إنهم يأتون بدين جديد!… فما أنتم فاعلون؟

15 مايو 2017 21:44
الليبرالية إحياء للجاهلية وإيغال في الرجعية

هوية بريس – د. أحمد اللويزة

عبارة يستعلمها رواد الفايسبوك للسخرية لكنها أضحت حقيقة لمن يتتبع مجريات الأحداث، ويتأمل في هذه الحرب القذرة اتجاه الإسلام وشعائره وتراثه العريق، وذلك تحت مسميات براقة خادعة تستهوي النفوس التي يحكمها الهوى، وتجذب العقول التي ملأ فراغها الجهل بحقيقة الإسلام وتراثه.

تحت مسمى القراءة الحديثة للنص الديني، والقراءة العقلانية، والقراءة المعاصرة، والقراءة التنويرية، وتجديد التراث، وتنقيح التراث، وإعادة قراءة التراث… هذا هو قاموس أنبياء بلا نبوة يريدون إعادة صياغة الإسلام من جديد، ليستخرجوا منه نسخة معدلة هجينة توافق منظومة حقوق الإنسان التي وضعها اليهود والنصارى ومن لا دين لهم، ولتجاري الأهواء التي صارت إلها عند أكثر الناس.

وقد قال عليه الصلاة والسلام مبينا حال هذا الزمان: “…إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا…”.

 فلأن القوم لا قدرة لهم على التمسك بالدين كما جاء بلا تبديل ولا تغيير لتحَكم الهوى في أنفسهم يريدونه دينا على مقاس تلك الأهواء. ولأن من يرعاهم ويدعمهم ويؤزهم أزا لا يريدون للمسلمين أن يتمسكوا بدينهم غضا طريا كما أنزل، وأن يحكمهم في دينهم ودنياهم لأن ذلك إيذان بسقوط هيبتهم وتراجع سلطتهم ودوران دائرة الإسلام عليهم.

فهم يسخرون مواليهم من أهل الشقاق والنفاق ليتولوا مهمة نشر البلبلة والشبهات والضلالات باسم الإسلام والتجديد والتطوير والانفتاح واليسر ومحاربة التشدد…!!!

فأي إسلام هذا يُنسب إلى الله ورسوله يريد إسقاط الأصول بعد إسقاط الفروع، وزعزعة العقيدة بعد زعزعة الأخلاق، وتغيير ما تبقى من الشرائع حتى لا يترك ما يدل الأجيال الحاضرة التي ولدت في ظروف فصلت الدين عن الدنيا على أن لها صلة بدين يقال له الإسلام، له أحكام تشمل جميع مناحي الحياة وليس مقتصرا على المسجد.

أي إسلام هذا إلا أن يكون دينا جديدا لم يبعث به نبي ولم يرسل  به رسول! والذي بدأ بإسقاط التراث، والكتب الأصول، والطعن في كتاب الله ووسمه بالتناقض والمزور والخرافي، والطعن في صحيح البخاري معتمد المسلمين في معرفة دينهم الذي جاء به النبي محمد عليه السلام، بدعوى وجود التحريف وكأنهم جاؤوا لكشفه كما جاء القرآن بكشف تحريف الكتب السابقة.

أفليس هذا دين جديد جاء لينسخ المحتوى مع بقائه على الاسم؟ فيعتبر العقوبات الجنائية الوضعية في مقام العقوبات الجنائية في الإسلام، لأنها تحقق نفس المقصد، وهل صار المخلوق أقدر على تحديد المقاصد من الخالق!؟

ويعتبر قسمة المواريث الربانية الحكيمة العادلة ظلما للمرأة وجب تغييرها بدعوى تغيير الزمان!؟

ويعتبر لحم الخنزير حلالا لوفرته ولم يثبت الطب خطره!؟

 والزنا مباح لأنه حق طبيعي والإنسان حر في نفسه، والإسلام جاء ليعطي للناس حرياتهم دون تدخل من “مطوع” أو وصاية من عالم؟!

ويعتبر نظام الزكاة نظاما بائدا لا يجاري نظام الضرائب الذي وضعته عقول راقية خارقة!؟

ويعتبر الحج والعمرة ضياعا للأموال كان أولى أن تنفق في التنمية والبنية التحتية، لكن لا بأس في إسلامهم الجديد أن تنفق الملايير في المهرجانات والمواسم الشركية التي لها حجاجها ومعتمروها!؟

ويعتبر الصيام شهر النفاق والازدواجية و(السكيزوفرينية)، ونشر الفوضى واللامبالاة خصوصا في صلاة التراويح حيث تمتلئ الأزقة والفضاءات بالمصلين!؟ لكن لا بأس بذلك وأشد في مواسم المهرجانات والسهرات…

ويعتبر الربا حلالا طيبا لأن الضرورة الاقتصادية تقتضيه، وبدونه لا يمكن للمرء أن يقتني بيتا ولا أن يشتري سيارة ولا أن يقضي عطلته حيث يريد…!؟

ويعتبر الخمر مشروبا روحيا يدر على خزينة الدولة موارد مالية مهمة، ويسهم في الرواج التجاري والاقتصادي والسياحي، وحتى الأمني والقضائي والطبي!؟ فقط لا يفرط السكران إلى درجة الهذيان!!!

ويعتبر الموسيقى غذاء الأرواح! ورقي الأذواق! وسمو النفوس! وصفاء العقول! بينما القرآن دعوه للمقابر والموتى وعشاء الميت. فذلك مقامه، لا تنغصوا على الناس سعادتهم!!؟

وكذا الأفلام والمسلسلات التي تعج بالمخالفات الشرعية، هي في الدين الجديد أصل من الأصول، في التعبير والتغيير والتوجيه والإرشاد وتشخيص الواقع!!!

أما النقاب فهو حرام لمخاطره الأمنية ومشاكله التواصلية، أما التبرج فهو واجب لأنه يمكن المرأة من حسن التواصل والانطلاق في حرية تامة!؟

ولا زالت القائمة طويلة ستتغير فيها الصلاة والصيام والزواج والطلاق والدفن… تغييرا تاما سيرا على سنة التدرج في تقرير الأحكام.

وللقارئ الكريم أن يضيف ما غاب عن الذهن وهو كثير في مسودة الإسلام الجديد، الذي خططت له أمريكا من زمان لكنها فشلت فيه ليتولاه غلمانها وصبايا الانبطاح. ولترسيخ ما عجز عنه الاستعمار الذي أراد من المسلمين أن يغيروا دينهم فعجز عن ذلك فولى وجهه نحو التشكيك والتدليس والتلبيس وأن يجعلهم مسلمين متشبثين بالإسلام اسما دون حقيقة.

 أليس ما يجري يصدق ذلك ويؤكده؟

لقد كان ربنا عز وجل يرسل رسولا بشريعة تكون في غالبها ناسخة لشريعة قبلها، تم يرسل أنبياء يجددون رسالة ذلك الرسول بعد فترة من الجمود والانحراف عن تلك الشريعة، حتى يأتي رسول بشريعة جديدة.

لكن الله عز وجل لما أرسل محمدا عليه الصلاة والسلام برسالة الإسلام جعلها خاتمة خالدة، ولم يشأ الله أن يرسل أنبياء بعده يجددون رسالته، التجديد الذي يبعثها ويحيها في الناس من جديد بعد اندراس وانتكاس.

لكن الله تعالى وكل بذلك علماء هم ورثة الأنبياء، ورثوا عن النبي القرآن والسنة وما تضمناه من أحكام كما نزلت عليه، صلى الله وسلم عليه. وهي هي كما نزلت يجددها العلماء في الناس مصداقا لقوله عليه الصلاة والسلام: “إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها”. على هذا المنوال، وليس على منوال مدعي التجديد من كل جاهل ومتحامل وعميل ودعي ومنتكس للأسف الشديد، الذي يظهر أنهم يأتون بدين جديد يسمونه زورا وبهتانا الإسلام المتفتح.

إنه الإسلام المعدل جينيا.

فماذا نحن فاعلون؟؟؟؟

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M