إن كان ما وصلَنا مِن خلاصات اجتماع الأمس صحيحا وأنه سيتم تعيينهم دون مباراة وبغير امتحان التخرج أيضا بل بمجرد إنهاء التكوين والنجاح فيه واستيفاء جميع المجزوءات فهو شيء جيد ونصر كبير ولعل فيه موتا سريريا لفصل التكوين عن التوظيف ولو جزئيا.
ولكن كما نبَّهتُ لذلك مِن قبل فإن التعيين دون مباراة سيكون وطنيا لأن الولوج للمراكز كان على حسب طاقتها الاستيعابية وليس على حسَب حاجة الجهات للموظفين كما كان يحدث في السنوات الأخيرة.
ولضمان التعيين جهويا وحق الأساتذة في اختيار الجهات التي سيعملون فيها ولو بغير المباراة الجهوية فإن الأمر سهل، فقط على التنسيقية أن تدافع عنه وتطالب به في أثناء المفاوضات.
وزارة التربية الوطنية تملك بوابة إلكترونية خاصة بالتعيين في النيابات وفق النظام القديم أو الحالي الذي يريدون إلغاءه بالمرسومين حيثُ إنَّ نظام التعيين الجهوي كان يتم من خلال إجراء مباراة جهوية قبل الولوج للمراكز. فالمذكرة المنظمة لمباريات المراكز سابقا كانت توزع المقاعد على الأكاديميات ال16 ويجتازون المباريات جهويا، وعند التكوين يتم إلحاقهم بالمراكز حسب طاقتها الاستيعابية ولو لم تكن في الجهة التي أرادوا التوظيف ونجحوا فيها. مثلا جهة الرباط تريد 10 أساتذة للغة العربية إعدادي وجهة الدار البيضاء 20 وهكذا، ثُمَّ في أثناء التكوين قد يجمعون 50 أو 60 في مركز واحد بطنجة مثلا فيه متدربون من خمس أكاديميات أو أكثر، ولكن عند التعيين يتم إرجاعهم للجهات التي نجحوا فيها في مباراة الولوج للمراكز. ثم تعطى لهم فرصة اختيار النيابات والتعيين محليا من خلال التسجيل بالبوابة الإلكترونية واختيار عدد من النيابات، يتم ذلك حسب معايير متعددة، في الحقيقة لم تكن عادلة حسب كثير منهم حيث تقدم المتزوجات والموظفون السابقون وهكذا..
حاليا من خلال هذا الحل المقترح يمكن التعيين جهويا وبعد ذلك اختيار النيابات أيضا من خلال نفس البوابة وموقع الوزارة، حيث يسجل الأساتذة حسب كل شعبة ومسلك ويختارون الأكاديميات. الخيار الأول ثم الثاني ثم الثالث، ويتم تعيينهم فيها حسب نقاطهم.
مثلا عندنا 250 أستاذا للتربية الإسلامية تأهيلي سجلوا جميعا في البوابة هل سيختارون جميعا جهة واحدة؟ الاختيارات ستتنوع ويمكنهم التنسيق بينهم في هذا الأمر، بين أساتذة كل شعبة حتى يضمنوا اختيار أكاديميات ونيابات تناسبهم قدر الإمكان .. فإن اختار أحدهم الرباط كخيار أول ومعه 200 آخرين اختاروها كخيار أول وعددُ المناصب المتاحة فيها 50 فإن النقاط ستكون مرتفعة ولن يعين فيها إلا أصحاب النقاط العالية والبقية يذهبون لخيارهم الثاني أو الثالث حسب نقاطهم. العيونُ عدد مناصبها 20 سجّل فيها 15 كخيار أول سيذهبون جميعا ويتم إكمال العدد من الذين اختاروها خيارا ثانيا أو ثالثا. وهذا بنظري أفضل حتى من المباراة والطريقة السابقة.
وللإشارة فإن بعض الأساتذة يتكلمون بغير علم ويشوشون على أنفسهم وزملائهم، فالذي ينبغي معرفته وهو شيء بَدَهي أن هذه الشهادة التي ستحصل عليها تؤهلك للتعين في أي جهة تريد وليس فقط في جهة المركز الذي تخرجت منه..
أما المنحة فأمرها أسهل والحديث عن الأثر الرجعي مضحك، ولعلها مجرد مناورة حتى يقبلوا بها بنفس قيمتها، فأساليب الضغط هذه معروفة حيث يدفعونك لتقبل بالوسط ولا تطالب بالأعلى حين يعرضون عليك الأدنى.
والمنحة لا تعلُّق لها بمدة المكوث في المراكز بل بالمدة الطبيعية للتكوين. يعني إن كانت مدة التكوين 10 أشهر فسيحصلون على منحة 10 أشهر حتى لو قلص تكوينهم إلى ثلاثة أو حال حائل دون إكماله أو بدئه من بدايته، وهذا معروف ومثاله السنواتُ السابقة بعضُها بدأ في يناير ولم تتغير قيمتها الإجمالية، وكذلك الفوج الأول لمشروع 10 آلاف إطار أخذوا منحة 10 أشهر عن دراسة 3 أشهر! وفي المرسوم الجديد فإن مدتها سنة كاملة وهم لا يمكثون في المراكز سنة كاملة بل أقل من 9 أشهر. فهذه القضية حتى بالقانون محسومة لصالحهم. وإذا رفعوا دعوى في المحكمة سيربحونها، فلا يوجد أي نص يشرطها بحضور الدروس، فهم قد نجحوا وسُجلوا في المراكز ومازالوا مسجلين وسيحصلون على شواهدهم! الاقتطاع ليس فيه نص قانوني ولا تخضع له المنح.
عندما يعلمون أن ذلك حقهم بقوة القانون فهذا يدعوهم لعدم تحقيق طموحات المسؤولين وراء هذه المناورات فبدل مطالبتهم بالزيادة فيها يصبحون راغبين فقط في بقائها، وبدل مطالبتهم بإلغاء المباراة يريدون منهم أن يطالبوهم فقط بعدم تأجيلها وهكذا.. والسياسيون والدبلوماسيون عموما يدرسون هذه الأمور فلا ينبغي تركهم يربحون نقاطا من مناوراتهم تلك..