لحظة يا معلم.. «انحني ليقضي ابني حاجته فوق رأسك»

19 مارس 2015 19:41
لحظة يا معلم.. «انحني ليقضي ابني حاجته فوق رأسك»

لحظة يا معلم.. «انحني ليقضي ابني حاجته فوق رأسك»

نجاة حمص

هوية بريس – الخميس 19 مارس 2015

حينما اخترت العمل كمدرسة، كان اختياري نابعا من قناعة مترسخة، إلا وهي عدم الاختلاط في العمل وقد اخترت العمل للشديد القوي، ليس “عياقة” ولا إثبات ذات، ورغم ذلك كنت أتحاشى العمل وزميل أو زملاء لي كشركاء في مكتب واحد.

وكانت قناعتي تلك بعدما جربت العمل المكتبي في بعض الشركات الخاصة، وقد ضقت ذرعا من مزاحمة الذكور، وتعمدهم الاقتراب إما لشرح ما هو واضح، أو لإفهامي ما هو مفهوم.. ليس تطرفا ولا تزمتا، ولكن بصراحة لأني أحب نفسي وقد كرمني الله عز وجل وفصل في ذكر سبل راحتي وسعادتي، في كتابه الكريم، كما اقدر كوني ابنة رجل غيور وأخت لشاب دمه ساخن..

من قبل كنت أتجنب هذه المهنة وخاصة في القطاع الخاص، عملا بمبدأ “ابعد عن الشر وغني له”، لم أكن أتصور نفسي معلمة، رغم تشجيع زملاء الدراسة، صديقاتي وقريباتي، تشجيع جاء بعدما لمسوه مني من تفان في الشرح والتفسير، والإغداق في التفصيل من غير تقتير، لكن لا اعلم لم كنت ارفض وبشدة، فالتعليم بالنسبة لي مسؤولية وأنا المعروفة بطبعي المتخوف من المسؤولية وحملها الثقيل، كما كنت ارفض لما أراه في جيل الغد من انعدام أخلاق وقيم، وهما الأساس في التربية والتعليم في نظري، كطالبة لم يشتكي منها معلم طوال فترة الدراسة، وكإنسانة غرس فيها تقدير المعلم وذلك من المسيد إلى الجامعة..

أما أسباب تهربي من التدريس فحدث ولا حرج:

ربما لأني كنت اسمع أن هناك تلاميذ يحتج آباءهم على المعلم لأنه لم يمنحهم قبلة الخروج أو الدخول..

أو لأني سمعت من قبل أن هناك من لمس راس طفل لينبهه، فأصبح اللمس ضربا و”نتفا”..

كنت أسمع أن هناك أطفال يرفعون أياديهم موبخين المعلم ومقرعين له بلا ماء..

كنت أسمع أن هناك من يشتكي المدرس لأنه لا يعمل مهرجا يضحك الملائكة الصغار، الذين يهرعون إلى آباءهم مطالبين بـ”كلون” يحبب إليهم المادة ويقرب الفصل إلى ما يشبه السيرك، فيحب الصغير الدراسة وفي داهية الصرامة في التعليم والتحصيل، المهم الفرفشة…

كما كنت أسمع عن جرجرة المعلم الذي كاد أن يكون رسولا على بطنه جرا، لأنه نظر بحدة إلى طفل قلبه طري، أو لأنه أصر على حفظ جدول الضرب، conjugaison. آيات القران أو نصوص الأحاديث..

صحيح أني استفدت الكثير، تقوت شخصيتي وصقلت بفعل عوامل التعرية، من رياح وعواصف مرت علي مرور اللئام، لم تكن قط بردا ولا سلاما، دخلت فصولا لتعلم طرق التعليم العصرية، عبر الانترنت، حضرت دروسا لقدماء محاربي الجهل من أساتذة ومعلمين، تنصلت من كوني مسيرة شركات ومراقبة عمال، غير أني لم أستطع التخلص من حبي للنظام، وكرهي للسفالة وقلة الأدب..

بصراحة..

لأني كنت أعرف أن الله عز وجل قال في كتابه الكريم: “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا“.. لذلك كرهت أن يأتي علي يوم يقضي فيه طفل حاجته فوق رأسي…

وقضاء الحاجة على رأس معلم، لن يضر شيئا، لاسيما وأن أطفال هذا الزمن ملائكة يمشون على الأرض، ومن يقدر “يخسر” خاطر ملاك..

……………………………..

صفحتي على الفيس بوك:

https://www.facebook.com/pages/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%AA%D8%A8%D8%A9-%D9%86%D8%AC%D8%A7%D8%A9-%D8%AD%D9%85%D8%B5/636442923053853?ref=tn_tnmn

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M