خيبة أمل كبيرة.. سوء تفاهم يقوض العلاقة بين ماكرون وتبون
هوية بريس – متابعات
قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، إنه على الرغم من التفاؤل الذي ظهر بعد لقاء الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبّون في شهر غشت الماضي، فإن العوائق وسوء التفاهم يقوّضان العلاقات الثنائية مرة أخرى.
وأضافت الصحيفة: “رسميا.. يبدو أن كل شيء على ما يرام بين البلدين، حيث ذكرت وسائل الإعلام في الجانبين أن زيارة سعيد شنقريحة لفرنسا في نهاية شهر يناير الماضي -أول رئيس أركان جزائري يذهب إلى فرنسا في زيارة رسمية- كانت جيدة للغاية. كما أن رئيسي البلدين يتحدثان دائما عن الصداقة بينهما. والزيارة الرسمية المرتقبة لعبد المجيد تبون إلى فرنسا، والتي أُعلن عنها في شهر مايو الماضي، هي لاستكمال حلقة العهد الجديد للعلاقات الثنائية”.
لكن في السر (خلف الجدران المغلقة) تبدو الابتسامات متشنجة رسمياً، تؤكد “لوفيغارو”، مذكّرة أنه في نهاية غشت الماضي، وبعد زيارة شاقة استمرت ثلاثة أيام، غادر إيمانويل ماكرون الجزائر بعض أن تبادل الأحضان مع تبون، ومعه “اتفاق الجزائر” الخالي إلى حد ما من النقاط الملموسة، لكنه يحمل وعود تعاون جيدة.
تتابع “لوفيغارو”: “بعد خمسة أشهر من هذه الزيارة، فإن خيبة الأمل تبدو كبيرة، كما يقال في باريس على مضض، مع التذكير أن الشراكة الاستثنائية تقوم على الثقة والحوار المستمر لحل المشاكل والرغبة في بناء مشاريع مشتركة”.
آخر “خيبة أمل كبيرة” حتى الآن، تتمثل في عقد منتدى دولي، اختار الفرنسيون من أجله موضوع البيئة التوافقي، في أوائل فبراير، وتم تقليص عدد المتحدثين فيه بشكل كبير.
بحسب مصدر في باريس، لم يحصل حوالي 40 مشاركا، بعضهم من أفريقيا، لكنهم في قلب خط عمل جديد بين باريس والجزائر، على تأشيرات دخول.
لكن هذه الحادثة ليست سوى الشجرة التي تخفي غابة العوائق وسوء الفهم اللذين يقوّضان العلاقات الثنائية الفرنسية- الجزائرية مرة أخرى، توضح “لوفيغارو”.
ومضت الصحيفة إلى القول إنه على الجانب الفرنسي، هناك عدم استسلام مع محاولة عدم رؤية علامات “حسن نية جزائرية” من خلال استئناف التأشيرات القنصلية، أو إنشاء لجنة المؤرخين الفرنسيين والجزائريين. كما يسير التعاون العسكري (الجيش وأجهزة المخابرات) على المسار الصحيح. واتفق البلدان على ضرورة العمل معا في منطقة الساحل ضد التهديد الإسلامي المسلح، ووجود جماعة فاغنر الروسية على الأرض هناك، مما جعل الحاجة ملحّة للتغلب على الخلافات.
ويؤكد مصدر فرنسي لـ“لوفيغارو” أن “الجزائر أطلعت فرنسا على موقفها في مواجهة عدم الاستقرار بمنطقة الساحل، ولا سيما في مالي، التي تتبنى عقيدة أكثر براغماتية”. وتظل اتفاقية الجزائر (الموقعة في عام 2015 لإنهاء الحرب بين باماكو وحركة استقلال الطوارق) أساساً للتعامل مع الأزمة المالية بالنسبة للجانب الجزائري، كما تنقل الصحيفة عن مصادر جزائرية، والتي توضح أن الجزائر تدرك أيضا أن هناك مشكلة كبيرة في باماكو تهدد بمزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة”. وهي نقلة نوعية تفضي إلى فهم أفضل لمسألة الساحل بين الجزائر وباريس.
ومع ذلك، توضح “لوفيغارو”، ما تزال العديد من القضايا الاستراتيجية متعثرة وعالقة، على غرار مشروع “المدرسة الثانوية الفرنسية” الجديدة، والذي يبقى عالقاً في طي النسيان. بينما يفترض أن يُعقد في باريس في شهر مارس المقبل، اجتماع لعدد كبير من الوزراء وكبار رجال الأعمال، بهدف تعزيز الشراكات الاقتصادية في دوائر الأعمال. ولكنّ رجال الأعمال يقابلون ذلك بين الشك والسخرية، حيث يتساءل بعضهم: “ما الذي سنتحدث عنه؟”.
في الواقع، العلاقات الاقتصادية الثنائية الفرنسية- الجزائرية، تنحصر بشكل رئيسي في التقاضي. والمتأخرات التي تطالب المجموعات الفرنسية الرئيسية (RATP وCMA-CGM) الدولة الجزائرية بها، تباطأت تسويتها.
وتابعت “لوفيغارو” التوضيح أن الوضع لا يمس فقط المعنيين، مشيرة إلى ما قاله ”نقيب” في الصناعة الجزائرية، بأن الأوساط الاقتصادية لا تحب المخاطرة، “طالما استمر هذا الوضع، فلن ترغب أي شركة فرنسية في الاستثمار بالجزائر”. وفي الوقت الحالي، فإن إنشاء مجلس أعمال جزائري- فرنسي بين أرباب العمل في البلدين، مسؤول من بين أمور أخرى عن فك الشراكات الكبيرة، ولم يستجب بعد لطموحات الطرفين.
ويضاف التآكل إلى الانطباع العام بأن فرنسا “يتم عزلها” بسبب عدم الرد على المذكرات الدبلوماسية أو رفض الشركات الفرنسية التي تكمل مع ذلك الدعوات الأولى للمناقصات (كما كان الحال بالنسبة لشركة Desautel التي تقدمت بطلب توريد شاحنات الحماية المدنية الجزائرية).
وتنقل “لوفيغارو” عن مسؤول تنفيذي في الدولة الجزائرية، قوله إن “ما يعيق العلاقات الثنائية فعلاً هو ما يعيق الرئيس تبون: إدارة أصبحت قوية، وعجز يسود على جميع مستويات صنع القرار، ويتفاقم الوضع عندما نتحدث مع شركاء أجانب”.
ويضيف: “لكن الفرنسيين يمكنهم الاطمئنان، فهم ليسوا الوحيدين الذين لا تتقدم الأمور معهم. فالجميع قلق، من دول الخليج التي ترغب في الاستثمار بكثافة في الجزائر، على الرغم من أنها تحظى بدعم رئيس الدولة، إلى الإيطاليين، الذين من المفترض بأن حباً مثالياً يجمعهم بالجزائر”.