الصيف أقبل.. ولحم الإنسان..
بوجمعة حدوش
هوية بريس – الجمعة 11 أبريل 2014
من نعم الله سبحانه وتعالى على الإنسان أن جعل له فصولا مختلفة، يغتنمها في حياته ويتمتع بها في عيشه، فلو كان الزمان كله شتاء لما استطاع الإنسان أن يعيش على هذه البسيطة، ومثل ذلك لو كان الزمان كله حرارة. لذلك ومراعاة منه سبحانه لمصلحة الإنسان جعل له فصولا مختلفة متنوعة، كلها تختلف في خاصياتها عن غيرها. ومن هذه الفصول فصل الصيف الذي يتميز بدرجة حرارته المرتفعة وجوه اللهيب.
وفصل الصيف قد اقترب وهو أيام للاستجمام والراحة والتمتع بهذه النعم وفق فقه العطلة والاستجمام التي شرعها الإسلام، فمن كانت تلك حاله فقد شكر الله سبحانه على نعمة الصيف بالحال والمقال، ومن خالف ذلك وتجاوز حد ما شرعه الإسلام فيه فقد جحد نعم المولى سبحانه وتنكر لجميل عطائه. وللأسف هذا جل ما هو كائن في هذا الفصل المقبل علينا، وإن كانت حرارته قد سبقته، والذي ما خُلق لما يُرى فيه الأن من الأحوال والأفعال.
وحبذا الناس يعتبرون بحرارة الصيف من لهيبِ يوم تدنو فيه الشمس من رؤوس الأشهاد. بل يا ليتهم يعتبرون مما هو أشد حرا من ذلك وهي نار جهنم، فنار جهنم أشد حرا من حرارة الصيف التي لا تقارن بلهيب نار يوم القيامة، ومع ذلك فأكثر الناس في غفلة يعمهون.
الصيف أقبل.. وهومن المفروض أن يكون في طاعة الله ويذكرنا بيوم القيامة وأهواله، لكن نرى عكس ذلك؛ نرى لحوم البشر فيه على غير ما اعتدنا رأيتها في غيره من الفصول، وإذا بحثنا في السبب، قيل الحرارة مرتفعة وكأننا نسينا حرارة أشد منها ارتفاعا.
لحوم البشر في الشارع تسير.. لحومٌ عارية لا غطاء عليها يحميها؛ لحوم النساء والفتيات هي، يسير لحم هذه الفتاة أمام مجزرة لحوم الحيوانات فتجد أن الجزار قد ستر تلك اللحوم من الذباب كي لا يؤذيها، وما أخذت العبرة منه في ستر لحمها، تسير الفتاة شبه عارية ولو كانت كذلك لكانت أقل فتنة. متزينة بلباس رقيق من حرارة الصيف هاربة، متعطرة بعطر يُشم ريحه من أول الشارع، وما ذاك إلا لكي لا يُشم فيها رائحة العرق، وقد نسيت قول من بعثه الله سبحانه رحمة لها في ما معنى قوله عليه السلام: “أيما امرأة خرجت من بيتها متعطرة فمرت على قوم فوجدوا من ريحها فهي زانية زانية زانية“.
ولو تأملتَ خطواتها إلى أين تتجه لوجدتها إلى الشاطئ مقصدها، لتنزع عنها ما بقي على جسدها من أثواب رقيقة، ويا ليت هي وحدها هذه حالها، بل هو حال كثير من الفتيات في الصيف، فوالله للإنسان يستحي أن يخرج مع عائلته ولو إلى مكان يعتقد أنه لن يرى فيها لحوما تُعرض رخيصة زهيدة، فسيخيب ظنه عندما يجد أن المكان الذي ظنه محترِمًا للحوم الإنسان، هو الآخر قد تعرض لمثل ما تعرضت له كل الأماكن الأخرى من فيروس تعرية الأجساد وإظهار الفتن، وكأنك ترى الرجل المحترم مع أسرته المحترمة يهرب من مكان إلى مكان علّه يجد لحما مستورا أو ألاّ يجد لحما أصلا، فلا يجد ما يأمله، وكأنك تراه يتصبب عرقا حياءً وخجلا من أسرته التي ارتأى أن تخرج معه اليوم للفسحة الحلال التي أحلها الشرع، وكأن لسان مقاله يقول: لا مكان للمحترمين وأصحاب القيم في هذه الأرض وفي هذا الفصل إلا ما شاء الله سبحانه أن يكون منه، فيرجع أدراجه إلى بيته، متحسرا على حال أمة أريد لها أن تكون كما هي الآن كائنة.
فيا أمة الحبيب ويا نساء الأمة ألم يكفينا غفلة وضياعا، ما هذا التبرج وهذا السفور الرهيب الذي نراه في أيامنا هذه، يا للهول من هذا المنظر المقزز الفظيع ألا نفيق من سباتنا العميق، يا من تكشفين عن صدرك وساقيك، بل وعن أكثر من ذلك، ألا تستحيين من الله، أما آن لك أن تتوبي أما آن لك أن تخشعي، ألم يان لكن أن تخشع قلوبكن، فوالله إن كل شاب فتنتهن ليوم القيامة لن ينفك منكن، فوالله إن وزر من يفتن المؤمنين لهو عظيم عند الله إن لم تتبن، يقول سبحانه في سورة البروج: “إن الذين فتنوا المومنين والمومنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق“، فكفاك هذه الآية عظة وانتبهي قبل فوات الأوان، والبسي الحجاب الشرعي الذي فرضه سبحانه عليك، واترك عنك الغفلة التي لربما لن تدعك حتى تجدين نفسك في معسكر الموتى، وآخر كلامي لك أن تعلمي أن نار جهنم أشد حرا من حرارة فصل الصيف ولا مقارنة.