ماذا يعني الاستقلال؟
هوية بريس- ذ.عبد القادر العلمي
في ثامن عشر نونبر من كل سنة يخلد المغرب عيد الاستقلال احتفاء بذكرى إعلان الملك الراحل محمد الخامس “انتهاء عهد الحجر والحماية وبزوغ عهد الحرية والاستقلال”، وفي هذه المناسبة أتذكر دائما “ألوكة” الزعيم علال الفاسي الموجهة في مارس سنة 1956 إلى المؤتمر التأسيسي للشبيبة الاستقلالية ومن خلالها لكل الشباب المغربي منبها الجيل الصاعد بأن الاستقلال المعلن عنه ناقص باعتبار أن أجزاء كثيرة من المغرب في الشمال والشرق والجنوب ظلت تحت النفوذ الأجنبي وضرورة استعادة كل الأراضي المغربية المغتصبة واستعادة السيادة الوطنية كاملة.
والاستقلال بمفهومه الشامل الذي نظرت له قيادات الحركة الوطنية الاستقلالية لا يعني فقط جلاء الجيوش الأجنبية عن أرض الوطن وخروج إدارة المستعمر واستعادة كل أجزاء التراب الوطني وتحقيق الوحدة الترابية؛ وإنما يتوقف كذلك على التحرر الكامل من كل أشكال التبعية اللغوية والثقافية والاقتصادية للمستعمر القديم ولأي جهة أجنبية، والدولة الكاملة الاستقلال هي التي تسودها اللغة أو اللغات الوطنية وتتمتع بكامل الحرية في اختيار شركائها السياسيين والاقتصاديين الذين تتعامل معهم ندا للند، والدولة المستقلة هي أيضا التي تسودها إرادة شعبها فيما يتعلق باختياراتها الأساسية وتوجهاتها العامة.
وإذا كان المغرب، خلال ستة عقود وزيادة على إنتهاء عهد الحماية، قد قطع أشواطا في استعادة أجزاء من ترابه الوطني بتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب وأنجز عدة خطوات على طريق إقامة الدولة الحديثة فإن هناك أجزاء أخرى من التراب الوطني مازالت محتلة، وما زالت لغة المستعمر القديم وبعض مظاهر التبعية سائدة في البلاد..كما أن بناء الديمقراطية ما زال متعثرا ولم تكتمل لبناته بعد، وبالتالي فإن الطريق ما زال طويلا لتحقيق الاستقلال بأبعاده الترابية والسياسية واللغوية والثقافية والاقتصادية في إطار مغرب ديمقراطي تسوده الإرادة الشعبية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والتقدم الحضاري.