لقد فاز المغرب بكأس العالم!!!

12 ديسمبر 2022 17:30
الفريق الوطني كأس العالم قطر

هوية بريس – سعيد الغماز

نعم… يمكننا القول إن المغرب فاز بكأس العالم حتى قبل إجراء أطوار مباريات النصف نهائي. فلأول مرة في تاريخ العرس الكروي العالمي الذي يتحدث عنه العالم بكل لغاته، نجد منتخبا تقف ورائه قارة بكاملها هي القارة الإفريقية، وعالما عربيا وإسلاميا بكل دوله وشعوبه. لأول مرة في تاريخ كأس العالم، نجد فريقا وطنيا تشجعه شعوب 54 دولة في إفريقيا و57 دولة في العالم العربي والإسلامي. المنتخب لم يعد يمثل المملكة المغربية، بل أصبح يمثل حلم قارة وأمنيات عالم عربي وإسلامي في أول مونديال يقام في بلد عربي. فهل هناك أكبر من هذا الكأس العالمي؟

الإنجاز التاريخي للمنتخب المغربي في مونديال قطر لا يمكن أن نعتبره وليد الصدفة أو نختزله في حظ كان بجانب المنتخب. من الناحية الرياضية الصرفة، كان المتخصصون في كرة القدم يصفون مجموعة المغرب التي تضم بلجيكا وكرواتيا وكندا بمجموعة الموت. وكان تأهل المغرب إلى الدور الثاني إنجازا جد صعب أمام منتخب مصنف في الترتيب الثالث عالميا وآخر وصيف البطوبة العالمية السابقة روسيا 2018.

اجتاز المغرب دور المجموعات باحتلاله صدارة مجموعته، وتغلب على اسبانيا المرشحة للفوز بالكأس الذهبية في دور الثمن ثم تغلب على البرتغال في دور الربع. كل هذا المشوار لا يمكن أن يكون صدفة أو ضربة حظ، وإنما هو يعكس مجهودا وتخطيطا ومشروعا كرويا، أفرز لنا مدرسة كروية لها خصوصيتها في علم الكرة المستديرة. المثير في هذه المدرسة الكروية المغربية بامتياز، هو أنه رغم تراجع اللاعبين إلى الوراء، يتمكنون من إخراج الكرة إلى منطقة الخصم بتقنية عالية لا تخلو من لوحات فنية وتمريرات ذكية ومهارات فردية. فعادةً الفرق التي ترجع إلى الوراء تكون ناقصة من الناحية التقنية وتبدأ في تشتيت الكرة بشكل عشوائي وبلا عنوان. لكن طريقة إخراج الكرة من طرف لاعبي المنتخب الوطني بتلك الطريقة، تخلق نرفزة لدى الخصم وتجعله يشعر بقوة وخطورة المنتخب المغربي. وتلك أبرز سمات المدرسة الكروية المغربية التي تجمع بين الرجوع إلى الخلف والاستماتة في الدفاع، وبين اللوحات الفنية والتمريرات الذكية والمهارات الفردية والأهداف الجميلة.

أما من الناحية السياسية، فإن إنجاز المنتخب الوطني لا يمكن فصله عن الدينامية التنموية التي تشهدها المملكة المغربية. هذه الدينامية التنموية القائمة على أساس الثقة في النفس وتعبئة الموارد المتاحة والاستثمار في المشاريع الناجحة بطموح كبير نحو التطور والتقدم، ساهمت بشكل كبير في تعبئة فريق وطني قادر على رفع التحدي وإنجاز المستحيل. النهضة الكروية التي تفجرت في مونديال قطر، هي جزء من النهضة التنموية التي انخرط فيها المغرب بكل قواه وطاقاته.

لكن الانجاز الرياضي في قطر، رفع السقف عاليا أمام هذه النهضة التنموية، وأصبحت الجماهير الرياضية تنقل تطلعاتها الرياضية إلى تطلعات في مجال قضايا مجتمعية وسياسية. فمنذ تجاوُزِ الدور الأول، والحلم يكبر حتى بلغ المنتخب المربع الذهي وأصبح الفريق المغربي من بين أربع منتخبات الأقوى في عالم كرة القدم، وأصبح الجمهور الرياضي يحلم بلعب المبارات النهائية بل والفوز بالكأس الذهبية. الحلم الرياضي يكبر ويكبر معه الطموح التنموي والحلم المشروع في بناء مغرب متقدم ومتطور يبحث عن موقعه في مصاف الدول الكبرى.

إنجاز المنتخب المغربي في مونديال قطر أصبح يطرح على الحكومة والأحزاب والنخب السياسية تحديات كبرى. الإنجاز الكروي لم يعد جزءا من مشروع نهضة تنموية شاملة ونموذج تنموي جديد، بل أصبح حافزا لتسريع هذه النهضة التنموية والرفع من سقف أهداف النموذج التنموي الجديد. فالمنتخب الذي أصبح يفكر في خطة لتجاوز عقبة النصف بإقصاء بطل العالم، وبلوغ النهائي ولما لا إحراز الكأس العالمية، جعل الشعب المغربي يرفع السقف عاليا في محاربة الهشاشة والتقليص من مساحة الفقر في المجتمع والرفع من الدخل الفردي ونسبة النمو وجعل المغرب يتقدم في تحقيق الأهداف التنموية.

بلغنا حلم الفوز بكأس العالم، فهل نبلغ حلم الفوز بكأس النهضة التنموية؟

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M