في ظلال الأمل
هوية بريس – عبد الحميد بنعلي
أَرِقِ المُدَامَةَ فالبَلاءُ تَكثَّرا***مهما شرِبتَ فذِكرُه لن يَسكَرا
الريف أجهشَ والبكاءُ تَعذَّرا***من بُؤسِه، لولا الحياءُ استعبَرا
والغَيمُ في أفُقِ السماءِ مُصَيِّفاً***يحكي التذمُّرَ والإياسَ مُزمجِرا
والخوف في عين الصغار مُلازِمٌ***والحزنُ خَيَّمَ والصفاءُ تَكدَّرا
ومداخل الإقليم تُرهِبُ قاصداً***في كلها تجدُ النِّقاط وعسكرا
وبِحارُنا قد أَثقلَت بشبابنا***والطفلُ غايةُ حُلْمِه أن يُبحِرا
والعلمُ يَذرِفُ دمعَه في عُزلةٍ***يشكو عُلوَّ الجهلِ في ريف الشَّرَى
والدينُ -مَقصَدُ خَلقِنا وَوُجودِنا-***قد أُوصِدَت أبوابُه وتَقهقرا
وعَطالةٌ عَمَّت جميعَ فِئامِنا***حتى الذي نال العُلا وتَدكتَرا
والعيشُ غالٍ بالألوف نَمُونُه***وكأننا في دولة الإنجِلْتِرا
وإذا المريضُ سعى ليَشفيَ سُقْمَه***ناءت به الأسفارُ دان وأعسَرا
أين المَشافِي تعتني بعلاجِهِ***غيرُ التي فيها الهَلاكُ مُيسَّرا
يا أيها الملك العزيز جَنابُه***فيك الرجا بعد الإله لما تَرى
فيك الضمانةُ والأمَانُ لشَملِنا***مهما أراد عدوُّنا أن يَمكُرا
لا شيءَ غيرَك ضامنٌ لحقوقِنا***لسنا نُفوِّضُ أمرنا من سَمسَرا
أحزابُنا أصل البَلاء ورأسُه***وهمُ الأُلَى قَدَحوا الزِّناد ليُسعِرا
وهمُ الذين تَرفّهوا من بُؤسنا***وهمُ همُ هَتكُوا حِماك ليُشهَرا
وهم الأُلى خانوا الأمانةَ لم يَفُوا***بعهودِهِم وتنصَّلوا مِما جَرى
حازُوا المنارةَ والعقارَ وأكثروا***كَذَبوا الحراكَ ليُفلِتوا وليُقهَرا
قالوا خوارجَ أو روافضَ بل همُ***ضِدُّ العُروبة يَنصرون البربرا
ولقد سعى كُبراؤهم في قتلنا***قالوا انفصاليِّين زُوراً وافتِرا
خابت وجوهُ الكاذبين وقُبِّحت***عاش المليكُ وعاش عَيشاً أكثرا
يأيها الملِكُ المُنَبَّأُ أصلُه***صلى الإله عليكمُ وتَخيّرا
آلُ النبيِّ شِعارُنا ودِثارُنا***ما نبتغي بسواهُمُ بَشراً عرا
في حبهم مَنجاةُ مَن قصَد النَّجا***حاشا الذي عاداهمُ أن يُنصَرا
إنا بني الأريافِ جُنَّةُ عرشكم***ما ضرَّها ضربُ الحسامِ الأبترا
وإذا العُداةُ تقصَّدوا لِحِماكُمُ***وجدوا أُسُودَ الريف أيمنَ أيسرا
ولقد حَمَى أجدادُنا عن مُلْكِكُم***وعلى السبيل سُلُوكُنا لن نَفتُرا
ما كان قصْدُ الصارخين بصوتهم***إلا لتَعلمَ ما أضرَّ وما اعتَرى
ساساتُنا حَجَبوا المآسيَ عنكمُ***لولاهُمُ بعُد “الحراكُ” ليظهَرا
إن الوليدَ إذا ألمَّ به الطَّوَى***نادى الحبيبةَ بالبكاء تَضوُّراً
لولا دُعاءُ التائهين لأُهلِكوا***لولا بكاءُ المذنبين لأَسعرا
يأيها الملِك الشهيرُ بِحلمِه***وبعفوه عمّن عتا وتجبّرا
آل الحسيمةِ يَنشُدُون سَماحَكُم***في فِتيةٍ سَكنوا عُكَاشةَ أشهُراً
لم يُنكروا إلا الذي أنكرتمُ***ولئن بَغَوا فلِكَون عفوِك أجدرا
السجنُ أصلَحُ للعبيد سِياسةً***والحُر غايةُ صُلحِه أن تغفِرا
هذا الذي نَهَج الرسولُ محمدٌ***وبعفوه مَلَك المدائنَ والقُرى
وبلِينه مَدح القُرَانُ فِعالَهُ***صلى عليه الله ما فَلكٌ جَرى
والأصلُ يَخرج نبتُه من جنسه***ومليكُنا نَبْتُ النبيءِ الأطهرا
فاصفح وسامِح سيلِيا ورِفاقَها***واشمل بعفوك بُوزِيَانَ وناصِراً
لا شيءَ مثلَ العفو شِيمةُ قادرٍ***يُعطِي الذي لا يُعطَى الحَزُومَ الأثأرا
واجعل لريفك نَوبةً تنفي بها***رَيبَ الظُّنونِ وتُصلِح المتعثرا
الريف ريفُك والقبائلُ جَمّةٌ***عند العهود فَحَاذِرَنَّ الموغِرا
ولْيهْنِك العيدُ المجيدُ بلا سَمِي***وليهنك المجدُ التليدُ بلا مِرا
“فلئن وجدتَ نسيمَ مدحِيَ عاطراً***فلقد وجدتُ نسيمَ بِرِّك أعطرا”
لكم الشكر الجزيل على التفضل بنشر هذه القصيدة، وكلي أمل أنها تساهم في رأب الصدع وإصلاح الوضع والتعريف بمآسي الريف