لصوص في رمضان
هوية بريس – عبد الرحيم أنكيس
لصوص لا كلصوص المال والمتاع، ولا لصوص الجواهر والأغراض، إنهم يترصدون بالضحية ترصد المفترس بالطريدة. مع كل سنة يهل فيها شهر رمضان الأبرك على المسلمين برحماته ونفحاته الربانية إلا وتطلع معه مسلسلات وتمثيلات كوميدية تعكر صفوه وتشوب نقاءه. هؤلاء هم لصوص رمضان!
هؤلاء اللصوص محترفون في مهنتهم بل وفنانون! يتأهبون للعدة قبل الأوان، ويهيئون البرامج والجداول قبل الحلول. يتسابقون زمن هلال الشهر الفضيل !ويتخفون خلف الأكمة حتى لا يظهرون. وما إن تحل أول لياليه حتى يضايقوا الفضائل بالرذائل، يسرقون من المسلمين «البسطاء والمساكين» رصيد حسناتهم !يغصبون الصائم في رمضان من مكاسب الفضائل، يجردون العابد في رمضان من مقاصد الصيام والقيام! يسلبونه باختصار من معنى “شهر القرآن والتقوى” حتى يصبح المسكين بلا لباس ولا تقوى؛ عطشانا جائعا بالنهار، متعبا ساهرا وخاملا بالليل!
لصوص رمضان هم الذين اختطفوا عقول المسلمين وبرمجوها ببرامج تافهة لا تمت للصيام بصلة من قريب أو بعيد! لصوص رمضان هم المجندون بكل الأسلحة حتى يطمسوا معالم الشريعة والرحمة في هذا الشهر الفضيل، وصرنا نربط جلوسنا على مائدة الإفطاربمقطع كوميدي مضحك، أو فيلم قصير ملهي حتى نتسلى من “تعبنا وظمأنا”، كذا زعموا.
لصوص رمضان تحالفوا مع الشيطان! وأقسموا له بالعهد والوفاء على “تبليغ الرسائل” وعلى إنتاج الأفلام والسلاسل رغم أنه مكبل بالقيود والسلاسل. كما أخبر الرسول الكريم.
رسالة مني إليكم يا سادة يا كرام! تحرزوا شديدا من هؤلاء اللصوص، وإياكم ثم إياكم أن تتركوا لهم ثغرات ينفذون منها إلى دينكم وإيمانكم. وتذكروا قول المصطفى عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه أبو هريرة، قال: “رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر” (ابن ماجه وغيره). قال العلماء في شرح الحديث :كمال الصوم وفضيلته المطلوبة إنما يكون بصيانته من اللغو والكلام الرديءوحفظ الجوارح عن الآثام . وعن أبي قتادة رضي الله عنه، قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته، قالوا: يا رسول؟ وكيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها» “(رواه أحمد).
ربما في الدنيا تسترد حقك المسروق، والسارق يستحل من صاحبه، فيتخلص من العقاب في الآخرة، بخلاف هذا السارق من الدين فإنه سرق حق نفسه بنفسه ورضي من السارق بذلك، و في الآخرة أُبدل منه العقاب وليس في يده إلا الضرر. (مستفاد شرح مشكاة المصابيح).
فأنت لا ترضى من السارق أن يأخذ مالك؟ فكيف ترضى به أن يأخذ من إيمانك وصيامك وقيامك؟