الدفاع عن المقدسات الدينية ونصرة القضايا الإنسانية.. في مُدرجات الملاعب

24 مارس 2014 11:35
الدفاع عن المقدسات الدينية ونصرة القضايا الإنسانية.. في مُدرجات الملاعب

الدفاع عن المقدسات الدينية ونصرة القضايا الإنسانية.. في مُدرجات الملاعب

هوية بريس – عبد الرحيم بلشقار (الإصلاح)

الإثنين 24 مارس 2014

تتزايد مظاهر الدفاع عن المقدسات الإسلامية والأشكال التضامنية مع القضايا الإنسانية في تأثيث جنبات مدرجات عدد من الملاعب الرياضية المغربية، وذلك من خلال حرص بعض جماهير الألتراس من أنصار ومشجعي فرق وأندية البطولة الوطنية لكرة القدم على رفع رسم لوحات فنية تعكس الوعي الفكري والسياسي للجمهور الرياضي وتُبرز ارتباطه بالقضايا ذات البعد الديني والإنساني.

ففي مباراة مؤجلة عن الدورة الـسابعة عشر من البطولة الوطنية لكرة القدم بين الرجاء البيضاوي والنادي القنيطري أول أمس الأربعاء 19 مارس الجاري بمركب محمد الخامس الدار البيضاء، لفت انتباه المتتبعين رفع جمهور الفريقين الآذان قبيل بداية المباراة تفاعلا منهم مع الشائعة التي زعمت إصدار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مذكرة تدعو لخفض صوت آذان الفجر.

ولئن كانت قضية آذان الفجر قد أوضحتها وزارة الأوقاف لاحقا وكشفت حقيقتها، فإن تفاعل الجمهور الرياضي معها والمبادرة إلى التأذين بصوت واحد في الدقائق الأولى للمباراة الكروية وإعداد لافتة احتجاجية كُتب عليها عبارة ” انتهاك حرمة المساجد مساس بهويتنا الإسلامية”، يرسم صورة مُغايرة لتلك الصورة النمطية الشائعة عن الجمهور الكروي، والمتمثلة في “إثارة الشغب والفوضى”.

محطات في الدفاع عن المقدسات الدينية وثوابت الهوية ونصرة القضايا الإنسانية

تتمثل مهمة المشجعين الذين استهواهم عشق كرة القدم وحبها لدرجة الجنون على دعم ومساندة فريقها المفضل بحرارة كبيرة طيلة أطوار اللقاء الكروي، غير أن هذه القاعدة لا تخلو من استثناءات ينصرف فيها الجمهور الذي ينتظم نسبة كبيرة منه في تكتلات تسمى “الألتراس” لولائها الشديد للنادي الذي تشجعه، (ينصرف) عن مهمته الرئيسية لرفع تيفو “طلعة فنية” أو حمل لافتة كبيرة أو رفع شعارات تهم الدفاع عن المقدسات الدينية أو نُصرة القضايا الإنسانية.

ومن بين القضايا ذات الطابع الديني التي تفاعل معها جمهور الأندية المغربية لكرة القدم بشكل لافت، موضوع “الإساءة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم” من طرف منتج أفلام أمريكي ورسام كاريكاتوري فرنسي أواخر سنة 2012، وموضوع “أحكام الإرث وتعدد الزوجات” التي أثارها الكاتب الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي في شهر يناير من السنة الجارية.

فبخصوص الواقعة الأولى شهدت عدد من مدرجات الملاعب الوطنية ردود فعل بارزة، شارك فيها الجمهور بأشكال متعددة تمثلت في رافع شعارات في حب النبي الكريم ولافتات وصور تندد وتدين الهجمة الدنيئة على شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال الفيلم السيئ الذكر ومن خلال الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها إحدى المجلات الفرنسية، بينما في الواقعة الثانية انبرى جمهور فريق الرجاء البيضاوي للرد عليها بطريقة أثارت انتباه المتتبعين، حيث عمد أنصار النادي الأخضر لرفع لافتتين من الحجم الكبير تستنكر تصريحات ادريس لشكر وتدينها بشدة.

الدفاع عن المقدسات الدينية ونصرة القضايا الإنسانية.. في مُدرجات الملاعب

اللغة والهوية

ومن بين المحطات البارزة التي تؤكد أن جمهور كرة القدم ليس ببعيد عن الجدل المجتمعي الذي تثيره بين الفينة والأخرى هيئات سياسية ومدنية بدوافع ورهانات إيديولوجية مُعينة، قضايا الهوية واللغة، فقد سجل جمهور الرجاء البيضاوي حضورا قويا في مناسبتين مختلفتين في توقيتهما إحداهما حول اللغة العربية والأخرى حول “قضية آذان الفجر”.

فبخصوص القضية الأولى وبالتزامن مع النقاش الذي احتد في الساحة الوطنية حول لغة التدريس بعد دعوة نور الدين عيوش التدريس بـ”الدارجة” في التعليم الابتدائي، نهاية العام الماضي، بادر جمهور الرجاء البيضاوي لـرفع “تيفو”، عبارة عن لوحة مكتوب عليها باللغة العربية “الملحمة”، وذلك في مباراة نصف نهائي كأس العالم للأندية بين ممثل الأندية المغربية وأحد الفرق البرازيلية. حيث اعتبرها متتبعون رسالة قوية لدعاة الدارجة والتلهيج بالمغرب وردا واضحا منهم في تأييد لغة الضاد.

وبخصوص قضية “قضية آذان الفجر”، دعت عدد من مجموعات الألتراس أنصار جل الفرق الوطنية لكرة القدم للمشاركة في حملة جماعية لتمرير رسائل استنكارية من خلال لافتات وشعارات في المبارايات الكروية لنهاية الأسبوع الجاري تفاعلا مع الموضوع، غير أن خروح وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية عن صمتها وتوضيحها للأمر يكون قد وضع حدا للغط الذي أثارته الشائعة.

فلسطين حضور دائم

يبدو أنه لم تعد الشوارع والساحات العامة والجامعات وحدها حكرا على احتضان وتنظيم أشكال تضامنية مع القضايا الإنسانية العادلة، بل باتت مُدرجات الملاعب الوطنية أحد أبرز الأماكن التي تكون هذه المبادرة مسرحا لها ليس فقط بسبب الكم الجماهيري الغفير الذي يؤثث جنبات المدرجات وإنما أيضا بسبب زيادة الوعي الفكري والسياسي وانكسار جدار الخوف لدى شريحة كبيرة من الشباب خصوصا بعد الربيع العربي الذي شهد على حضور وازن لمجموعات الألتراس في كل من ثورتي مصر وتونس.

وتحضى القضية الفلسطينية بحصة الأسد في الحضور في الملاعب الوطنية، حيث لم يعد يُنتظر حدوث واقعة ليرى المتابع أعلام فلسطين تؤثث جنبات المدرجات، بل إنها باتت جزءا من الوسائل التي يحملها معهم كل حين أعضاء الألتراس المغاربة إلى المدرجات ربما يستلهمون منها معاني الصمود والمقاومة والحب العميق للنادي الذي يشجعونه، وتعد أبرز مناسبة جسدت عمق التحام الجمهور الكروي المغربي بالقضية الفلسطينية مباراة قمة البطولة الوطنية في موسم 2012 بين فريقي المغرب التطواني ونادي الوداد حيث رفعت جماهير الفريقين تيفو عن “القدس والمسجد الأقصى”، تحسيسا بحملة التهويد الذي كان يتعرض لها.

الدفاع عن المقدسات الدينية ونصرة القضايا الإنسانية.. في مُدرجات الملاعب

تضامن مع مسلمي إفريقيا الوسطى ضد وحشية فرنسا

في واقعة أخرى تعكس اهتمام الألتراس بالقضايا الإنسانية العادلة، استنكر جمهور الرجاء البيضاوي والمغرب الفاسي، في المباراة التي جمعت بينهما شهر فبراير على أرضية مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، – استنكر- الحملة العسكرية الفرنسية على جمهورية إفريقيا الوسطى.

ورفع ألتراس فريق الرجاء البيضاوي، لافتة كبيرة علقها في الواجهة الأمامية للمدرجات تصف سياسة فرنسا في جمهورية إفريقيا الوسطى بالوحشية، بسبب تورط قواتها في إبادة المسلمين وتأليب الميليشيات المسيحية عليهم، بعدما بررت تدخلها العسكري بالسعي لضبط الأمن والسهر على الاستقرار.

وجاء في اللافتة التضامنية لجمهور الرجاء، الذي رفعها “فصيل الحرية” عبارة وحشية بألوان العلم الفرنسي مرفوقة بعبارة “نحن شعب لا يستسلم، ننتصر أو نموت” إلى جانب علم جمهورية إفريقيا الوسطى، وأوضح أحد أعضاء فصيل “الحرية”، أن ˮ̏اللافتة “تجسد الأحداث المؤلمة التي تعصف بجمهورية إفريقيا الوسطى، حيث يتم قتل المسلمين والتنكيل بجثتهم، بدعم من القوات الفرنسية الاستعمارية التي أخذت موقف المتفرج المُساعد على المجازر ضد المسلمينˮ̏.

شارة النصر “رابعة”.. حاضرة بالأعلام والأصابع

كان الجمهور الرياضي المغربي واحدا من أوائل الجماهير الرياضية العربية التي تفاعلت مع شارة رابعة رمز النصر والصمود، حيث شهدت مدرجات أربع أكبر الملاعب المغربية أشكالا تضامنية مع الشهداء المصريين ضحايا الانقلاب العسكري في مجزرة ميدان رابعة العدوية شهر ذي القعدة الماضي.

فخلال أسبوع واحد عقب الأحداث الأليمة التي راح ضحيتها أنصار الشرعية بمصر، أثثت الجماهير الكروية في كل من ملعب فاس الكبير ومحمد الخامس بالدار البيضاء والأمير مولاي عبدالله بالرباط وملعب أدرار بأكادير، أثثت المدرجات شارة النصر رابعة ذات اللون الأصفر بينما استبدل عناصر الألتراس شارة النصر بأصبعين بشارة النصر التي ترفع أربعة أصابع اليد.

وتعكس هذه الأشكال التضامنية وغيرها حسب متتبعين الجانب المشرق لدى جمهور كرة القدم وترسم عنه صورة جميلة تُبرز وعيه الحضاري في السلوك وفي الموقف، وتعطي صورة مغايرة للصورة النمطية الشائعة عن الجمهور بكونه مثير العنف والشغب والفوضى، كما تعبر عن وعي يقض وضمير حي مواكب للأحداث الدولية والإقليمية والمحلية، وأن اهتمامه بالساحرة المُستديرة لا يلهيه عن التفاعل مع المستجدات المتعلقة بقضايا الهوية الدينية أو المقدسات الإسلامية أو المعاناة الإنسانية بسبب الظلم والطغيان.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M