25 انتفاضة للدفاع عن القدس والأقصى
هوية بريس – متابعات
تُشكل الانتفاضات الفلسطينية حلقة طويلة من السياق الجهادي المقاوم والنضالي والكفاحي للشعب الفلسطيني منذ الاحتلال البريطاني سنة 1917، وتُشكل العلامة الفارقة في التطورات والأحداث، لتتحول في سلم الأولويات الاهتمام العربي والإسلامي ولدى أحرار العالم.
وقام الشعب الفلسطيني بانتفاضات كثيرة عند كل منعطف مرت به القضية الفلسطينية منذ الاحتلال البريطاني، حتى وصل عددها إلى أكثر من 25 انتفاضة، ومعظم هذه الانتفاضات كان الدوافع لاشتعالها الاعتداءات الصهيونية على مدينة القدس وأهلها، أو على المسجد الأقصى. فقد انتفض الشعب الفلسطيني ضدّ سياسية الاحتلال البريطاني في القدس سنة 1920، ويافا سنة 1921…
“هبة البراق”:
شهدت فلسطين، في عشرينيات القرن الماضي، عدداً من الانتفاضات، كان من أهمها الهبة الواسعة التي اندلعت في الأسبوع الأخير من آب/ أغسطس 1929، وعُرفت بـ”هبة البراق”، نسبة إلى الحائط الغربي للمسجد الأقصى. وكان الباعث الرئيسي لاندلاع تلك الهبة محاولة اليهود انتزاع حقوق في ملكية هذا الحائط الغربي، تتجاوز حقهم في زيارة الموقع الذي يطلقون عليه اسم “حائط المبكى” ويقيمون صلواتهم بقربه.
وخلافاً لما سبقها، تميّزت “هبة البراق” بشمولها معظم المدن الرئيسية في فلسطين، وامتدادها إلى العديد من القرى. وأسفرت الهبة عن استشهاد نحو 116 فلسطينياً، ومقتل نحو 133 يهودياً.
ولم تفلح السلطات البريطانية في إخمادها سوى بعد لجوئها إلى استخدام طائراتها وسياراتها المصفحة، وإلى الاستعانة بالوحدات العسكرية المتمركزة في القواعد البريطانية خارج فلسطين. ولم تهدأ الأمور بشكل تام إلا بجهود بعض القيادات الفلسطينية والعربية التي تتطوع دائماً لتهدئة الأوضاع والجنوح نحو الحوار غير المتكافئ، والبحث عن حلول سلمية تنتهي لصالح الاحتلال على حساب الشعب الفلسطيني.
الثورة الفلسطينية الكبرى 1936-1939:
عقب “هبة البراق”، شهدت المدن الفلسطينية، وبشكل خاص القدس ويافا، عدة احتجاجات وصلت إلى حدّ المواجهة، في تمهيد للطريق أمام اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى 1936-1939. ولجأت السلطات البريطانية إلى سلسلة من الإجراءات للقضاء على الثورة، حتى أصدرت في أيار/ مايو 1939 “الكتاب الأبيض” لتهدئة العرب. الذي وعدت فيه باستقلال فلسطين خلال عشر سنوات، وبإيقاف الهجرة اليهودية بعد خمس سنوات، ووضع قيود مشددة على انتقال الأراضي لليهود، وقد كان ذلك أحد العوامل التي أسهمت في تهدئة الثورة.
وحسب الإحصائيات البريطانية فإن مجموع العمليات التي قام بها الثوار خلال الفترة 1936-1939 بلغت أكثر من 10 آلاف عملية، أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من 1,500 يهودي، وأكثر من 1,800 من الجيش والشرطة البريطانيين، فيما قُدّر عدد الشهداء العرب بنحو 3 آلاف، والجرحى بـ 7 آلاف.
الانتفاضة الفلسطينية الأولى أو انتفاضة الحجارة 1987-1994:
اندلعت الانتفاضة في 9/12/1987 في مدينة جباليا شمال قطاع غزة، وسرعان من انتشرت في كافة المدن الفلسطينية كـ”النار في الهشيم”، لتكتب محطة فارقة في إحياء القضية الفلسطينية والتذكير بالحقّ الفلسطيني على كافة المستويات.
تميزت هذه الانتفاضة بأن أهل الداخل (الضفة الغربية وقطاع غزة) أخذوا زمام المبادرة من جديد، وتصدروا مشهد مقاومة الاحتلال، بعد أن كانت بيد فلسطينيي الخارج. وتميزت أيضاً بمشاركة التيار الإسلامي بقوة فيها، واتسمت بالتضحية والجرأة… فقد لجأ الفلسطينيون إلى المواجهة المباشرة مع قوات الاحتلال…
استمرت هذه الانتفاضة على هذا النحو المتصاعد لأكثر من 6 سنوات، قبل أن تنتهي بتوقيع “اتفاقية أوسلو” في سنة 1993. وبحسب بيانات رسمية، تقدّر حصيلة الضحايا الفلسطينيين الذين استشهدوا بفعل الاعتداءات الإسرائيلية خلال انتفاضة الحجارة، بنحو 1,540 فلسطينياً، بينهم 353 طفلاً، فيما أصيب نحو 130 ألف آخرين، وتمّ اعتقال أكثر من 116 ألف فلسطيني. أما عن جانب الاحتلال، فقد قتل نحو 256 شخصاً، بينهم 127 رجل أمن.
هبة الأنفاق 1996:
في 25/9/1996، خرج الفلسطينيون في هبّة شعبية، استمرت ثلاثة أيام، بعد إقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلية على فتح باب النفق الغربي أسفل المسجد الأقصى المبارك. وانطلقت المواجهات مع افتتاح النفق، وامتدت من شمال فلسطين إلى جنوبها وارتقى خلال المواجهة التي أطلق عليها “هبة النفق” 63 شهيداً؛ 32 منهم في الضفة الغربية و31 في قطاع غزة، بينما أصيب 1,600 آخرون.
انتفاضة الأقصى 2000-2005:
اندلعت شرارة الانتفاضة عقب اقتحام زعيم المعارضة الصهيونية آنذاك أرييل شارون في 28/9/2000 باحات المسجد الأقصى، تحت حماية نحو ألفين من الجنود والقوات الخاصة، فوقعت مواجهات بين المصلين وقوات الاحتلال.
وتميزت هذه الانتفاضة بكثرة المواجهات، وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، ونفذت الفصائل الفلسطينية هجمات داخل المدن الإسرائيلية، استهدفت تفجير مطاعم وحافلات، تسببت بمقتل مئات الإسرائيليين.
ووفقا لأرقام فلسطينية وإسرائيلية رسمية، فقد أسفرت الانتفاضة الثانية عن استشهاد 4,412 فلسطينياً إضافة إلى 48,322 جريحاً، بينما قُتل 1,100 إسرائيلي، بينهم 300 جندي، وجرح نحو 4,500 آخرين.
انتفاضة القدس 2015-2017:
شكّلت انتفاضة القدس واحدة من أهم التطورات التي أقلقت الاحتلال منذ اندلاعها في تشرين الأول/ أكتوبر 2015؛ وبدت سلطات الاحتلال عاجزة عن القضاء على ما أسمته “موجة الإرهاب”، على الرغم من الإجراءات والسياسات التي تتبعها منذ تطور العمليات الفردية في بداية الانتفاضة. واختلفت وتيرة عمليات المقاومة الفردية، لا سيما عمليات الطعن والدهس، مع استمرار أعمال رشق الحجارة، والاشتباكات مع قوات الاحتلال.
وذكرت دراسات إحصائية أن عدد شهداء انتفاضة القدس بلغ أكثر من 347 شهيداً، وعدد المصابين تجاوز 12 ألف مصاب. وقد طغت سياسة الإعدام والقتل العمد على الحواجز بحجج وذرائع واهية، حيث أعدمت قوات الاحتلال ما يزيد عن 180 فلسطينياً.
هبة باب الأسباط 2017:
قررت الحكومة الإسرائيلية إغلاق المسجد بشكل كامل، في 14/7/2017، ومنع صلاة الجمعة فيه، وذلك للمرة الأولى منذ سنة 1969، بعد عملية نوعية عند باب الأسباط أدت إلى قتل اثنين من جنود الاحتلال المتمركزين عند الباب، واستشهاد المنفذين الثلاثة. وقام الاحتلال بعدة إجراءات لتعزيز سيادته على المسجد الأقصى؛ فقد قررت إعادة فتح المسجد تدريجياً، ولكن مع سابقة وضع بوابات إلكترونية، وتثبيت كاميرات خارجه لمراقبة الوضع فيه. وهو ما دفع المقدسيين لرفض دخول الأقصى من البوابات الإلكترونية.
وحققت هبَّة الأقصى هدفها في دفع الاحتلال للتراجع عن إجراءاته التي حاول فرضها، وفي 27/7/2017، أزالت سلطات الاحتلال الممرات والجسور الحديدية من ساحة باب الأسباط، والتي نصبتها بهدف تعليق كاميرات ذكية عليها. وفي 30/7/2017، أعادت سلطات الاحتلال فتح باب المطهرة (أحد أبواب الأقصى)، بعد إغلاقه لنحو أسبوعين؛ لتكون جميع أبواب المسجد قد عادت إلى ما كانت عليه قبل 14/7/2017.
هبة باب الرحمة 2019:
في فبراير 2019، وضعت شرطة الاحتلال قفلاً على البوابة أعلى الدرج المؤدّي إلى مبنى باب الرحمة. وتمكن عدد من الشّبان في 18/2/2019، من خلع البوابة واشتبكوا مع قوات الاحتلال. وفي 22/2/2019، استطاع المصلون فتح باب مبنى ومصلى باب الرحمة في الجهة الشرقية من المسجد الأقصى، بالقوة، الذي أغلقه الاحتلال منذ سنة 2003، وأدى الصلاة في المسجد أكثر من 60 ألف مصل، بالرغم من كل إجراءات الاحتلال المشددة في القدس.
هبة باب العامود 2021:
لم تكن هبة باب العامود البطولية مقطوعة السياق، بل هي استمرار لهبة البوابات الإلكترونية و”انتفاضة القدس”، وغيرها من ردود الأفعال الشعبية التي تعبر عن الغضب المتراكم نتيجة حالة الحصار والعزل والإفقار التي تستهدف المدينة المقدسة…
فقد امتلأت ساحة باب العامود في القدس في 26/4/2021 ليلاً بآلاف الفلسطينيين الذين احتفلوا بإزالة الحواجز الحديدية التي أقامتها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية شهر رمضان لمنعهم من الوصول إلى الساحة. ووصف المقدسيون تراجع قوات الاحتلال وإزالة الحواجز بأنها انتصار للهبة التي قاموا بها على مدى 12 يوماً.