نبي الله إسحاق عليه السلام.. وحديث القرآن الكريم عنه
هوية بريس – د. علي محمد الصلابي
ما وَرَد عن إسحاق – عليه السّلام – لم يصل إلى درجة التفصيل كما ورد الحال مع بعض الأنبياء مثل: موسى وسليمان ويوسف وعيسى عليهم السّلام، وإنما كانت إشارات منها:
1-هبة من الله: قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ} الأنبياء:72.
فآنس الله سبحانه وتعالى إبراهيم عليه السلام في غربته، ورزقه الذرية الطيبة الصالحة بعد أن تقدم به العمر، وعاش حتى قرّت عينه برؤية حفيده يعقوب بن إسحاق، كما وهب له سبحانه إسماعيل قبل ذلك أيضاً من هاجر المصرية، ويبدو أن الآيات سكتت عن ذكر إسماعيل هنا؛ لأنه عاش مع أمه هاجر منذ كان رضيعاً في أرض الحرم بعيداً عن إبراهيم – عليه السّلام -، فما اسـتأنس إبراهيم في العيش معه كما استأنس بإسحاق ويعقوب عليهما السلام. [التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم، 6/384].
وفي كلمة {وَوَهَبْنَا لَهُ} تعني: أن الابن الصالح هبة من الله عزّ وجل، فمن كان له ولد صالح، فليسجد لله عزّ وجل، وليتضرع إليه بقوله: يا ربي لك الحمد على هذه النعمة، فما من نعمة أعظم من أن يكون لك ولد صالح، يعبد الله من بعدك ويعلّم الناس من بعدك. [تفسير النابلسي “تدبر آيات الله في النفس والكون والحياة”، 9/221].
فكيف بإبراهيم – عليه السّلام – الذي رزقه الله إسحاق ويعقوب وجعلهما من الأنبياء والأئمة الذين يهدون بأمر الله، وأوحى إليهم فعل الخيرات والمحافظة على الصلوات وإعطاء الزكوات، ووصفهم بأنهم {وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} ]الأنبياء:73[.
2-الموحى إليه: قال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} ]النساء:163[.
3-غلام عليم: قال تعالى: {قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} ]الحجر:53[.
4-الصّلاح: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} ]الصافات:112[
5-من أولي الأيدي والأبصار: قال تعالى: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ} ]ص:45[.
6-ممن أتم الله نعمته عليه: قال تعالى: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ]يوسف:6[.
7-على ملة التوحيد: قال تعالى: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} ]يوسف:38[.
8-مُبشّر به: قال تعالى: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} ]هود:71[.
بعثة إسحاق عليه السلام:
ذكرت كتب التاريخ أن الله بعث إسحاق – عليه السّلام – إلى الكنعانيين الذين كانوا يسكنون بلاد الشام وفلسطين، فدعاهم إلى التوحيد وعبادة الله وحده لا شريك له سائراً على درب جميع الأنبياء والمرسلين.
يقول الله تعالى – على لسان يوسف عليه السلام – {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} ]يوسف:38[، وقد تزوج إسحاق – عليه السّلام – “رفقة” بنت ابن عمه، وأنجب منها ولدين “العيص” الذي يسميه أهل الكتاب “عيسو”، والثاني “يعقوب” عليه السلام الملقب بإسرائيل، وهو الذي بشر به جدّه إبراهيم – عليه السّلام – وجدّته “سارة”.
وعندما توفي إسحاق – عليه السّلام- دفن في الخليل حيث دفن أبوه إبراهيم عليه السلام، كما تذكر كتب التاريخ. [في صحبة الرسل الكرام، السيّد عبد المقصود عسكر، ص9].
ملاحظة هامة: استفاد المقال مادته من كتاب: “إبراهيم – عليه السلام – أبو الأنبياء والمرسلين”، للدكتور علي محمد الصلابي.
المراجع:
- التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم، نخبة من كبار علماء القرآن وتفسيره بإشراف الأستاذ الدكتور مصطفى مسلم، كلية الدراسات العليا والبحث العلمي، جامعة الشارقة، الإمارات العربية، 2010م.
- تفسير النابلسي “تدبر آيات الله في النفس والكون والحياة”، د. محمد راتب النابلسي، مؤسسة الفرسان، عمان، الأردن، ط1، 2017م- 1438ه.
- في صحبة الرسل الكرام، السيّد عبد المقصود عسكر، دار البشير للثقافة والعلوم، القاهرة، 2000م.
- إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء والمرسلين، د. علي محمد الصلابي، دار ابن كثير، الطبعة الأولى، 2020م.