مات حزب العدالة وأحياه بنكيران

24 أبريل 2025 14:12

هوية بريس- عبداللطيف الشابي/ أستاذ في الاقتصاد والتسيير بفرنسا

مع قرب انعقاد المؤتمر العادي لحزب العدالة والتنمية بدأ النقاش يدور حول من يستحق أن يكون الأمين العام للحزب. لؤدلي برأيي في الموضوع لا بد من التذكير ببعض المعطيات والمواقف التي ميزت بعض قيادات الحزب. أول ما يخطر بذهني هي نتائج انتخابات 2016 التي حصل فيها الحزب على 125 مقعدا في البرلمان وصنفته المرتبة الأولى على قائمة الأحزاب من حيث الحجم والتأثير في المشهد السياسي المغربي. وأصبح للحزب صيت في الدول العربية بل حتى في بعض الدول الغربية التي تهتم بالشأن الداخلي المغربي لما لها من علاقات تربطها بالمغرب. فهذه النتائج ما كانت لتتحقق لولا الحملة الانتخابية التي قادها بكل حنكة واقتدار الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة آنذاك السيد عبدالإله بن كيران الذي كان يتمتع بشعبية عريضة نبعت من وطنيته وإنسانيته.
من منا لا يتذكر حراك فبراير 2011 ؟ لولا خروجه وصيحته لتوقف الحراك لعرف المغرب حربا أهلية لما فيه من تنوع عرقي ووجود ثيارات متطرفة. أما عن إنسانيته فيرجع له الفضل في تأسيس المساعدة الشهرية للأرامل البالغة 1050 درهم ! حينما، حسب قوله، رخص له ملك البلاد محمد السادس بأن ينفذ فكرة هذه المساعدة انهمرت دموعه وقبل يد الملك من شدة الفرح. كم من مغربي سياسي بكى فرحا أو حزنا على البلاد والعباد ؟ حسب رأيي الشخصي المتواضع، هذا النوع من الرجال قل نظيره.
قد نختلف مع الرجل في بعض القرارات لكنه رجل وطني يقدم المصلحة العامة عن مصلحة الحزب وذكي ذو رؤية استراتيجية فيما يخص القضايا المصيرية للبلاد.
بعد الانتخابات وقع ما عرف بالبلوكاج وكان مهندسه رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش. كونه رجل مبادئ، لم يقبل عبدالإله بن كيران مقترحات أخنوش لتكوين الحكومة. حينها عين الملك سعد الدين العثماني الذي
قبل من أخنوش ما لم يقبل به بن كيران.
ضعف الحزب في عهده ولم يحصل في انتخابات 2021 إلا على 13 مقعدا في البرلمان. عزى البعض هذه النكسة إلى عامل القاسم الانتخابي وهذا الفرض وحده لا يكفي لشرح الحصيلة الهزيلة. لقد فقد الحزب شعبيته مع حكومة العثماني عقب قرارات اذكر منها ثلاث حزت في نفسي:
– الأول هو قرار اعتماد اللغة الأجنبية الفرنسية في التعليم الإعدادي والثانوي فيما يخص المواد العلمية عوض اللغة العربية. لقد كتبت في هذا الموضوع بإسهاب واستفاضة في مقال نشرته في جريدة هوية بريس بعنوان ” مشروع خطير على هوية المغرب وسيادته”. لم يكن لهذا القرار مبرر بل كان خطأ استراتيجيا قوى من حضور اللغة الفرنسية في المجتمع المغربي على حساب اللغة العربية الرسمية. وهذا القرار، بدون مبالغة، كان سابقة في العالم. لم أسمع يوما ما أن بلدا استبدل لغته الرسمية الأم بلغة أجنبية. رغم كون مشروع القرار آنذاك من بادرة وزير التعليم الذي لاينتمي لحزب العدالة، فسعد الدين العثماني تبناه بل نزل بكل ثقله ليصوت جميع نواب الحزب، إلا اثنين، لصالح المشروع أي ما يساوي 123 نائبا من أصل 125. كان هذا وسيبقى وصمة عار في تاريخ الحزب ومواقف العثماني
– القرار الثاني هو تقنين زراعة القنب الهندي الذي له سلبياته وإجابياته.
استغراب هاذين القرارين، من طرف كل إنسان عاقل، شيء طبيعي مادام اتخادهما حصل في ظل حكومة يرأسها وزير من حزب ذو مرجعية إسلامية. وهذا ما نال من مصداقية الحزب.
– القرار الثالث قد يبدو دون أهمية كبيرة ولكنه أزعج المجتمع بكامله : عرفت منذ صغري أن توقيت المغرب كان يوافق توقيت كرونيتش لموقعه الجغرافي. وبعد أزمة البترول في 1973 التي تلتها أزمة اقتصادية جعلت فرنسا تتخد قرار تطبيق مايسمى بالتوقيت الصيفي للإقتصاد في الطاقة. تبعها في قرارها هذا جل الدول الأروبية ومعها المغرب. لكن حكومة العثماني جعلت من التوقيت الصيفي توقيتا دائما مما تسبب في غضب شعبي عارم لتداعياته على الحياة اليومية للمغاربة.
قرارات ساهمت في تقليص شعبية الحزب مما انعكس على نتائج انتخابات 2021 وأدى بانهياره. وتخلى على الحزب بعض أعضائه وانتقده البعض الآخر. وجاء بن كيران وأخد بزمام الأمور وأخرج ما تبقى من الحزب من أنقاضه وأعاد ترميمه ليقف شامخا مرة ثانية.

المغرب يمر بمرحلة صعبة في شتى المجالات وليس في حاجة لمن يلهت وراء المناصب بل في حاجة إلى رجال لهم وطنية ومبادئ وكريسما قادرين على الدفاع على ثوابت البلاد وعلى المصلحة العامة. لهذا أظن وبكل صراحة أن عبدالإله بن كيران هو رجل المرحلة في قيادة الحزب.

وأختم مقالي هذا، مستسمحا لغة الضاد، بالمثل الفرنسي التالي :

Il faut rendre à César ce qui appartient à César

عبداللطيف الشابي. أستاذ في الاقتصاد والتسيير بفرنسا.

abdellatif55chabi@gmail.com

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
20°
19°
السبت
19°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة