعة الكتاب، على الازدهار والتطور واحتواء عدد كبير من التقنيّين والعاملين في هذا القطاع الواسع التخصصات والقادر على استيعاب عدد كبير من السواعد المؤهلة بدءاً بالطباعة والنشر والتوزيع وغير ذلك.

والمفروض أن تعمل السلطات المختصة بالقطاع على إدخال هذه الصناعة إلى الدورة الاقتصادية الكبرى للبلاد وإدماجها فيها. فكما تُنظَّم أسواق لتصدير الخُضر والحوامض والفواكه وغيرها من البضائع، يجب العمل على تنظيم تصدير الكتاب بمقتضى قواعد واتفاقيات وعقود وإجراءات تشجيعية وإعفاءات جمركية وتسهيلات إدارية مادية ومعنوية. اللهم إذا كانت الدولة ما تزال تعتبر الكِتاب مجرد رفاهية زائدة، أو شأنٍ خاص لا قيمة له ولا أهمية في تنمية البلاد، أو تعتبره آفة من آفات العقول التي تجب محاربتُها كما تحارب الحشائش والأقراص المخدرة.

هناك أسباب كثيرة وأمور معقدة لهذا المشكل الحاد، لا يتسع المجال لتفصيلها، ولكني أظن أن أحد أبرز هذه الأسباب هو أن الأشخاص الذين يوضعون على رأس الوزارة الوصية على القطاع، غالبًا ما يُؤخذون ممن لا علاقة لهم تمامًا بالشأن الثقافي عمومًا وبمجال الكتابة والتأليف خاصة، أو ممن لهم فهم سطحي للثقافة فيركزون على الجوانب الفولكلورية ويتركون الجوانب العميقة والشائكة التي تمس جوهر الفعل الثقافي والفكري والإبداعي. وإذا وجد من بينهم من هو أهل لهذا المنصب، فإنه قد لا يحسن اختيار مساعديه ومعاونيه ومستشاريه، أو يُغرق نفسه في الروتين الإداري الذي يبعده عن التفكير في المشاريع الثقافية الواعدة ذات الأسبقية والأهمية. وقد يتوهمون أن دورهم ينتهي عند تنظيم معارض للكتاب وتوزيع الجوائز السنوية.

أردت بهذه الكلمة أن أدعو الكتاب والمثقفين إلي فتح نقاش عميق في هذا الموضوع، ولذلك اكتفيت بما كتبته.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
7°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة