“هسبريس” والدعوة إلى اعتماد الأمازيغية والدارجة في خطبة الجمعة: رغبة في تبسيط الخطاب المِنبري أم حرب ممنهجة على الفصحى؟
هوية بريس – محمد زاوي
تنزع “هسبريس”، ما مرة، إلى “تفكيك الخصوصية” المغربية تحت قناع “الحفاظ عليها”. ولذلك، فإننا لم نتفاجأ هذه المرة إذ وجدناها تسعى إلى “استهداف اللغة العربية” تحت قناع “تبسيط خطب الجمعة للناس”.
وادعى مقال نشرته “هيسبريس” على موقعها تحت عنوان “لماذا لا يلقي الأئمة “خطبة الجمعة” باللغة الأمازيغية أو الدارجة المغربية؟”، معاناة عامة الناس عسرَ فهمِ خطب الجمعة في المغرب، الأمر الذي يطلب إلقاء تلك الخطب بالأمازيغية في المناطق الأمازيغية، والدارجة في باقي المدن والقرى، عملا بما يُعمَل به في بلدان إسلامية غير عربية كثيرة.
فلننظر، إذن، إلى حجم التدليس والتلبيس والاستهداف في هذا المقال:
– إيهام الناس بأن المغرب بلد إسلامي غير عربي كباقي البلدان الإسلامية غير العربية، وهنا تكمن الخطورة في مقال “هسبريس”. والحقيقة، أنه تمّ تعريب المغرب منذ الفتح الإسلامي، وقامت دولته على أساس من العربية المكتوبة، وربطته أواصر الفصحى بمحيطه الإقليمي العربي. ولذلك، فتشبيهه ببلدان أخرى إسلامية غير عربية هو إهمال -مقصود على الأرجح-لرسوخ العربية، شفهية وكتابية، في أرض المغرب.
– تدخل الخطباء بالدارجة من عرف الخطباء المغاربة، وبساطة أسلوب التعبير هو ما يحرص عليه أغلبهم. فتتحقق فائدة الإفهام والبلاغ والتأثير بنسب معتبرة، من غير استهداف للعربية، ومن غير بحث عن خصومة مفتعلة بينها وبين العاميات (الدارجة، الأمازيغية).
– المنبر يمثل الدولة، والدولة عربية إسلامية، وهو ما يجب أن يتحمل أمانته ومسؤوليته المنبر. وبالتالي، فاستهداف عربية المنبر من استهداف عربية الدولة، وليس كل مطلوب يؤتى مرّة واحدة.
– في استهداف عربية المنبر استهداف لمذهب البلد. فالمالكية يتشددون في وجوب عربية الخطبة، مخافة أن تبطل صلاة الجمعة، كون الخطبة في مشهور مذهب مالك تعادل ركعتي الظهر في الأيام العادية. وعليه، فإن “تلهيج” الخطبة يعتبَر خروجا عن “مذهب أهل البلد”.
وهكذا، فإن تحريض الأمازيغ على “عربية المنبر” لا يعبّر إلا عن نزوع “مزّوغي” (لا أمازيغي، لأن الأمازيغ يحبون العربية ويتقنونها، بل ويتفاخرون بتعلمها وإتقانها)، ولا يسعى إلا إلى صياغة “ظهير بربري جديد”. أما الدعوة إلى “تلهيج” المنبر، فهي كالتحريض السالف، نزعة فرنكوفونية تستر أطماعها الاستعمارية بالغيرة على فهم العامة، “كما تستر الشوهاء عيبها بالأصباغ” (بتعبير أحمد أمين).
هسبريس وراءها الإمارات و أموال الإمارات بشهادة أحد مؤسسيها و أمرها لم يعد سرا. هذا يكفي لفهم خط تحريرها و ما تريده للمغرب و شعبه المسلم.