وقفة مع البروتوكول الاحترازي الخاص بالمساجد في زمن كورونا
هوية بريس – مصطفى المودني
من المعلوم أن الوقاية خير من العلاج وأن حفظ النفس من مقاصد الشرع بل يقدم على حفظ الدين في مسائل عديدة، ولاشك أن وزارة الأوقاف مشكورة تأخذ هذا بعين الاعتبار في فتحها المساجد بالتدرج.
ومما ينبغي لفت الانتباه إليه أن من فقه الاحتراز أمورا عديدة ربما غفل عنها المسؤولون، يمكن من باب النصح أن نعدد منها:
– فتح المساجد باكرا وتأخير إقامة الصلاة بعد الأذان لتجنب الاكتظاظ عند الدخول وما يرافقه من احتمال التقارب. فقد بينت التجربة التي عشناها طيلة شهور الحجر الصحي أن هذا القرار الغريب الذي فرض على المساجد جعل الناس تأتي إليها في حيز زمني ضيق يكون احتمال التقارب فيه كبيرا بل ينتظر بعض المصلين من المسنين أمام المسجد ويسارع آخرون بالمجيء بعد الأذان خوفا من فوات الصلاة، فيزدحمون بالأبواب بدل ترك الأمر واسعا كما كان من قبل إذ اعتاد معظم الناس أن يستعدوا للصلاة بعد سماع الأذان لا قبله.
ولنتخيل الآن بعد فتح المساجد للجمعة كيف سيكون الاكتظاظ على الأبواب خاصة مع قلة المساجد ومنع فتحها إلا عشرين دقيقة قبل الأذان؟ لاشك أن الأمر يحتاج وقفة مراجعة قبل أن يحدث مالا تحمد عقباه. والمقترح هنا أن يكون الفتح للمساجد باكرا على الأقل ساعة قبل الأذان لتنظيم دخول الناس وتوجيههم للأماكن المخصصة وضبط الدخول ثم غلق المسجد إذا امتلأ.
– مما ينبغي إعادة النظر فيه أيضا الإسراع بختم الصلاة بالدعاء ومنع الصلاة الراتبة ليخرج الناس سريعا، فهذا أيضا يجعل الحيز الزمني المخصص للخروج ضيقا وبالتالي احتمال التزاحم عند الخروج كبيرا.
فما المانع من جعل الختم كالمعتاد وترك التنفل لمن أراد لينصرف الناس تباعا؟
فالقاعدة هي أنه كلما ضيقنا الحيز الزمني للدخول أو الخروج كلما زاد احتمال الزحام والتقارب وهذا ما نريد تجنبه.
– إعادة النظر في منع حضور الناس للدروس والمواعظ وكذا الاستماع للحزب الراتب: هذا مما نعجب له أيضا فما هو الداعي إلى هذا المنع إذا جلس الناس في أماكنهم المتباعدة أكثر من تباعد المقاهي حيث يشاهد الناس مباريات كرة القدم؟
أيُّ خطر في سماع القرآن الكريم يتلى بين العشائين في فضاء كبير لا يكاد يمتلأ ثلثه واحترام المسافة بين المصلين؟
لقد أثبت رواد المساجد انضباطهم وحرصهم على تطبيق التوجيهات الاحترازية رغم ما فيها من خلل كما بينا؛فلنراجع جميعا البروتوكول الصحي المفروض على بيوت الله لتحسينه وجعله أكثر أمانا ونفعا لضيوف الرحمن.