نقول مختارة من كتاب «الأخطاء الستة للحركة الإسلامية بالمغرب» للشيخ فريد الأنصاري
د. البشير عصام
هوية بريس – الأربعاء 02 شتنبر 2015
هذه نقول مختارة عن الشيخ فريد الأنصاري -رحمه الله- من كتابه “الأخطاء الستة للحركة الإسلامية بالمغرب” تحتاج إلى تأمل، قبل أن يتسع الخرق، وتعسر الأوبة.
وفي ضمنها التنبيه على قضية محورية مغفول عنها للأسف، وهي: أن العمل السياسي زاحَمَ البدائل الأخرى حتى أضعفها وأبطلها، وليس كما يظن بعض الناس أن المشاركة السياسية ما كانت إلا لغياب البدائل الأخرى!
فالمشاركة السياسية الديمقراطية هي: الدينار البهرج اللامع، الذي إذا وضعته أمام عينك خلبك ببريقه، وأنساك الكنوز المعروضة في الأفق.
ومن قواعد البصريات المعروفة: أن الشيء الصغير إذا قربته من عينك جدا، حجب عنك الأفق الواسع العريض، فكيف إذا كان هذا الشيء الصغير مع ذلك لامعا براقا؟!
ولن ترى الأفق من جديد، إلا إذا رجعت خطوة إلى الوراء!
فإليك النقول، واصبر على قراءتها:
النقل الأول:
”.. ظهرت فكرة التخصصات في العمل الإسلامي على جميع المستويات: الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، والإعلامية، والنقابية، والسياسية وانطلقت الحركة الإسلامية تقسم ميراثها على أبنائها في حياتها! ولكن النتيجة أن كل التخصصات التي أعلن عن ميلادها ماتت في مهدها إلا التخصص السياسي! هو وحده نما وتضخم واحتل كل المساحات الأخرى!
(..) وانسحبت التربية الإيمانية الدافئة من مجالس الإخوان لصالح التربية السياسية القارسة! ثم انتصبت مرايا الأهواء والشهوات أمام الشباب، فتساقط الفراش على اللهيب! وكانت المأساة!”
النقل الثاني:
”انخرطوا بذلك -على كل حال- في بناء خطاب مادي بالدرجة الأولى، يحلل الأزمات الاقتصادية ومشكلات البطالة، والرد السياسي على الهجومات الإلهائية، التي تصدر عن بعض متعصبي اليهود والنصارى، أو عن بعض زنادقة المسلمين، فيخرجون المظاهرات وينظمون المسيرات ثم يؤوبون في المساء إلى مواقعهم سالمين مطمئنين إلى أنهم قد أنجزوا من “النضال” ما يشفع لهم عند الله يوم القيامة، عندما يسأل الناس عن دينهم ماذا فعلوا فيه! ونسوا القضية الكبرى: قضية الإنسان مع خالقه ومصيره في آخرته! كيف كان في عبوديته؟ أمن الأوابين التوابين أم من الآبقين الشاردين؟”.
النقل الثالث:
”ثم إن اتخاذ حزب سياسي للعمل الإسلامي مبدئيا إنما يصلح عندما تكون ظروف العمل الإسلامي -باعتباره منظومة دعوية تجديدية شاملة- غير ممكنة في البيئة أو متعذرة، وبشرط أن تكون إمكانات العمل السياسي غير مؤدية إلى نتائج عكسية على مستوى الدين والتدين، ولقد علم في قواعد أصول الفقه أن “كل فرع عاد على أصله بالإبطال فهو باطل!”.
ولقد كان بإمكان الحركة الإسلامية بالمغرب أن تصل إلى أفضل النتائج السياسية -دون أن نتخذ لها حزبا- لو أنها اشتغلت كقوة دينية دعوية، حاضرة برجالها وأفكارها في كل ميدان منتشرة في كل قطاع. من المسجد إلى المعمل ثم إلى الإدارة! ومن التعليم إلى الإعلام ثم إلى الاقتصاد. لقد كان بإمكانها أن تجعل بعض الأحزاب السياسية الأخرى تنخرط في تطبيق الممكن من برامجها السياسية دون أن تنزلق هي إلى شرك الاستهلاك التجزيئي لقوتها! ولكن بعد زمن يمكنها من إنضاج تأثيرها السياسي غير المباشر في الهيئات والمؤسسات، لكن عقدتها كامنة في أنها تنظر في عملها إلى الممكن وغير الممكن في اللحظة الآتية فقط، وتلك هي مشكلتها، إن ما ليس بممكن اليوم قد يكون ممكنا غدا، إذا قدمنا شروطه العملية عند الانطلاق، وسرنا في الاتجاه الصحيح لقد كان بإمكان الحركة الإسلامية أن تكون ما أرادت لو أنها أرادت وجه الله حقيقة ولم تستعجل أمرها، إن سر الخطأ لديها أنها استثمرت كل طاقتها في الهياكل والأشكال دون أن تستثمرها في الإنسان!”.
النقل الرابع:
”رسخت صورة العمل الإسلامي غير المتوازنة في أذهان كثير من الإسلاميين وتضخم التصور السياسي للدين! وضمر موقع العبادات من مساجد وصلوات! وصرت تسمع اتهام هذا المتكلم أو ذاك من الدعاة والعاملين للإسلام بأنه صاحب “خطاب وعظي” أو أنه ” غارق في الفقهيات”! بل إن منهم من كان يدعو إلى ترك الأحكام الفقهية للمساجد، وأن الساحة إنما هي خالصة للخطاب السياسي والتحليل السوسيولوجي!”.
النقل الخامس:
”انهار العمل التربوي والدعوى بصورة رهيبة، وضعفت مقاصد التعبد لدى أبنائه بسبب بروز المغانم السياسية وتطلع ضعيفي الإيمان منهم إلى إغراءاتها المادية ثم بسبب حماسة العمل السياسي وسرعته وثقل العمل التربوي على النفس بما يحمل من مغارم وتكاليف، وما يتطلب من إعداد روحي، ومجاهدة للنفس قبل مجاهدة الغير: (إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا)!”.
النقل السادس:
“وقدس الناس الديمقراطية الليبرالية تقديسا، سواء فيما هي صالحة فيه، أو فيما ليست فيه بصالحة! واعتبروها “نهاية التاريخ” فلا أحد يستطيع انتقاصها ولا انتقادها، ولا التمييز بين خيرها وشرها،..
ووقعت الحركة الإسلامية أيضا في الفخ! فاستوعب تنظيمها الميكانيكي زبور الديمقراطية وأدى صلاتها، وأتقن خشوعها، وأحسن سجودها وركوعها!”.
بارك الله فيكم ورحم الله الشيخ