صورة المرأة المسلمة في الإعلام الغربي.. رؤية تحليلية

هوية بريس – مركز التأصيل (د. نورة خالد السعد)*

السبت 23 نونبر 2013م

أضحت المرأة المسلمة والموضوعات المثارة حولها مادة خصبة في صحافة الإعلام الغربي وأضحت الموضوعات التي تثار حولها كلها تصب في بوتقة واحدة وهي محاولة إثارة قضايا المرأة دوما لإعطاء انطباع بظلم للمرأة المسلمة ومطالبة دائمة برفع وصاية الدين عنها وتكريس النموذج الغربي للمرأة وجعله الأساس لقياس المرأة المسلمة عليهم.

ولهذا رأت الباحث أن تتناول صورة المرأة في العلام الغربي ورصدت جوانب هذه الصورة الذهنية التي يراد لها أن تصل للقارئ الغربي ثم تحدثت في واقعية صادقة عن بعض السلبيات عندنا كمجتمعات إسلامية تساهم في تعزيز هذه الصورة النمطية الغربية وتعطيهم بعض الشواهد التي يستطيعون تضخيمها لتصنيف المسلمة كامرأة مهضومة الحقوق مسلوبة الحرية.

ويأتي الهجوم على الصورة العامة للمرأة المسلمة كجزء لا يتجزأ من الهجوم على الإسلام كله تحت مسميات العولمة والانفتاح والحداثة وغيرها وبهذا تعتبر المرأة المسلمة الوسيلة الأهم في حربهم ضد كل ما هو إسلامي.

فبدأت الكاتبة بالحديث عن مفهوم الصورة النمطية لدى الغرب عن المرأة المسلمة فذكرت أن وسائل الإعلام الغربية تصنع واقعا غير حقيقي يتم فيه التركيز على جزيئات أحكام الشريعة واقتطاعها من سياقها ثم توظيف ثغرات تطبيقها من قبل البشر لاستخدمها في صياغة هذا الواقع، كما يتم التركيز على عدة جوانب من ادوار المرأة في الحياة ويعتبرونه انتقاصا لمكانتها ودورها كما يعتبرون إلزامها بزي معين مؤشر تخلف وتعجيز لها كما يدندنون كثيرا حول قضايا التعدد والميراث دون فهم لواقع الحياة الإسلامية ولا لبقية الجزئيات المكملة لهذه التشريعات التي لا يمكن أن يعرفها كل من جعل انتقاص الإسلام وشريعته نصب عينيه.

ثم تحدثت عن الإعلام الغربي ومدى تأثيره الخطر في صياغة هذه الصورة النمطية عن المرأة المسلمة وخاصة مع البعد المكاني بين العالم الإسلامي والعالم الغربي مما يجعل الغربيين فريسة سهلة للإعلام الموجه الذي يوجه بوصلتهم لأي اتجاه يريد، فيستقي الغربي منه معلوماته ولا يهتم بالتحري عنها ولا تنقيتها مما يجعله يقع تحت أسرها.

وبدأت الباحثة في صلب دراستها بمقدمة ذكرت فيها حالة المرأة قبل الإسلام وفي العصور القديمة وعند الرومان ثم انتقلت للعصور الوسطى ثم موقف اليهودية المجحف والقاسي جدا منها ثم موقف النصرانية من حقوقها ووضعها في القانون الفرنسي، ثم بعد أن استجمعت الصورة الحقيقة لحالة المرأة قبل الإسلام في الحضارات وتطبيقات أهل الديانات تحدثت عن حالة المرأة بعد الإسلام وما آلت إليه مكانتها وما أضحت فيه من حقوق فاقت كل تخيلات البشر عن المرأة والى الآن.

ولكن الصورة الغربية عن المرأة المسلمة تتجاهل كل هذا التاريخ وتنساه وتبدأ بالعصر الحديث الذي يظنون فيه أنهم كرموا المرأة وأعطوها من الحقوق ما فاق حقوقها في الإسلام.

ثم بدأت الكاتبة في الأسس التي ستقيم عليها هذه الرؤية التحليلية ، فصاغتها وفق معايير منها:

– المعيار الأول: الدعوة إلى رفع وصاية الدين عن المرأة

ظهر ذلك بقوة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر فجعلوا الدين الإسلامي هو حجر العثرة أمام طريق تقدم المرأة ثم ذكرت الكاتبة شواهد كثيرة جدا رصدتها عن وسائل الإعلام الغربية.

– المعيار الثاني: عدم الموضوعية في عرض قضايا المرأة المسلمة

حقيقة دائمة حول التحقيقات والمقالات حول المرأة في العالم الغربي لا تزيد عن التركيز على التبعية الثقافية ومحاربة القيم الإسلامية، ثم ذكرت الكاتبة الشواهد على هذا المعيار من القنوات التليفزيونية والمقالات والتغطيات الإخبارية.

– المعيار الثالث: أسلوب الاحتقار والنظرة الدونية

فرصدت الكاتبة عدة مظاهر لاحتقار كل ملتزمة بدين الله واحتقار مماثل للقيم الإسلامية المحافظة كإطلاق الألقاب المسيئة كوصف صحيفة نيويورك تايمز الدائم النساء السعوديات بالأشباح السوداء نظرا للبسهن الحجاب الإسلامي، وتسميته دوما بالامتهان لكرامة المرأة، وإظهار صورة العربي دوما بإطلاق ألفاظ كادت أن تكون هي المرادف اللغوي لكلمة العربي وخاصة في القواميس مثل قاموس “marriam- wabstar ” الذي يعرف كلمة عربي بأنه “إنسان عاطل لا هدف له وهو مساوم ونصاب وتاجر لا يمتلك ضميرا” وعندما طالب العرب بحذف هذا التعريف من القاموس كما حدث مع اليهود رفضت إدارة دار النشر ذلك.

– المعيار الرابع: تكريس النموذج الغربي للمرأة وانه النموذج الذي يحتكم إليه

هذا المعيار هو النتيجة للمعايير الثلاثة السابقة إذ انه يعتبر انه وفقا لمعاييره السابقة فلابد وان يكون لدى المسلمات إنهن يتطلعن للنموذج الغربي ويعتبرنه النموذج الأمل والطموح الذي يسعين للوصول له وهذا مناف للحقيقة تماما رغم وجود العشرات بل المئات من اللقاءات مع المسلمات اللاتي يخبرنهم بان هذا النموذج الغربي مرفوض عند المسلمة وأنهن سعيدات بارتداء الحجاب ولا يرين فيه أدنى مهانة بل يعتبرنه تكريما، لكن هؤلاء الغربيين يحاولون دوما إبراز التصريحات واللقاءات مع من فتنت بهم ويقدمونها على أنها هي ممثلة المسلمات حتى لو كانت شاذة عن المسلمات في أفكارها ومبادئها وتصرفاتها.

– المعيار الخامس: المرجعية المستمدة من منهجية وفكر الحركة النسوية الغربية

فبتحليل مضمون لما تبثه القنوات من أفلام للمنتميات للحركة النسوية تجدهن جميعا يشتركن في دفع الأجندة النسوية الغربية للقضاء على الحجاب وتغيير قوانين الأحوال الشخصية الإسلامي وربط مسالة حصول المرأة على حقوقها بضرورة الصراع مع الرجل وهي ذات الأجندة التي تعمل عليها منهجية وفكر الحركة النسوية الغربية تماما.

– المعيار السادس: ازدواجية المعايير في التعامل مع القضية الواحدة

هو اخطر المعايير على الإطلاق في معاملة المرأة المسلمة خاصة والإسلام عامة في الإعلام الغربي، فيمكن في ذات القضية الواحدة ترى تكريما واحتراما وتقديرا بل وتقديسا لصاحبة فعل في حين ترى استنكارا وإهانة وتجريحا لصاحبة نفس الفعل والسبب في اختلاف صاحبة الفعل وعقيدتها أو أيدلوجيتها، فيمكن للراهبة في الدير أن تغطي جسدها كله فتحظى بالاحترام والتقدير في حين تهاجم المسلمة وتحقر ويستهان بها إذا ارتدت نفس النمط من الملابس، وهذا في قضية الاهتمام بالأسرة وتربية الأولاد وكذلك قضية إطلاق اللحية وغير ذلك من القضايا.

ثم ذكرت الكاتبة العوامل التي ساهمت في صياغة الرؤية الغربية لواقع المرأة المسلمة وشرحتها تفصيليا وهي كالتالي إجمالا:

– البعد التاريخي.

– البعد السياسي.

– البعد الثقافي والاجتماعي.

ثم تناولت بعض السلبيات في مجتمعاتنا العربية في إيفاء المرأة حقوقها، فذكرت منها :

1- كثرة التشابه في الخطب والمحاضرات حول مدى اهتمام الإسلام بالمرأة دون البحث في التفاصيل المتعلقة فعليا بإظهار مدى هذه الاهتمام.

2- كثرة التشابه أيضا في الكتب التي تبحث في أمور النساء والتي تكرر نفس الشبهات ونفس الردود تقريبا.

3- غياب تطبيق جميع حقوق المرأة في الإسلام في الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية.

ثم انتهت الكاتبة لبعض النتائج والتوصيات منها:

– ضرورة اعتراف النساء بجهلهن بحقوقهن وواجباتهن كما جاءت في الإسلام.

– ضرورة المشاركة في المؤتمرات العالمية للمرأة والتواصل مع النساء في العالم لشرح الصورة الصحيحة.

– ضرورة العمل على إصدار بيان أو ميثاق مستمد من تعاليم الإسلام تلزم به الأنظمة فيما يخص النساء والأطفال والأسرة بشكل عام.

– الوقوف بقوة تجاه البنود الخاصة بالمرأة والمخالفة للإسلام في الاتفاقيات الدولية.

– ضرورة التواصل الثقافي مع المنظمات النسائية الغربية الموضوعية.

وأخيرا جزى الله الكاتبة خير الجزاء على اهتمامها بهذه القضية الهامة والتي لا يلتفت لها كثيرا وهي على درجة شديدة الأهمية والخطورة معا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 * أستاذ علم الاجتماع المشارك – كلية الآداب والعلوم الاجتماعية – جامعة الملك عبد العزيز – جدة؛ والبحث منشور في مجلة جامعة الملك عبد العزيز، الآداب والعلوم الإنسانية – م16 ع 2.

لقراءة البحث كاملا اضغط:
http://www.taseel.com/UploadedData/upload/file/51266_21457.pdf