المرأةُ العربية، جدليّةُ الروح والجسد!
محسن اعريوة
هوية بريس – السبت 07 مارس 2015
إنَّ للمرأة مكانة عظيمة في المجتمع ودور أساسي في صنعِ الأمّةِ وبناء أمجادها، ولمّـا لم يجد هؤلاء الأعداء أيَّ ثغرة للدخول إلى الإسلام وعجزوا عن مواجهته بالسلاح، فَطِنُوا للمكانة التي تحتلها المرأة في الإسلام فأشاعوا ونشروا حول مكانة المرأة في الإسلام الأباطيل والشبهات وواجهوه بالغزو الفكري والثقافي الممسوخ وأيقنوا أنّهم متى ما أفسدوا وضلّلوا المرأة نجحوا ودخلوا إليه من أيّ الأبواب شاؤوا وشوّهوا صورته عند غير المسلمين وشكّكوا المسلمين في دينهم.
وليسَ لنا بُدٌّ سوى أن نبقى نمورُ معهم حولَ هذه الدّوّامةِ موراً، وننتفضُ حول هذه الشّمّاعة انتفاضاً في كلِّ سنةٍ مثلَ هذا اليوم (8 مارس).
فالمرأةُ قبلَ الإسلامِ كانت سلعة تباع وتُشترى، يُتشاءمُ منها وتزدرى، تباعُ كالبهيمة والمتاع، وتورثُ ولا ترث، حتى قالوا: لا يرثنا إلا من يحمل السيف ويحمي البيضة. وكان العرب إذا مات الرجل منهم وله زوجة وأولاد من غيرها كان الولد الأكبر أحقُّ بزوجة أبيه من غيره، ويعتبرها إرثا كبقية أموال أبيه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الرجل إذا مات أبوه أو حموه، فهو أحق بامرأته إن شاء أمسكها، أو يحبسها حتى تفتدي بصداقها أو تموت فيذهب بمالها.
حتى جاءت المنحوتات القديمة في بلاد الرافدين مصورة للمرأة على أنها جسد جنسي تبرز فيه الأعضاء الجنسية كالثديين والرحم وعضو الأنوثة دون سائر الأعضاء. وظلت هذه الصورة تتواتر حتى وصلت لوقتنا الراهن الذي أصبحت فيه المرأة المعاصرة في الفن الحديث والإشهارات والمجلات والسينما عبارة عن جسد شبقي ليس له أيّ وظيفة سوى إثارة الرجل وإغرائه وعرض هذا الجسد على الأزقة والجرائد للتسويق والتبضيع، حتى هيمنت في مجتمعنا الذكوري فكرة “تسليع النسّاء” وغلغلت في النساء حتى جعلتهن يتقبلن ويرتضين بهذه الصور الجسدية عنهن.
و ما يعضد قولي على أنّ مجتمعنا الحالي مجتمع ذكوري بــامتياز -رغم وجود هذه الجمعيات والهيئات النسوية- هو الخطاب المستعمل في المجال الوظيفي فهي تخاطب بصيغة المذكر “عضو، مدير، رئيس…”، وقد قرر هذا مجمع اللغة العربية في القاهرة في دورته الرابعة والأربعين على أنه يجوز “أن يوصف المؤنث بالتذكير فيقال: فلانة أستاذ أو عضو أو رئيس” واستندوا في ذلك إلى عدة نحاة كابن جنيّ وغيره، حتى الفلسفة الإغريقية ولدت في مجتمع ذكوري ولا تنفك أن تكون ذكورية فنجد سيد الفلاسفة أفلاطون كان يأسف أنه ابن امرأة وظل يزدري أمّه لأنها أنثى، وكان يرى أن الحب الحقيقي هو ما كان بين الرجل والرجل، ويرى الجمال المبهج في الشبان، وللمجتمع أن يكافئ الرجال المحاربين بأن يمنحهم النساء جائزة لهم على شجاعتهم.
إنَّ جميع الديانات الجبلية طرّاً أكرمت المرأة أيما تكريم وأكمل وأوفى إكرام لها كان آخره من الإسلام حيث جعلها جوهرة مصونة ودرّة مكنونة وعرضا يصان ومخلوقا يُرحم، ولكن الثقافة التي صنعها البشر هي التي أبخست المرأة حقوقها واستحوذت عليها فجعلتها آلة صماء تحركها كيفما شاءت وتفعل بها ما تشاء، وأن هؤلاء الظلمة الأقزام المستبدين الذين يطربون لسماع الهمس النسائي والذين ينددون بحقوق المرأة جهارا نهارا وبالمناصفة بينها وبين الرجل بكل حقارة ” لا يريدون حريّتها بل يريدون حرية الوصول إليها ” كما قال أحد المشايخ. كما أنهم يريدون تذويب الأمة المحمدية حتى تصبح ممسوخة ثم يضعونها في قالب نسخة طبق الأصل للغرب.
فموضوع المرأة موضوع ساخنٌ وحيويٌّ لذا أقول لكِـ أخيّتي أنَّ حقوقك حدّدها القرآن وقررتها لكِ السنة الشريفة وأنّهم يخدعونكِـ بقولهم: أنتِ حرّة.. أنتِ مستقلّة.. أنتِ أنتِ أنتِ… فما يفعلون هذا إلا لشهواتهم وأهوائهم، وما يستغلون جمالك إلا لمصالحهم.