الحلفاء يشتكون لأوباما بعد صدور معلومات حول التجسس الأميركي
هوية بريس – أ ف ب
الجمعة 25 أكتوبر 2013م
بات الرئيس الأميركي باراك أوباما معتادا على التقاط سماعة الهاتف ليستمع إلى قائد أجنبي آخر يشتكي من حملة التجسس الواسعة النطاق للاستخبارات الأميركية.
الإثنين كانت فرنسا؛ الأربعاء ألمانيا؛ ولا أحد يعلم من سيتصل لاحقا من الحلفاء احتجاجا على اعتراض وكالة الأمن القومي الأميركية على مراسلاته الإلكترونية أو اتصالاته الهاتفية.
وبدأت المعلومات السرية التي تنكشف بالتدريج والتي نشرها المستشار السابق الفار مع الاستخبارات الأميركية “إدوارد سنودن” تصبح أكثر من مجرد إزعاج للبيت الأبيض. فهي تنسف مزاعمه بأنه أنقذ العلاقات الأميركية التي فترت في عهد جورج بوش مع أصدقائها في الخارج.
فصورة أوباما الذي تلقى استقبال الإبطال سابقا عبر الأطلسي بدأت تتحول في نظر الكثير من الأوروبيين لتشابه صورة سلفه “جورج دبليو بوش”.
وأدى تأنيب من المستشارة الألمانية “انغيلا ميركل” التي نادرا ما تبدر عنها فورات غضب إلى نقل المسألة إلى مستوى آخر تماما من الحنق الدبلوماسي الأربعاء.
فقد اتصلت “ميركل” بأوباما وقالت له إنه إن كانت وكالة الأمن القومي تنصتت بالفعل على هاتفها الجوال فستعتبر الأمر “انتهاكا خطيرا للثقة” وطالبت بأجوبة.
وقد تعتبر هذه البادرة خطوة سياسية منطقية نظرا إلى الضغوط التي تتعرض إليها بسبب المعلومات حول مراقبة الاستخبارات الأميركية ملايين الاتصالات الهاتفية الخارجية والرسائل الالكترونية في إطار حملة مسح معقدة لمكافحة الإرهاب.
لكن يبدو أن الأمر أبعد من ذلك.
فهل يمكن أن تكون السيدة التي شبت في ظل مراقبة شرطة ألمانيا الشرقية السرية (ستازي) المشددة اعتبرت هذه المعلومات كتعد شخصي؟
وصرح “ستيفن زابو” من صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة “أعتقد أن العلاقة بينها وبين أوباما ستتضرر”، وتابع “أعتقد أنها اعتبرت الأمر إهانة شخصية”.
وبذل أوباما جهودا كبرى للتودد إلى “ميركل” وهو يتحدث في مجالس خاصة بإعجاب عن فكرها وذكائها السياسي.
لكن ما أعلنه البيت الأبيض عن الاتصال لن يحد من الغضب في ألمانيا.
فالمتحدث باسم أوباما “جاي كارني” أفاد أن الرئيس أكد لميركل أن واشنطن “لا تراقب ولم تراقب” اتصالاتها.
وهذا التصريح خلف انطباعا بأن محادثاتها ربما تعرضت للتنصت في السابق.
لكن فيما تواصل واشنطن التأكيد لحلفائها على غرار فرنسا وألمانيا أن مخاوفهم “مشروعة” لا يبدو عليها أي ندم على أنشطة وكالة الأمن القومي الفائقة السرية.
ووعدت إدارة أوباما القادة الأجانب بالسعي إلى التوازن بين الأمن والخصوصية، لكنها لم تحاول الاعتذار عن أنشطة تؤكد أنها حيوية لتفكيك شبكات الإرهاب العالمية.
لكن في المجالس الخاصة يؤكد المسؤولون أن جميع الدول تتجسس على غيرها وحتى على حلفائها وأن “ميركل” أحد الأهداف المشروعة في لعبة التجسس الواسعة.
كما يشيرون إلى التعاون الأميركي مع وكالات الاستخبارات الأجنبية في تلميح إلى أن الحكومات التي تحتج علنا على التجسس الأميركي داخلة في اللعبة.
ويشكك المسؤولون الأمنيون في حقيقة الكثير من التقارير التي تستند إلى المواد التي سربها “سنودن”.
فحتى إن كانت وكالة الأمن القومي تسجل ملايين الاتصالات والرسائل من خلال برامج معقدة فهذا لا يعني أن الولايات المتحدة باتتهيئة عليا قادرة على “التنصت” على أي حديث يومي.
لكن هذه الحجة لا تقنع الدول التي يعارض سكانها القوة الأميركية ولا سيما وسط ضجة إعلامية تهدف إلى إثارة العواطف.
ويحذر محللون من احتمال مواجهة شركات التكنولوجيا الأميركية العاملة في أوروبا تبعات هذا الملف حيث قد يستغل الغضب الذي أثاره للدفع إلى أنظمة إضافية لحماية البيانات في اتفاق مقترح للتجارة بين الولايات المتحدة وأوروبا.
في الوقت نفسه تدور لعبة سياسية يسارع القادة الأجانب الذين تضعف شعبيتهم فيها إلى استغلال إحراج وكالة الأمن القومي.
واستغلت الرئيسة البرازيلية “ديلما روسيف” معلومات بأن الوكالة تتجسس على الحكومة البرازيلية والمصالح التجارية لتحول الانتباه عن مشاكلها السياسية، فألغت زيارة رسمية إلى البيت الأبيض وهاجمت واشنطن في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
أما الرئيس الفرنسي “فرنسوا هولاند” الذي تشهد شعبيته تراجعا حادا فوجه انتقاداته في أثناء اتصال هاتفي مع أوباما الإثنين، بعد تقرير لصحيفة لوموند أكد اعتراض الأميركيين ملايين الاتصالات الهاتفية في فرنسا.
وأحدث رئيس المكسيك الجديد “انريكي بينا نييتو” ضجة واسعة بعد معلومات عن دخول الوكالة الأميركية إلى بريده الالكتروني الخاص.
لكن الرئيس السابق “فيشينتي فوكس” أكد أن “لا جديد في حصول عمليات تجسس في جميع الحكومات حول إعلام بما فيها المكسيك”. وتابع “لا أفهم أسباب كل هذه الضجة”.
واعتبر المسؤول السابق عن عمليات وكالة الاستخبارات المركزية “جوزيف ويبل” من قسم العلاقات الدولية في جامعة بوسطن أن المعلومات الأخيرة ينبغي ألا تفاجئ أحدا، وهي في الواقع مديح لألمانيا.
وصرح أن “المستشارة ميركل مهمة، إن كانت وكالة الأمن القومي لا تراقب اتصالاتها فذلك لأنها عجزت عن ذلك”.
وتابع “كيف يمكن ألا تسعى الوكالة إلى التنصت على الشخصية التي صنفتها مجلة فوربس بأنها ثاني أقوى شخصية في العالم بعد الرئيس أوباما؟”.