من المفارقات العجيبة…

26 مايو 2024 18:11

هوية بريس – محمد بوقنطار

أن يعيش الذكر حياة مليئة بالموبقات، فهو الزير، الخدن، المسافح، الذي عاش حينا من ماضيه يبدل الأعراض تبديل المنتعل لجواربه، حتى إذا حصل له الإشباع من الإمتاع، ورام أن يكمل دينه كما هو الفأل المشهور، والكلام المعهود، فزع إلى الرمي بثقل الاختيار على كاهل أمه أو قريب منه محل ثقة وصلاح وحكمة وتجربة، ثم جالسه مجالسة الشرط واسترسل معه في عوارض الضوابط، ومسترسل المميزات والمئنات التي يريدها في شريكة حياته، يذكرك تشارطه ودقة استفساراته وملحاح توصيفه، بقصة موسى مع قومه وقد أمرهم الله بذبح بقرة -أي بقرة- فالنكرة في سياق الأمر تعم، لكنهم صيروها البقرة: البكر، الفارض، العوان، المسلمة، الصفراء الفاقع لونها، التي تسر الناظرين، والتي تثير الأرض، ولا تسقي الحرث، ولا تحمل علامة تقدح في صفاء مستوعب احمرارها حتى ما كادوا يفعلون…

فبينما هو طافق معرض مقبل مدبر متردد بين هذا الاختيار وذاك الاختيار، يهجم عليه الريب تارة، وتأخذه العزة بالإثم تارة أخرى، يدور الحول عليه، ويردفه العام، وتعقبه السنة، ثم لا يأتي ذلك اليوم الذي فيه يعصر هذا المختار، ويغاث فراشه، فإذا بشيب الوقار قد غزا دوائب رأسه، ومفرق شعره، تراه يهمهم في استحياء فيقول: يا ليت الشباب يعود…

أيها الباحث عن العفة لست صحابيا حتى تبحث عن صحابية، ولست تابعيا حتى تنقب عن تابعية، ولست كاملا حتى تتحسس النقص في غيرك، وإنما الأصل أن تعقد العزم، حتى إذا استوى زرع الاختيار فزعت إلى استخارة من خلقها ودبر أمرها فإنه ما خاب من استخار، وخاب من استشار بشرا لا يعلم الغيب ولا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، ناهيك أن يجلب الأول لغيره أو يدفع الثاني عن سواه، نسأل الله أن يستر علينا بستره الجميل آمين.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M