لهذا كنت مخطئا في دفاعي عن عدنان إبراهيم
هوية بريس – نبيل عمر ينسي
سقوط الأقنعة.. عدنان إبراهيم
كنت قد كتبت فيما مضى مقالتين دفاعاً عن د. عدنان إبراهيم وإدانة لخصومه هيئة كبار علماء السعودية، وها أنا ذا أكتب مقالاً ثالثاً أنقض فيه المقالين الأول والثاني؛ لأنه قد تبين لي أنني كنت مخطئاً، ولم أكن من المهتدين، فالحق أحق أن يتَّبع.
فقد تبين لي بعد طول متابعة لخطب ودروس الرجل، حقيقة مشروعه كما تبين لي الجهات المموّلة والمشجعة له، فقد تحققت من جوهره الذي لا يختلف كثيراً عن المشروع الذي يرعاه الشيطان الأصغر، وهو مشروع علمنة أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- ونزع سلطان الدين من نفوس المسلمين، كما تيقنت أن د. عدنان إبراهيم رجل علماني بلحية.
فالرجل لا يجد حرجاً في أن ينتقد من بذلوا الدماء والأرواح الطاهرة والأنفس الزكية في سبيل نصرة الدعوة المحمدية.
لكنه لا ينطق بنصف كلمة ليعرّي من تظهر سوءاتهم على بُعد ألف فرسخ فهو لا يجد حرجاً في أن ينتقد فكر شهيد الحق سيد قطب، لكنه لا يتكلم عن القاتل عبد الناصر، ولا يستحي أن ينتقص من الإخوان المسلمين لكنه لا ينتقص من السفاح الذي قتل أكثر من عشرين ألف مدافع عن الإسلام، واعتقل أكثر من ستين ألفاً؛ لأنه حليف الإمارات التي ترعاه.
والرجل ينتقد ابن تيمية وأبو الأعلى المودودي ومحمد إقبال، لكنه لا ينتقد أي رمز من رموز العلمانية بل يدافع عنهم.
وعند التحليل تجد أن مَن تطاول عليهم وأظهر للشباب أنه مفكر لامع ومصلح فذ على حسابهم، يجمع بينهم أنهم إسلاميون حراكيون يؤمنون بالإسلام فكراً وممارسةً، كما كان يؤمن به المصطفى -عليه أفضل الصلاة والسلام- وأصحابه -رضي الله عنهم- وكما كان يؤمن به سيدنا موسى -عليه السلام- وفي المقابل البديل الذي يصدره لنا، يتميز بأنه لا حراك فيه يمتاز بالعزلة كأبي حامد الغزالي وجلال الدين الرومي وابن العربي وإسلام البحيري وسعد الدين هلالي، وإن كان الأول والثاني صدّرهما لنا على شكل سلسلة، فالباقي أبرزهم لنا على شكل دفاع عن حرية الفكر وخدع من هذا القبيل.
وإذا كان الأمر هكذا، فلنا أن نسأل بسذاجة طفل: من له مصلحة في تقزيم التيار الإسلامي الذي يدعو للحراك والنشاط ونشر الإسلام فكراً وممارسةً، وتعميم أيديولوجيا الخمول واللافاعلية عبر غطاء التصوف؟ والجواب يأتي بسذاجة طفل أيضاً هم العلمانيون الموجودون في السلطة الآن، الذين يبذلون المال والجهد ليجهضوا أي عودة ثانية، كما فعلوا مع الصحوة الإسلامية الأولى ومنهجهم في تحقيق هذا يمر عبر تكتيل أكبر عدد من تحالف الموتى، أي تحالف الصوفية ضد أي صحوة مرتقبة.
أكبر وسيلة لتعميم الخطاب العلماني داخل جسد المسلم هي السينما والموسيقى، وكان لزاماً أن يفتي د. عدنان إبراهيم بإباحة الموسيقى؛ لكي يعبّد الطريق أمام تعميم الأيديولوجيا العلمانية، وكان من الضروري أن يفتي بهذه الإباحة بدون تفصيل؛ لأن من تستند عليهم هذه الفتوى أبو حامد الغزالي وابن حزم لم يبيحوا مثل هذه الموسيقى الموجودة الآن في الأسواق التي الغرض منها إثارة الشهوات وتمرير قيم فاسدة وأفكار باطلة ومحاربة مبادئ الإسلام وإجهاضه عبرها.
من الحجج التي كنت قد قدمتها دفاعاً عن الرجل هي حجة أن له أعمالاً كثيرة نافعة، وذكرت منها سلسلة المنطق والفلسفة، كما ذكرت فضله في محاربته الملاحدة، وإنني أعود الآن وأسأل هل دوّن التاريخ أن أحداً ما قدم سماً دون أن يضعه وسط شيءٍ جميل؟ كل من أراد أن يسقي خصماً له سماً إلا وضعه في عسل أو شيء من هذا القبيل.
وإني أعود وأسأل أليس مَن يترجم كتب الملاحدة الأكثر إثارة للفتن هي دور نشر إماراتية التي تدعم الرجل ومشروعه؟
كانت هيئة كبار العلماء حذرت من ضلالات عدنان إبراهيم، وكنت قد أنكرتُ عليها ذلك، أما الآن فإنني أقول مع الهيئة: احذروا ضلالات الرجل، فإن له خطاباً مقنعاً.
لك الشكر على صدق السعي في التماس الحق ونرجو أن تكون مثالا لغيرك من المخدوعين و السذج الذي افتتنوا بهذا الأفكاك الأثيم وإن كان المقال لم يوفي الدجال حقه و لم يبين شدة خطورته وحقيقة ضلالاته..فهو ليس مجرد داعية إلى العلمانية بل هو منافق عليم اللسان يسعى لتقويض أصول الإسلام و نسف قواعد الدين..فمشروعه هو أكبر من مجرد إلباس الدين لبوس العلمانية..وقد استطاع للأسف تدجين عقول فئات عريضة من الشباب السذج وجعلهم يعتنقون مذهب و يدافعون عن فكره الضال باستمات..هنا تكمن خطورته..