حين تحتفل الحداثة بالخرافة: قراءة في الكريسماس

25 ديسمبر 2025 18:18
الكنبوري، الكريسماس، المسيح

هوية بريس – متابعات

تتجدد، مع حلول موسم الاحتفال بعيد ميلاد المسيح عليه السلام، النقاشات المرتبطة بصورة المسيح في الأناجيل، وبطبيعة الاحتفاء به في المجتمعات الغربية، بين من يراه طقسًا دينيًا ومن يتعامل معه كمناسبة علمانية ذات طابع حضاري.


غير أن هذا المشهد، كما يلفت المفكر المغربي الدكتور إدريس الكنبوري، يطرح أسئلة فكرية عميقة حول التناقضات الكامنة في الخطاب الغربي الذي يُقدَّم نموذجًا للعقلانية والحداثة.

احتفال حضاري أم إشكال عقدي؟

يشير الدكتور الكنبوري إلى أن الغرب، الذي يُنظر إليه “الكثير من المتخلفين” في العالم العربي والإسلامي بوصفه نموذج التقدم والتحرر من “الغيبيات”، يحتفل بميلاد المسيح بوصفه إلهًا وُلد من رحم مريم عليها السلام.

ويطرح الكاتب تساؤلًا نقديًا لافتًا حين يذكّر بأن “المولود محتاج إلى الوالد وفي حاجة إلى تربية، ولا بد أن كل من يولد سيموت”، في إشارة إلى المفارقة بين مفهوم الألوهية وحقيقة الولادة البشرية.

إله يُولد… وخالق تُنجبُه مخلوقة

ويتوقف المقال عند واحدة من أبرز الإشكالات اللاهوتية في التصور المسيحي كما يقدّمه الغرب المعاصر، إذ يُسمّى المسيح خالقًا، بينما تُنسب ولادته إلى مريم عليها السلام.

ويكتب الكنبوري في هذا السياق: «يسمون المسيح الخالق، مع أنهم يقولون بأن مريم هي من أنجبته، أي أن المخلوق أنجب الخالق»، قبل أن يثير سؤالًا منطقيًا مسكوتًا عنه: من أنجب المخلوق الذي أنجب الخالق؟

ازدواجية الإله والإنسان

ومن المفارقات التي يبرزها المقال كذلك القول بولادة المسيح “إنسانًا وإلهًا في آن واحد”، وهو ما يفتح، بحسب الكاتب، باب تساؤلات عقلية معقّدة حول طبيعة هذه الثنائية.

ويتساءل الكنبوري: كيف يعبد المسيح نفسه؟ أو كيف يعبد الإنسان الذي فيه الإله الذي فيه؟

وهي أسئلة، وفق الكنبوري، لا تحظى بنقاش جاد داخل الخطاب الغربي السائد.

صلب الإله ونهاية الرومان

ويمضي الكاتب إلى طرح إشكال تاريخي وعقدي آخر، حين يذكّر بأن الرواية المسيحية السائدة تنتهي بصلب المسيح وقتله على يد الرومان.

ويتساءل بسخرية فكرية لاذعة: «كيف انقرضت حضارة الرومان الذين قتلوا الإله، وهل حضارة قتلت الإله يمكن أن تموت؟»!

خرافة مرفوضة هنا… ومقبولة هناك

ويختم الدكتور الكنبوري مقاله بنقد لاذع لما يسميه ازدواجية المعايير لدى بعض النخب التي ترى “الخرافة” حكرًا على الإسلام، بينما تتغاضى عن مفاهيم عقدية مسيحية ما تزال حاضرة بعد ما يُسمى بـ”الإصلاح الديني”.

ويضرب مثالًا باعتقاد تحويل الخمر إلى “دم المسيح”، متسائلًا بسخرية:

«فكم من قنينة كانت في عروقه؟ وما نوع الخمر الذي كان فيه؟».

قراءة في المفارقة

تقدّم هذه القراءة النقدية، كما يصوغها الدكتور إدريس الكنبوري، طرحًا فكريًا يضع الخطاب الغربي الحداثي أمام مرآة تناقضاته، ويعيد فتح سؤال العقلانية الدينية وحدود النقد الانتقائي، خاصة حين يُستعمل معيار “الإصلاح” أداة لمساءلة الإسلام، دون إخضاع الموروث المسيحي الغربي للمنطق نفسه.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
13°
15°
الجمعة
15°
السبت
15°
أحد
15°
الإثنين

كاريكاتير

حديث الصورة