محمد خليدي: بالنسبة لي الحكومة عندها إنجازات وإخفاقات، وكنت أتمنى لو أنها اشتغلت على تصحيح الجانب الأخلاقي
حاوره: مصطفى الحسناوي
مرت لحد الساعة عشر سنوات على خروج حزب النهضة والفضيلة من رحم حزب العدالة والتنمية٬ مؤسس هذا الحزب الذي كان له دور كبير في إلحاق جزء من الحركة الإسلامية٬ بحزب العدالة والتنمية٬ قبل عشرين سنة٬ فشل الآن في إلحاق جزء من الحركة الإسلامية بحزبه الوليد٬ وهو ما يؤكده خروج عبد الوهاب رفيقي٬ الذي انطلق قطاره السياسي من محطة هذا الحزب٬ باتجاه محطة حزب الاستقلال٬ استضافنا الأمين العام لحزب النهضة والفضيلة٬ للحديث عن ملابسات هذه القضية٬ والإجابة عن تساؤلاتها.
الأستاذ محمد خليدي*٬ مر لحد الساعة قرابة عشر سنوات على خروج حزب النهضة والفضيلة إلى الوجود٬ لماذا لازالت عجلة الحزب عصية على الدوران لحد الساعة؟
بالعكس عجلة الحزب تدور بسرعة٬ والحزب تأسس في مدة وجيزة جدا واستطاع أن يستقطب عددا من الرموز الوطنية والدينية٬ وهذا مالم تستطع أحزاب أخرى فعله٬ وأيضا عدد من الملفات تكلف بها الحزب٬ كملف السلفية والحوار مع السجناء الإسلاميين٬ ودشن مجموعة من الحوارات٬ انطلاقا من قناعاته٬ التي تأسس من أجلها٬ والتي تتعلق بتصحيح مجموعة من المفاهيم٬ كانت سببا في خروجنا من حزب العدالة والتنمية. وقد وجه الحزب نداء للعلماء للمشاركة في العمل السياسي٬ باعتبارهم أصحاب الحل والعقد٬ واستطعنا أن يكون ممثلنا في البرلمان المرحوم عبد الباري الزمزمي٬ لأننا كنا نطالب بكوطا للعلماء.
كنتم من مهندسي عملية استقطاب جزء كبير من الحركة الإسلامية٬ حين كنتم مع حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية٬ واستطعتم قبل عشرين سنة بالضبط٬ خلال عقد الحزب لمؤتمره الاستثنائي سنة 1996٬ من إلحاق جزء من الحركة الإسلامية٬ ثم حاولتم في حزبكم الآن٬ النهضة والفضيلة٬ استنساخ التجربة ولكن بمكون جديد للحركة الإسلامية٬ الذي هو السلفيين٬ كنتم من السباقين لهذه التجربة٬ ماهي الأسباب التي جعلت هذه التجربة تفشل؟
التجربة لم تفشل ولا تزال مستمرة٬ أولا أحداث الدار البيضاء خلطت كل الأوراق٬ وجعلت الدولة تحتاط من هذه الجماعات٬ وقد حاولنا إعطاء صورة أخرى٬ عن هذه الشريحة٬ خاصة أن جلالة الملك كان صرح لجريدة إسبانية بوقوع تجاوزات في هذا الملف٬ ملف السلفيين٬ وقد بدأت الاشتغال على ملف السلفيين منذ 2002٬ كنت حينها نائبا برلمانيا٬ قبل وقوع أحداث الدار البيضاء٬ حين اعتقل الشيخ حسن الكتاني٬ وشكلنا لجنة للدفاع عنه مشكلة من عدد من الرموز السياسية والحقوقية والقانونية٬ منها محمد زيان ومصطفى الرميد خالد السفياني وعباس الفاسي وغيرهم٬ وربطنا الاتصال باليازغي ووزير العدل آنذاك الراحل بوزوبع٬ زيادة على ذلك فحزبنا كان الحزب الوحيد في بياناته٬ الذي يطالب بإطلاق سراح المعتقلين الإسلاميين.
أود أن توضح ماذا قصدت بالفشل، فحسب المتتبعين يتعلق الأمر بالانسحابات والاستقالات المتكررة منه٬ كانسحاب عبد الباري الزمزمي وحمزة الكتاني والآن عبد الوهاب رفيقي٬ إلي ما تعزو هذه الانسحابات المتتالية والمتكررة؟
لم يكن هناك انسحاب للسيد الزمزمي٬ وإنما فصلناه بسبب فتاواه الصادمة للمجتمع٬ أما حمزة الكتاني فقد كانت عنده مشاكل مع الإخوان في الأمانة العامة٬ واستقالته جاءت في لحظة غضب٬ أما أبو حفص فبكل وضوح عنده مشاكل مادية ويبحث عن مخرج لضائقته المالية٬ مع كامل تقديرنا واحترامنا له.
سأعود لقضية انسحاب أبي حفص٬ ولكن دعني أسألك بخصوص قضية أثارها البعض٬ وتتعلق بأن القرارات داخل الحزب لم تكن تؤخذ بشكل شوري تشاركي ديمقراطي٬ وأن شخصا معينا هو من كان يستبد باتخاذ القرارات٬ ما مدى صحة هذا الكلام؟
أبدا٬ نحن دائما في كل صغيرة وكبيرة نستشير مع بعضنا٬ بالعكس لم نتخذ قرارات حازمة رغم وقوع تجاوزات من البعض.
دعني أوضح لك أكثر الذي يقول هذا الكلام٬ يقصد عبد الوهاب رفيقي٬ فيقول أنه كان يتمتع بمساحة واسعة لفعل ما يشاء داخل الحزب٬ دون الرجوع لبقية الأعضاء٬ ما مدى صحة هذا الكلام؟
لا أبدا غير صحيح٬ أبو حفص لم يتخذ أي قرارات٬ بل تغيب عن أغلب اجتماعات الحزب٬ بسبب انشغالات أخرى.
في اتصال هاتفي مع الأستاذ محمد رفيقي أبي حفص٬ قال لنا أن سبب استقالته٬ هو انسداد الأفق وضعف الإمكانيات لدى الحزب٬ وعدم قدرته على تنزيل المشروع الذي كان متفقا عليه؟
هذا غير صحيح٬ أولا: أبو حفص كانت عنده إشكالية مادية٬ وطلب من الحزب أن يساعده٬ وساعدناه حسب استطاعتنا. ثانيا: لم يكن لأبي حفص أي مشروع ولم يقدم أي مشروع٬ بل بالعكس نحن من طرحنا المشروع بعد إنهاء ملف المعتقلين٬ وهذا المشروع كان عنوانه: “السلفية الوطنية”. وهو من اقتراح الحزب٬ ثم بعد ذلك تواصل معنا السيد شباط للتعاون حول هذا المشروع. والسيد أبو حفص أخطأ في هذه النقطة٬ فهو لم يقدم أي مشروع٬ أما قوله أن الحزب لا يتوفر على إمكانيات فصحيح.
تحدثت بعض المنابر على أن حزب الاستقلال أفرغ حزب النهضة والفضيلة من السلفيين٬ لدرجة أن البعض تحدث عن غضبكم من استقالة أبي حفص.
أولا: لم تصلنا أية استقالة لحد الساعة٬ ثانيا: كم عدد السلفيين داخل الحزب٬ الذين انضموا لنا أصلا لم يحضروا معنا أي اجتماع٬ يعطونا أرقاما.
كم عدد السلفيين في الحزب؟
يوجد خمسة٬ قدمت إحدى السيدات استقالتها منذ مدة٬ ثم الآن أبو حفص٬ وبقي ثلاثة.
ما هو تقييمكم لتجربة حزب العدالة والتنمية؟
سبق أن قلت أن الإخوان في العدالة والتنمية تسرعوا في تحمل المسؤولية٬ لأن الحكم والتسيير ليس هو المعارضة٬ خاصة أنها تنقصهم التجربة٬ والحزب يشتغل ضمن حكومة مكونة من أحزاب٬ لذلك يصعب تقييم أدائه مستقلا٬ والأصل تقييم الأداء الحكومي. بالنسبة لي هناك إنجازات وهناك إخفاقات. وكنت أتمنى من الحكومة لو أنها اشتغلت على تصحيح الجانب الأخلاقي٬ لأن الإنسان هو محور أي عملية تنموية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الأمين العام لحزب النهضة والفضيلة.