غريب على باب الرجاء
الشيخ عمر القزابري
هوية بريس – الثلاثاء 06 أكتوبر 2015
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله صلى عليه وعلى آله وصحبه اجمعين، أحبابي الكرام:
إلهنا:
يا أنيس المنقطعين، ومقيل عثرات المسيئين، يا حبيب قلوب العارفين، نشهد لك بالوحدانية، ونقف على عتبات العبودية، نمرغ الخد، ونذرف الدمع بلا حد، ونحاول الكف عن الصد، أي خالقنا: هل للوجود معنى بدون معرفتك.
حبيبنا: على الطريق قواطع، وفيها عتبات وموانع، وما أسرع ما تزل القدم، فجد علينا برحمة تدخلنا بها في عبادك الصالحين، وحزبك المفلحين، نحاول الإمساك بحبل وصالك، فيأبى القطاع إلا أن ينزعوا الحبل من أيدينا، نعض بالنواجذ فيصر الأعداء على قلع نواجذنا، وأشد هؤلاء القطاع علينا، أنفسنا، ندافعها كما ندافع السيل الهادر، والأيام بيننا دول وسجال، وتقلبات وأحوال، يوم نصر، ويوم كسر، يوم تتفجر فيه عين الانبجاس، ويوم قحط وانحباس، يوم تنزل فيه أمطار الوصل على أرض القلب فتهتز وتربو، ويوم تحرم النفس هذا الغيث بما كسبت فتكبو وتنبو، ونحن نواصل المسير نجري ونمشي ونحبوا، ونمني النفس ونرجوا ونصبوا، نقصر نفرط نخطئ ونهفوا، وأنت سيدي تجبر تستر تداوي وتعفو، حبك في قلوبنا في دمانا، ولكن للنفس إقبال وإدبار، فإن أقبلت فبتوفيقك يقينا، وإن أدبرت فبمعاصينا، ونحن مابين هذا وذاكا، نصيح ربنا رحماكا، نرجوا عفوك نرجوا نداكا، إن صلينا وعبدنا فما ذاك منا، ولكن لك الحمد في ذا وذاكا.
أنا غريب على باب الرجاء، يضيق قلبي فأقلب وجهي في السماء، لكل وجهة هو مولاها، فولني قبلة ترضاها، نريد أن نحمدك فيعجز اللسان عن الكيف، فتخر العبارات سابحة في أنهار جودك، فيقول لسان الحال، نيابة عن عجز المقال، يا رب لك الحمد الذي تعلم أنك أهله، كيف لي أن أحمدك وأنا ذرة متناثرة في كون لا محدود، إذنك لي بالسجود بين يديك نعمة منك كيف أشكرها، وإدخالي في زمرة عبادك منة كيف أنكرها، فجد علينا بوبل من غيثك هطلا، فمن حرم وصلك فهو أجذم الملا.
عجبا لمن يحاربك، والأعجب عفوك وحلمك، عجبا لمن يستغيث بغيرك، ويرجو سواك، ويقصد من عداك، عجبا للكهان ما أغباهم، عجبا للسحرة ماذا دهاهم، عجبا للقتلة الظلمة من غرهم، عجبا لنا لغفلتنا وشرودنا، ولو كنا نعقل ما غفلنا عن ربنا طرفة عين، ولكنها الغفلة والشهوة والبين، إلهنا :لسان العجز يصرح بالتقصير والزلل، ولسان الرجاء يصيح متعلقا بالأمل، وسلوتنا شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، فأقبل معتذرا معتبرا، وارحم مذنبا مقصرا، وارحم أمة تصيح من القهر والقتل والسفك، والبغي والغي والفتك، والبوح والتصريح، لسان الاعتراف الصريح، ودمعات الاعتراف، تذيب جبال الاقتراف، فارفع الغمة، عن هذه الأمة.
أيها التائه في لجج العناد، ولكل منا من هذا المنادى نصيب، مالك لا ترعوي، ولا تعزم ولا تنوي، شهوتك يقظى فأنمها، ونفسك نائمة فأيقظها ،وحياتك فرصة فاغتنمها، قبل أن يشيب القذال، إياك أن تنزل على طاعة هواك في الركون إلى الشيطان وخطراته، والميل إلى اتباع خطواته، فإنه يعدك ويمنيك، ويشقيك ويعنيك، فلا تشعر إلا وقد انحنى غصن القامة، وصار شعرك الأسود ثغامة.
أنا غريب على باب الرجاء، أرجو خالق الأرض والسماء، ليس لي حاجة عند زيد أو عمر، إنما حاجتي عند من بيده الأمر..
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري.