يسألونك عن السياسة
هوية بريس – د.محمد عوام
يسألونك عن السياسة، قل هي مغانم كثيرة، وانبطاح غير يسير، ونفاق أثيم، وكلام كليل، منمق طويل، لا يشفي الغليل، سوى تدويخ الشعب المسكين، يديرها إما مغفل أو عميل، ويُبعد عنها، ويُضيق عليه، ويحارب كل صالح مصلح ذي مجد أثيل، حر أبي ما له من مثيل، رافض للذل والتزوير، والإهانة والتبذير.
يا لكِ مِنْ قُبّرَة ٍ بمعمرِ خلا لكِ الجوّ فبيضي واصفِري
قد رُفِعَ الفَخُّ، فماذا تَحْذَري؟ ونقّري ما شِئتِ أن تُنقّري
قد ذَهَبَ الصّيّادُ عنكِ، فابشِري، لا بدّ يوماً أن تُصادي فاصبري
لكن للتنقير حد محدود ويوم موعود مشهود، يوم يقوم الناس لرب العالمين، فتنطق الصحائف، وتخرس الألسن، يومها تنقضي قصة الحياة، وتبدأ أخرى فأين حظ السياسة والسياسيين منها، وطبعا جميع الناس حكاما ومحكومين، رؤساء ومرؤوسين، يجيب عنه قوله تعالى: “فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره“.
إن الأنظمة الضعيفة تتسم بسمتين رئيستين: الأولى أنها تصرف ضعفها في الاستبداد والفساد، لإخافة الشعب وإغراقه في بحر لجي من الفساد بشتى أنواعه، وعلى رأسه الفساد الأخلاقي والتعليمي والتربوي إلخ. والثانية: غلق باب الحوار، لأنها غير قادرة على المناقشة الهادئة والهادفة التي من خلالها تلبى المطالب المعقولة والمشروعة والحقة، فإحساسها بالهزيمة النفسية تستبدلها بالقمع والعنف، وهذا ما حصل لفرعون، انهزم في المناظرة فلجأ إلى المكابرة والمواجهة، فكانت نتيجته الهلاك. وهذه سنة ماضية إلى يوم القيامة، ولن تجد لسنة الله تبديلا.
ثم إذا ما سأل المرء نفسه وشرع في البحث عن سبب ضعف هذه الأنظمة، وسبر وقسم كل علل الضعف، مهما كانت لها من مصداقية بحثية وواقعية، فإنه في الأخير سيخرج بالنتيجة الفاصلة أن السبب الحقيقي لضعف هذه الأنظمة كونها غير نابعة من إرادة شعبية حرة ونزيهة، فهذا هو الداء العضال، الذي تتفرع عليه كل الأدواء والعلل، فلذلك تتخذ الأنظمة الضعيفة شعار فرعون (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) (وأضل فرعون قومه وما هدى).
والله المستعان.