هل تمهّد “العدل والإحسان” للمشراكة السياسية؟
هوية بريس- متابعة
لاحظ متابعون ومحللون سياسيون أن هناك تحولا ما في نبرة الخطاب السياسي لدى قيادة جماعة العدل والإحسان.
وفي سياق متصل، قال المفكر المغربي إدريس الكنبوري: “تحتفل جماعة العدل والإحسان هذه الأيام بذكرى أربعين سنة على تأسيسها؛ وهي مرحلة زمنية قاربت نصف قرن بقيت فبها الجماعة على مواقفها التقليدية المعروفة بكل ثبات”.
وأضاف الكنبوري على صفحته ب”فيسبوك”: “لعبت الجماعة دورا مهما في التوازن السياسي بالمغرب؛ وحافظت على نوع من التفاهم الضمني مع الدولة بكثير من البراغماتية؛ وقد بينت أحداث الربيع العربي بوضوح كيف أن الجماعة تفهم جيدا هامش التحرك وحدود الصدام مع الدولة؛ بحيث تكون بالنسبة للدولة شريكا في الاستقرار؛ وبحيث تجنب نفسها سيناريو الانتحار”.
وتابع شارحا: “بعد أربعين سنة نلاحظ أن الخطاب السياسي لدى الجماعة تغير وصار أكثر واقعية؛ إن جاز الحديث عن خطاب لأننا حتى الآن أمام كتابات الشيخ ياسين فقط؛ وهذا يعود لأسباب كثيرة لا مجال للتفصيل فيها أهمها قيادة حزب العدالة والتنمية حكومتين مما قلص من شعبية الخطاب الإسلامي عموما”.
ثم أردف: “طيلة أربعة عقود أنتجت الجماعة خطابا سياسيا مثاليا -ليس بالمعنى السلبي – يتحرك خارج الدولة لأنه كان يقترح نمطا آخر للدولة؛ لذلك لم يتعاط مع الوضع السياسي في البلاد إلا باعتباره وسيلة للتبشير بنموذج “نبوي”؛ وهذا ما جعل الكثيرين حتى أبناء الجماعة يفهمون أن خيار العمل من داخل الدولة غير مطروح نهائيا؛ لأن ذلك معناه توجيه ضربة قاضية إلى “العقيدة السياسية” للجماعة”.
وزاد: “فمفاهيم مثل القومة والخلافة على منهاج النبوة وغيرهما لعبت دورا مهما في مرحلة التعبئة؛ واليوم ستدخل الجماعة مرحلة التأويل. وهذا ليس جديدا في تاريخ حركات الإصلاح؛ فهي تبدأ بتطلعات أكبر ثم تنتهي بتقسيط تلك التطلعات؛ ولذلك وجدت الحركات الاجتماعية في أوروبا أن الحلول دائما تكون في منتصف الطريق؛ وكان ذلك وراء إبداع مقولة “خذ وطالب”.
وخلص المحلل السياسي إلى أن “الجماعة باتت اليوم تدرك أهمية استثمار أربعة عقود من تاريخها؛ وأن تحولها إلى فرصة سياسية إيجابية؛ وهذا ما يستشف من التصريحات والمواقف لقيادتها. بيد أن التقاليد السياسية في المغرب تقضي بأن الدولة هي التي تختار التوقيت وليس الفصائل السياسية؛ ولذلك أعتقد أن فكرة المشاركة السياسية للجماعة بدأت تنضج لدى الطرفين؛ ولكن القطاف قد يأخذ وقتا”.