الناس كما هم بحاجة إلى علم العلماء فإنهم أحوج إلى أخلاق العلماء
إعداد: عبد الجميل الغزواني
هوية بريس – الثلاثاء 08 أبريل 2014
هذا تفريغ لكلمة توجيه مرئية من الشيخ الحبيب مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله تعالى ونفع بعلمه وهو من طلاب الشيخ الجهبذ العلامة الألباني ـرحمه الله رحمة واسعةـ لعل الله ينفع بها قائلها ومفرغها وقارئها وسامعها وهو ولي ذلك والقادر عليه.
فما أحوجنا جميعا إلى توجيهات علمية تنير لنا دروب الفتن، وخصوصا فتن هذه الأيام من قيل وقال ورد بمقال على مقال، والله نسأل صلاح الحال وحسن المآل.
وقد ارتأيت أن أختار لها عنوانا مضمنا فيها وهو: “الناس كما هم بحاجة إلى علم العلماء فإنهم أحوج إلى أخلاق العلماء“.
أخ يطلب توجيها ولا أقول يسأل سؤالا يقول: نرجو من فضيلتكم توجيه كلمة بخصوص الحرب الشعواء القائمة على الفيس بوك بين طلبة العلم، ما بين مبدع ومفسق ومن يخرِّج الآخر من المنهج، نرجو كلمة توجيهة وجزيتم خيرا.
أولا اعلموا أن الفتنة يسبقها الخلاف والمراد بالخلاف أن يُعجب كل ذي رأي برأيه، ومن أخطر وسائل الانفتاح أعني وسائل العلم وطرق الوصول للمعلومة أن الناس يقولون ويستخرجون ويقفون على المعلومات، ولكن دون أن يحققوا أخلاق العلماء فالناس كما هم بحاجة إلى علم العلماء فإنهم أحوج إلى أخلاق العلماء، وأخلاق العلماء يحسنون متى يرفعون الصوت ومتى يُخفضونه ومتى يسكتون ومتى ينكرون، ومبعثهم في ذلك الغيرة على دين الله عز وجل والحماية لنصوص الكتاب والسنة، وعدم سلب خاصية كون النصوص الشرعية حكما على الأحداث والأشخاص، فأقول: الواجب في الإنكار على أهل العلم، أما الطالب المبتدئ فإنه ينبغي أن يعرف نفسه، فيقال لمن ليس أهلا للإنكار ما تقوله العرب في أمثلتها “ليس هذا بعُشِّكِ فادْرُجِي”.
وشعار الخالفين إنما هو الخلاف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا“، وهذا الخلاف هذه الأيام شديد وسيشتد مع مُضي الزمن والخلاف مرض، وهذا المرض له علاج ما أنزل الله داء إلا وله دواء، و دواؤه تتمة الحديث، ففي الحديث “إنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا“، هذا الداء والدواء: “فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجد“.
موضوع الوسائل الحديثة واستخدامها في التشهير والتنقيص هذا أمر ما ينبغي أن يكون، العالم يوجه قوَّتَه وسِهَامَه على القول لا على القائل، وينظر للدلائل لا للقائل؛ أنظر للقول المخالف أفند أدلته أبين باطله ولا يلزمني أن أجرح شخصه ولا أن أتعرض له، ولذا خلاف أهلِ العلمِ خلافُ عقولٍ، وخلاف العوام خلاف قلوب، العلماء إن اختلفوا تختلف عقولهم، وينبغي أن يقدر الخلاف والثمرة المترتبة عليه الراسخون من أهل العلم، فقد أخالفك في مئة مسألة وتكون هذه المسائل تقبل الخلاف، وقد أخالفك في مسألة واحدة وهذه المسألة لا تقبل الخلاف، قد أفسقك في مسالة وأسكت لك عن ألف مسألة، المسألة إنما معيارها وميزانها ضوابط علمية منتظمة على منهج الراسخين من العلماء الربانيين فليس لكل أحد أن يتكلم في الناس وأن يبدعهم وهو لا يعرف الخلاف في المسائل، لذا كان قتادة يقول: “من لم يعرف الخلاف لم يشم أنفُه رائحة الفقه”.
وينبغي أن يعلم المسألة لماذا وقع الخلاف فيها وعلى أي الأصول تنبني، ولذا النصيحة لعوام طلبة العلم ألا ينشغلوا إلا بعيوب أنفسهم وأن ينشغلوا بالترقي في الطلب والتقدم وعدم التمحور نحو مسائل تشغل، أي تكون البيئة التي يعيشون فيها تشغلهم هذه المسائل فيتمحورون حولها، فتصبح من العوائق والقواطع على التقدم في طلب العلم”.