رأي طلابي في «نظام كلية القرويين الجديد» عام 1936م
ذ. إدريس كرم
هوية بريس – الثلاثاء 05 نونبر 2013م
تقديم:
نشرت جريدة البصائر (لسان حال علماء الجزائر) سنة 1936م (1/364)، تحت عنوان: (نظام القرويين الجديد)؛ مطلبا طلابيا رفع إلى المرحوم محمد الخامس وقته.
نص المطلب
“بعد أن لاحظنا من النظام الجديد طيلة بضع سنين من النتائج الجمة ما لاحظناه، وجب أن نتقدم إليه بانتقاداتنا التي يستاء منها العدد الكثير من الطلبة والأساتذة، ويستاء منها أيضا الرأي العام، بعد الاعتراف بجميله، وتحبيذ غايته، وشكر المساعي العاملة التي قام بها هيئة الشباب المخلص، الذي ارتكز على كاهله تأسيس النظام.
وبعد شكر أولئك الجلة الذين أسسوه وسعوا جهدهم في موافقة الصالح العام.
نعم صبرنا طيلة هذه المدة، حتى نرى التحسينات التي وعدنا بإلحاقها، واستدراكها على النظام؛ وها نحن الآن نرفع صوتنا لصاحب الجلالة مولانا السلطان (سيدي محمد) طالبين من جلالته إلفات نظرة من نظراته القوية في إصلاح الخلل الذي يعوق النظام من بلوغ الغاية التي يقصد لها، والذي يفسد عليه حثيث سيره الكفيل بجميع آمال جلالته وأمل شعبه الكريم الذي يرثي لحالته البائسة.
وبعد:
إن شعبك يا مولانا الملك يحبك ويميل إليك، ويرجوك أن تسهر على مصالحه كما أنه ساهر على ما تحبه وترضاه، وهو طوع أمرك ونهيك ورهن إشارتك، وأولى المصالح التي يهمك أن تنظر فيها وترقبها بنفسك مهمة انتشار العلم بإيالتك الشريفة ومحق داء الأمية العياء، المهمة التي ما فتئت تفكر فيها، وتعمل لها، وأقوى برهان لنا على زيادة اهتمامك بهذه المهمة، ذلك النظام الجديد الذي أحدثته في عصرك الغض الزاهر، فكان عنوان همتك الطافحة، وأنموذج أعمالك الخالدة، التي أبقاها لك التاريخ مع ما أبقى لك ولسلفك الكريم من جلائل الأعمال، وهذه ملاحظات أولية أبديها، لتعطى حقها من الدرس والعناية في المجلس الأعلى:
1- ينبغي أن يهمل قانون منع الطالب من العودة إلى النظام، إلا في الطبقة التي خرج منها، ولو أحرز على الكفاءة في طبقة أعلى منها، وأدلى عليها بالامتحان، على أن هذا القانون الجائر يمتاز به نظام القرويين عن سواه من سائر النظم.
2- أن يكون للطلبة حق النظر في القوانين، وقبول ملاحظاتهم فيما يتضررون به.
3- أن تطبع القوانين، ليرجع لها من يضطر للاحتجاج بها، وأن يعلن عن القوانين الجديدة، ليطمئن قلب الطالب فيما يجري عليه.
4- أن لا تكون ميزة ما لأي تلميذ على غيره، لأن ذلك مما يؤلم العواطف، سواء في أيام إمتحان أو غيرها.
5- أن يكلف الأستاذ مرة على الأقل في الأسبوع طلبته بكتابة ما يقرؤونه عليه، إذ كما أن الإمتحان كتابي وشفاهي، كذلك يجب أن تكون الدراسة شفاهية وكتابية، ولا يعقل أن يمتحن الطالب بالكتابة وهو لا يدرس بالكتابة.
6- أن يلزم العلماء الكبار بالتدريس في نظام القرويين، مثل السيد محمد الحجوي، والسيد محمد بن العربي العلوي، والسيد عبد الحي الكتاني، والسيد أبي شعيب الدكالي عافاه الله، والسيد بن المدني الحسني، والسيد عبد الله الفاضلي، والسيد الرفاعي، وإن كانت المناصب التي يشغلونها أكثر اعتبارا من منصب التدريس مادة وأدبا، ولكن المصلحة العامة، يجب أن تقدم على المصلحة الخاصة، وكذلك يجب أن يلزم بالتدريس في النظام مثل: السيد علال الفاسي، والسيد عبد العزيز بن ادريس، والسيد عبد الرحمان الفيلالي، وغيرهم من علماء الشباب الحي.
7- أن يشهر على النقط التي يزيد بها بعض الطلبة على بعضهم، وتراعى مراعاة محسوسة.
8- أن ينجز إعطاء الشهادات الابتدائية كما أنجزت الشهادتان الثانوية والنهائية.
9- أن توزع الإجازات على الناجحين في مطلق الطبقات مثلما توزع في المدارس الفرنسية إذ ربما يتعذر على الطالب إتمام دراسته فتكون له تلك الإجازة كشهادة على ما قرأه من السنين.
وإذا أبديت هذه الملاحظات بقي علي أن أتقدم بالانتقادات التي تهيج الرأي العام، فمن المنتقد على النظام خلوه من الهندسة والجغرافيا والطبيعة والجبر.
ومن المنتقد حشوه بتسعة دروس يومية تعطى في علم الحساب وكلها فارغة دون جدوى؛ إذ هي عبارة عن أمثلة عملية يجرِب منها الطالب مثالا أو مثالين في طيلة ساعة الدرس وكلها تعطى بلا كتاب، وهل ترى أن تدرس العلوم النظامية بلا كتب ثم هي تدعى مع ذلك نظامية؟
وهل يستحق أن يعطى دروس الحساب هذه الأهمية في حين أن دروس التاريخ إنما تعطى منه ست دروس يومية على ما بمدرسيها من الانتقاد؟
أبو الفضل (يتبع)
(الأستاذ إدريس كرم)