هل نستهين برفع العلم الفلسطيني وسجود اللاعبين في الملاعب؟!
هوية بريس- متابعة
أحدث مونديال قطر، وخاصة انتصارات المنتخب المغربي وما رافقها من سجود ورفع لأعلام فلسطين، نقاشا حول هل نستثمر هذه المعاني المرافقة في سياق التدافع أم أنها تبقى محدودة بحدود كرة القدم، التي هي مجرد لعبة لا تخرج عن إطار الهزل والتجارة العالمية.
قال الكاتب والباحث إدريس الكنبوري: “اليوم كل ذي نظر متجه إلى قطر. الجميع ينتظر مباراة الحسم بين المغاربة والفرنسيس؛ بين المسلمين والفرنجة. ولكن المباراة الكروية تحولت إلى مباراة دينية وسياسية؛ لأن البعض يريد الانتقام من فرنسا بسبب موقف رئيسها من رسوم الكاريكاتير عن النبي المتخيل؛ ويطلب النصر؛ وكأن لسان الحال هو “اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلن تعبد في الأرض أبدا”.
وأوضح الكنبوري على صفحته ب”فيسبوك” أن “هذا الموقف يترجم اللاشعور التاريخي عند المسلمين؛ هو موقف غير حضاري عند البعض ومتطرف عند آخرين. ومهما كان الرأي فهي سيكولوجيا الجماهير؛ وسيكولوجيا الجماهير لا تحركها الأفكار والقناعات بل المشاعر والرموز والأحاسيس les émotions؛ وهو أمر حصل ويحصل في التاريخ وعند جميع الحضارات والشعوب؛ فالتفكير العاقل ليس ميزة الجماهير بل ميزة النخبة؛ وخير مثال على ذلك الحروب الصليبية؛ فقد كان الأوروبيون يسيرون آلاف الأميال حفاة عراة كالمجاذيب خلف صليب من خشب؛ وعندما توفي الخميني رأينا الناس يسقطون على نعشه كل يريد قطعة من الكفن يتبرك بها؛ ويشتري الناس اليوم أشياء تافهة لمشاهير بملايين الدولارات مثل قلم فان غوغ أو منديل أم كلثوم أو قميص مارادونا؛ وهذه أمور لن تتغير أبدا لأنها من طبيعة البشر”.
وتابع: “وقد حول العالم كرة القدم اليوم إلى رمز كوني؛ وجعلها ديانة شعبية عالمية؛ وجعل الناس تقف أمام الشاشات لساعات تتابع مباراة كما يتابع المتعبد القداس؛ وكأنهم في عبادة. وكرة القدم اليوم هي اللعبة الوحيدة التي تدفع الإنسان إلى الهياج والصراخ والتكسير والغيبوبة والعنف؛ والمعلقون الرياضيون لم يعودوا مجرد إعلاميين بل أصبحوا محرضين؛ فهم يستعملون عبارات وأوصافا حربية وسياسية؛ ويساهمون في تحويل اللعبة إلى ديانة”.
ثم قال الكاتب المغربي: “ومن الطبيعي مع كل هذا أن تصبح كرة القدم وسيلة بأيدي الدول لتحريك الجماهير؛ ووسيلة بأيدي الجماهير للتعبير عن مكبوتها؛ لأنه لا بد للمكبوت من فيضان كما يقول محمد إقبال في قصيدته التي عربها أحمد رامي وغنتها أم كلثوم”.
وأضاف: “وأنا أرى أنه من العيب وعدم الحكمة أن تكون هناك لعبة شعبية عالمية لديها كل هذه القدرة على التأثير ولا يتم استثمارها سياسيا وثقافيا. لا يجب أن نستهين مثلا برفع العلم الفلسطيني في الملاعب وما ينتج عن ذلك على صعيد الشعور العام؛ ولا بالسجود فوق عشب الملاعب وما يمثله؛ ونحن نرى الشباب يقلد اللاعبين في تحليقة الرؤوس؛ وسيكون أفضل أيضا لو تم تقليدهم في تربية النفوس”.