د. مصطفى بنحمزة: هناك إغراء للمغاربة بالفيزا والمال والشكولاطة لتغيير دينهم
هوية بريس – عبد الله المصمودي
السبت 06 يونيو 2015
أجرت يومية “أخبار اليوم المغربية” (ع:1690)، حوارا مع الدكتور مصطفى بنحمزة رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة وعضو المجلس العلمي الأعلى، تطرق فيه إلى بعض مقتضيات مسودة القانون الجنائي التي أثارت الجدل، من قبيل حرية المعتقد، والإفطار في رمضان، والإعدام..
فعن سؤال: هل تعتقد أن من مصلحة المغربي تقنين اليانصيب؟
قال الدكتور بنحمزة: “أنا لا أدافع عن القانون، أنا أتحدث عما يعنيني، كل شيء يخالف الشريعة الإسلامية في القوانين يجب أن يشجب. أنا لا أتحدث معك عن جزئيات، أنا أتحدث عن مبادئ عامة..”.
وعن سؤال الإبقاء على العقوبات الزجرية المرتبطة بزعزعة العقيدة، مع أن المغرب صادق على مشروع قرار أممي يقر بحرية الاعتقاد؟
قال د. بنحمزة: أقول لك إن ما في النص يمثل الواقع، وإن ما تحدثت عنه المواثيق الدولية شيء آخر. حينما أجد مجموعة من المفكرين يدرسون الإسلام دراسة معمقة ويقارنون بينه وبين غيره، ثم يخرجون ويغيرون دينهم، هذا وضع، لكن عندما أجد فتى لم يبلغ الحلم، ولم تتيسر له معرفة الدين ثم يقول إه يملك حريته ويغير دينه، فهل ترى أن هذه حرية؟
الحرية أساسها المعرفة والاختيار، أنا أرى وأنت ترى والجميع يرى أن هناك من يغري بالفيزا وبالمال، وحتى بعلبة الشكولاطة في بعض الأحيان“.
وعن تناقض عدم قانونية إجبار أحد على القيام بعبادات (دون تحديد نوعها في نص القانون)، والإبقاء على تجريم الإفطار جهارا في رمضان، ثم كيف يمكن إثبات أن الشخص مسلم؟!!
قال د. بنحمزة: “إذا أقر بأنه غير مسلم، هناك أحكام التعامل مع غير المسلمين وهي كثيرة. نحن يجب أن نبقيه في الإسلام، ويجب أن نقول إنه مسلم حتى لو فعل ما فعل، وهذه هي القاعدة عند أهل السنة، وعدم الدخول في متاهات التكفير، وحتى الذي أكل في مهار رمضان ليس كافرا، لذلك يجب ألا نذهب أبعد من هذا.
هذا الشخص نحن لا نعاقبه لأنه أفطر في رمضان، أبدا، نحن نعاقبه لأنه انتهك حرمة الصيام، لأن الصيام شعيرة جامعة، فالمفطر هو الذي يعتدي على الناس. ليذهب إلى منزله ويفطر كما يشاء، هل الجماعة ليس لها رأي؟ في كل الدنيا الجماعة لا تستباح، وفي كل دولة هناك مقومات فكر جمعي لا يجوز أن تنتهك”.
الصحفي: لكن إذا كان الأمر كذلك، حتى الذي يصلي وثبت أنه لم يؤد الصلاة، بعد دخول وقتها وجبت معاقبته؟
د. بنحمزة: “ليس الأمران سيان، يجب أن نقابل الأشياء بالمتماثلات، ففي أوربا مثلا، اتفقت الجماعة على منع التدخين في الأماكن العامة، إذن، الفرد الذي يخرق هذا الاتفاق يتعرض لعقوبة”.
الصحفي: إذن أنت توافق على إنزال العقوبات بالمفطرين؟
د. بنحمزة: “كل جماعة لا تحترم المجتمع يجب أن تنال الجزاء القانوني المترتب على ذلك، ثم دعني أقول لك شيئا، إن الشعوب العظيمة تثبت إرادتها بالجوع وليس بالأكل، تثبتها بمعارك الأمعاء الخاوية والإضرابات عن الطعام. والأكل كما قلت: لم يكن يوما دليلا على عظمة الإنسان”.
الصحفي: لنتساءل: لماذا هؤلاء في نظرك يقومون بهذا الفعل؟
د. بنحمزة: : لديهم ضعف في التدين، لذلك يجب إقناعهم، فالذي يجب أن يعلمه الجميع هو أن هذه البلاد تحافظ على انسجامها، ويجب ألا يجور أحد على الآخر، لأننا عندما نذبح الأخلاق يذهب المجتمع”.
ثم سأله صحفي “أخبار اليوم” عن عقوبة الإعدام التي ما زالت تثير الكثير من الجدل، وكيف تنظر إلى الأمر؟
فقال عضو المجلس العلمي الأعلى: “أولا نحن نتحدث عن القصاص ولا نتحدث عن الإعدام، لأن الإعدام في الحقيقة لا يوقفه أحد، ويزداد ويقع الآن أكثر مما وقع في أية مرحلة من المراحل، ثم دعني أتساءل: هل القتل الذي يقع يوميا يقع بسبب القصاص؟
إن العالم الآن كله ساحة للإعدام، وبعض الأوربيين يتحدثون الآن عن الإعدام، لكن بعدما حصلنا على استقلالنا، كنا نتمنى أن يتحدثوا عنه عندما كنا نتعرض لهذا الإعدام على أيديهم، وأنا أتساءل هنا: من قتل مليونا ونصف مليون شهيد في الجزائر؟ من قتل وأعدم السجناء المطالبين بالتحرر في المغرب سنوات الاستعمار؟ ومن ارتكب الفظائع في الريف في الحقبة الاستعمارية؟
وفي حالة القصاص التي نتحدث عنها، كأنما الذي أعدم أصبح يستأثر باهتمام الناس وأصبح شخصا مظلوما، وأنا أتساءل هنا: أين هو تحقيق معنى المساواة في الحق في الحياة؟ صحيح أن الإعدام لا ينهي القتل، لكنه على الأقل يحقق المساواة، ثم إن هناك أمرا لابد من قوله: من يتحدث باسم المقتول ويدافع عن القاتل؟ ما صلته بالموضوع؟ هل هو الشخص الذي قُتل؟
يبدو لي أن هناك خللا في التعاطي مع هذا الموضوع، ثم إنه في الإسلام، ليس واجبا دائما إقامة القصاص.. هناك العفو”.