لماذا يصعب دور ربة المنزل والأم المتفرغة على غالب النساء؟
هوية بريس – تسنيم راجح
حقيقةً يصعب..
وترى إحداهن تجاهد لترضى به، ولتكتفي به وتتخلى معه عن “أحلامها” بعد صدمة “الحمل” الذي فاجأها وهي متزوجة وعاملة أو تطلب شهادة عليا أو غير ذلك..
يصعب عليها ترك العمل أو الشهادة أو التقدم في سيرتها الذاتية وخبراتها لتكون “أماً”.. لتكون “عادية”، لا تفعل شيئاً”، و”مثلها مثل الجميع”!
يصعب عليها ترك ما هو في الخارج و”محسوب” (بين قوسين) لأجل ما لا يراه أحد ولا يُعتبر ولا تستطيع الافتخار به ولا الإجابة به على سؤال “ماذا تفعلين في حياتك؟”
لا تراه هي ولا يراه غيرها كافياً..
لأن المجتمع أصلاً لا يفهم معاني التربية ولا يقوم بها..
لا يقوم عملياً بما ينادي به من أهمية التربية وأولويتها وأن “الأسرة هي اللبنة الأساسية في المجتمع” كما يتكرر في الكتب المدرسية..
لا يفهم إدارة البيت وتعقيده وحساسيته..
لا يفهم مقدار الانشغال والشغل الذي يتطلبه عمل الأمومة والرعاية وبناء الإنسان والتفرغ لملفات الأبناء المختلفة وفهم شخصياتهم ونقاط قوتهم وضعفهم ومهاراتهم وحاجاتهم وعلامات نقصها وتلبيتها وكذلك بناء العلاقة بهم وإدارة جداولهم اليومية وتجهيزهم ليستطيعوا الاعتماد على نفوسهم ويضعوا أهدافهم ويحسنوا الظن بقدراتهم ويحمدوا الله على نعمه فيهم…
المرأة والمجتمع ككل يرون التربية “تحصيل حاصل”، يرون الأسرة شيئاً يأتي في آخر القائمة، لا يحتاج كثير انتباه ويمكن تعويض النقص فيه “لاحقاً”، التقصير فيه غير محسوب، والعمل عليه من نوع النوافل والأمور التي “كل الناس تفعلها”!
وهذا من مفاتيح فهم مشاكل أمتنا وتفكك مجتمعنا، لأن البيت يتطلب جهداً، وهذا الجهد يجب أن يكون معتبراً ومحسوباً، والفتيات والصبيان يحتاجون التهيئة لهذه الأدوار والتقوية عليها والدعم فيها..
لئلا يأتوا للزواج فيصدموا بالواقع الصعب أو المستحيل الذي يجبرهم على التوفيق بين الف مهمة في نفس الوقت..
ولئلا يشعروا بأن كلام الدعاة عن الأسرة والتربية قادم من المريخ..
ولئلا تشعر المرأة والزوجة والأم بأنها تتحمل اللوم والذنب والمتطلبات المستحيلة وحدها في معادلة عليها فيها أن ترضي الناس وضميرها و تربي أولادها وتكون في كل مكان معاً… حتى أنها كثيراً ما تعلن استسلامها وتختار التوقف وإعلان الفشل في كل شيء!
فدور الأمومة والتربية والزوجية ليس سهلاً، وهو يتطلب جهداً حقيقياً وعملاً، وهو معتبر وكافٍ، ومتوقع أن يشغل المرأة وأن يكون ما يملأ وقتها وأن يعطيها خبرة وأن تحتاج فيه للتقدير والمساعدة..
متوقّعٌ هذا من الأنثى حين تبلغ سن الزواج وتتزوج، وهو عادي وليس استثنائياً..
متوقعٌ منها وتحتاج من يعينها عليه ويساعدها على اختياره وإن كانت مجتهدة في دراستها، وإن كانت ذكية وكانت “تستطيع” أن تصبح طبيبة أو أو رائدة فضاء!
والأهم هو أن الفتيات يحتجن للتهيئة له منذ الطفولة، يحتجن رؤيته برستيجياً وجميلاً ويحتجن تعلّم مهاراته وإحياء حبه وطلبه…
لا الاستعداد للمهن المربحة على أنها “ماشاءالله”! ولا رسم الطموحات بالهندسة والجراحة وإدارة الأعمال وأعمال المكاتب وغيرها..
هامش: “يعني لا نرسل فتياتنا للجامعة؟ هل يقعدن في البيت بانتظار الزواج؟”
دخول الجامعة من عدمه يعتمد على كثير من الظروف التي تخص كل حالة من أهدافها وقدراتها وقرب أو بعد فرصة الزواج منها، ونحن فعلياً بحاجة لكثير من العلوم التي لا تقدمها المدارس والجامعات، وبحاجة لمعرفة التخصصات التي تناسب الإناث من تلك التي لا تناسبهن، والأهم هو أننا نحتاج لرؤية ترك الجامعة والتخلي عن الوظيفة عادياً ومتوقعاً..
ومن ثم علينا استبدال مفهوم الوظيفة بمفهوم الثغر، ومن هناك تكون بداية التصحيح..