هل يمارس “حزب الله” الردّ دون إعلانه؟!
هوية بريس- محمد زاوي
قبل أن يوجه حسن نصر الله، الأمين العام ل”حزب الله”، خطابه بمناسبة الاحتفال التأبيني للرجل الثاني في الحزب فؤاد شكر (06/08/2024)، ظن متابعون أن الرد قد بدأ بوتيرة تصاعدية، خاصة وأن الكيان الصهيوني يرصد بين الفينة والأخرى مسيرات تقصف مواقع محددة. واليوم في خطابه، ينفي نصر الله أن تكون هذه الهجمات منذ استئناف الإسناد جنوبا، هي الرد المقصود بقوله: “سيرد حزب الله”.
في خطاب نصر الله اليوم إشارة إلى أن:
-الرد آت لا محالة: واليوم بعد مرور قرابة أسبوع على عمليات الاغتيال، يظهر أن “الرد الحتمي” كاد أن يتحول إلى “رد في الوقت والمكان المناسبين”.. وربما سيكون الزمن كفيلا بقبول هذا التحول، خاصة إذا حظي محور المقاومة بمكاسب لن تلغي الرد، ولكنها قد تتحكم في قوته. تدخل أطراف دولية وإشارة حسن نصر الله إليها، ليس كلاما عفويا بل هي رسائل تؤكد أن القرار عن “محور المقاومة”، والتفاوض يجب أن يكون مع هذا المحور.
-الرد لن يكون وفق الوقت “الإسرائيلي”: وحيث أن الكيان الصهيوني رفع تأهبه للحالة القصوى، و”يحسب كل صيحة عليه” على حد تعبير نصر الله نفسه؛ فإن الرد لن يكون جوابا على هذا التأهب، وبالتالي فهو ردّ متحكم فيه، “في الوقت والمكان المناسبين”. بتبديد “الوقت الإسرائيلي” يتم تبديد كل رد غير متحكم في عواقبه، وبهذا يتحاشى “حزب الله” حربا لا يطلبها ولا يريدها كما لا يريدها اللبنانيون جميعا.
-الانتظار “الإسرائيلي” جزء من الرد: وهذا يعني أن الردّ بدأ فعلا، وأوله الانتظار والتعب. الانتظار يدخل إذن في قول نصر الله: “الرد آت لا محالة”. إن الردّ الحتمي الذي توعد به حسن نصر الله الاحتلال “الإسرائيلي”، سرعان ما تحول إلى ردّ على مراحل، ويدخل فيه “التهديد النفسي” وتهديد الاقتصاد في الشمال.. ما يطرح السؤال عن سبب هذا التأخر؟ يقول نصر الله: عدم الارتهان للوقت الإسرائيلي.. والوقت الإسرائيلي ربما يتعجب الحرب في لبنان، أما “حزب الله” فيبحث عن إمكانية ردّ مقبول ومربح ولا يبرر الحرب..
-الرد قد يكون بتنسيق أو بدونه: قد يرد الحلف الإيراني -ومنه “حزب الله”- في وقت واحد، وقد يرد كل مكون من مكوناته على حدة وفي الوقت المناسب وحسب الظروف المناسبة. وهذا دليل ثانٍ على تبديد المعنى المباشر لقول نصر الله: “الردّ آت لا محالة”. فكيف سيصبح لهذا المعنى المباشر معنى عندما يخضع لظروف وزمن كل فصيل من فصائل المقاومة؟!
-التهديد بعواقب الرد الاقتصادية: وقد كان التهديد واضحا، بقول الأمين العام لحزب الله إن ما شيده وبناه الاحتلال من بنى اقتصادية طيلة 34 سنة في الشمال (شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة) قد يقضى عليه في ساعة أو نصف ساعة. وإذا ما تم قصف هذه البنى من طرف “حزب الله” فسيكون الردّ أخف حدة مما توقعه الإسرائيلي، وربما يمر كما مر القصف الإيراني في أبريل (ردا على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق)، أي بوعيد إسرائيلي ينهي القضية! في كلام نصر الله أيضا إشارة للإمكانات التي يمكن أن يتخذها الرد، جسا لنبض الكيان الصهيوني وموقفه من استهداف اقتصاده في الشمال. أما “حزب الله” فسيكون قد مهد لهذا الاستهداف بتسويقه كإنجاز يرجع الاعتبار للبنان وروح فؤاد شكر!
-توقع رد الكيان على الرد: عدم رد الكيان الصهيوني على رد “حزب الله” قد يثير شكوكا، لذلك فالكيان لا يريد الحرب ولو أرادها لما احتاج إلى مبرر “الرد اللبناني”. هكذا يقول نصر الله، والهدف من الممكن أن يكون: إنتاج قابلية لما بعد الردّ مهما كان القرار الإسرائيلي، وإن كان عدم الرد نظرا لتسويات مسبقة -مباشرة أو غير مباشرة.
يبقى هذا مجرد توقع بني على خطاب حسن نصر الله، وأحداث سابقة، بالإضافة إلى رفض إيران وحلفائها خوض حرب مع الكيان الصهيوني حاليا بقدر ما تريد الخروج من الأزمة الحالية بمكاسب لفائدة مشروعها القومي. أما الكيان الصهيوني فقد استفاد من أحداث الأسبوع المنصرم ما يلي: إرباك حسابات إيران وحلفائها، اغتيال قياديين بارزين في المقاومة. لم تكن إيران لتفكر فيما تفكر فيه الآن، إلا أن الكيان فرض عليها قواعد اشتباك جديدة. وهذا يطرح احتمالين: فإما أن “إسرائيل” تريد حربا مع إيران، وإما أنها توقعت ردّا كباقي الردود السابقة (الرد على مقتل قاسم سليماني، الرد على قصف قنصلية إيران في دمشق).