صمام الأمن في الأحداث الجارية اللجأ إلى الله تعالى
إعداد: عبد الغني ادراعو
هوية بريس – الخميس 26 شتنبر 2013م
بسم الله الرحمن الرحيم
انشغل العامي قبل طالب العلم، والطالب قبل العالم بتتبع ما يقع من تقلبات وتغيرات في واقع المسلمين خلال هذه الأيام، ونتج عنهذاالتببع فيض من التوجيهات، ورُزَم من الحلول المقترحة هنا وهناك، والتيتختلف باختلاف مصدرها، لكن الذي نأسف له غاية الأسف، أن تقع كل هذه الأحداثبما تحمله من أهوال واختلاف، ثم ننسى أو نتناسى أن العاصم من ذلك الكتابوالسنة؛ اللذان يضمنان لمن اعتصم بهما إما السلامة والنصر وإما العذر عندالله تعالى، ذلك ما عالجه شيخنا الوالد محمد زهرات المغربي حفظه الله تعالىفي إحدى مجالسه، فأحببت أن يعم بكلمته النفع عسى أن تجد آذانا وقلوباواعية. والله ولي التوفيق.
المحاضرةبعنوان: صمام الأمن في الأحداث الجارية اللَّجَأ إلى الله تعالى
ألقيت بتاريخ: الاثنين 27 جمادى الآخرة 1432 الموافق ل 30 ماي 2011م.
بسم الله الرحمن الرحيم
أبنائي الكرام… إخوتي الفضلاء…
طال غيابنا عنكم، وغيابكم عنا،و نرجوا الله أن يزيل كل الموانع والعوائق، حتى نرجع إلى ما كنا عليه سلفا من الاجتماع في دور القرآن الكريم؛ نتصفح هذه الوجوه الكريمة الفاضلة، نرجوا الله أن يحقق الرجاء… آمين.
أبنائيلا أراني في حاجة إلى وصف هذا الواقع المؤلم، وهذا الزلزال العنيف، وهذا الطوفان الذي زلزل العالم الإسلامي منذ شهور، لست في حاجة إلى أن أتكلمعنه؛ واصفا كَمَّهُ أو حجمه أو.. أو.. أو..الخ.
فالكل يعلم لاسيما والوسائل المتاحة لهذا أصبح يعرفها القاصي والداني والكبير والصغير.
لكن الذي يجب أن نقف عنده بصفتنا أمة مسلمة، ممنهجة، ملتزمة، لها دستورها الذي يقف بآياته وأحاديثه، كلما وقع ما يدعو إلى التأني وإلى التثبت. فإذا كانمسموحا لغير المسلمين أن يضلوا الطريق في أول الزلزال، فإن المسلمين لاينبغي لهم أن يضلوا الطريق وهم عندهم كل ما يُمَكِّنهم من أن يعرفوا أينيضعوا أقدامهم، وأين يخطوا، وماذا ينبغي أن يُفْعَل، فالواقع المؤلم لايعدو كونَهُ قدرا من أقدار الله؛ القائل في كتابه العزيز: “وكان أمر اللهقدرا مقدورا”(1)لست في حاجة أن ألقن أبنائي وإخوتي،أنه لا يقع في ملك الله إلا ما قدره الله، ولو لا أن الله قدر هذا الواقع المؤلم، ما كان هو ليقع، أما وقد وقع، ولا يخرج عن كونه قدرا من قدرين، لأن أبنائي يعلمون أن القدر قدران، وأحدهما دواء للآخر.
الأول: قدر كوني غيبي، لا يعلمه إلا الله، ولا يعلمُه خلق الله إلا عند وقوعه، وقد وقع وها نحن نعيشه ونعيش آلامه وأبعادَه كلَّها في أرض الله وبلادالله.
يا ترى إذا نزل القدر الكوني ماذا نفعل؟ عَلَّمَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا بإزاء الأقدار الكونية أن نعالجها بالأقدار الشرعية، كل قدر كوني يعالج بقدر شرعي، فالمسلمون عندهم الداء والدواء.
وحتى يعلم الإخوة ماذا أعني؛ أحكي لهم حكاية لعلها تبين لهم ما أهدف إليه.
جاء في صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس أن عمر بن الخطابرضي الله عنه خرج إلى الشأم حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراحوأصحابه فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشأم قال ابن عباس فقال عمر ادع ليالمهاجرين الأولين فدعاهم فاستشارهم وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشأمفاختلفوا فقال بعضهم قد خرجت لأمر ولا نرى أن ترجع عنه وقال بعضهم معك بقية الناس وأصحاب رسول اللهصلى الله عليه وسلم ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء فقال ارتفعوا عني ثم قال ادعوا ليالأنصار فدعوتهم فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا كاختلافهم فقال ارتفعوا عني ثم قال ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح فدعوتهم فلم يختلف منهم عليه رجلان فقالوا نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء فنادى عمر في الناس إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه قال أبو عبيدة بن الجراح: أفرارا من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة؛ نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله؛ أرأيت لو كان لك إبل هبطت وادياله عدوتان؛ إحداهما خصبة، والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف؛ وكان متغيبا في بعض حاجته، فقال: إن عندي في هذا علما؛ سمعت رسول اللهصلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه. قال: فحمد الله عمر ثم انصرف(2).
أليس هذا التشريع النبوي دواء لهذا القدر الكوني؟ بلى، بلى، ونحن إذ قدر الله ووقعت الشرارة الأولى منذ شهور، وأنتم تعلمون ما هي البلدة التي وقعت فيها أول شرارة فاندلعت النار في بلدان العالم الإسلامي، أنتم على علم بذلك.
إذا، إذا كان خليفة رسول اللهصلى الله عليه وسلم، لجأ إلى قدر شرعي ليداوي به قدرا كونيا. فأين نحن من هذه التعليمات التي علمناها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
وقعت فتن كثيرة على عهد رسول اللهصلى الله عليه وسلم؛ كيف عالجها يا ترى؟
عَلَّمَنا ذلك، فلنستقرئ مثلا غزوة الأحزاب أو غزوة الخندق وهما اسمان لها.
وقال لنا في كتابه العزيز مخبرا إيانا بمن قال لجند رسول اللهصلى الله عليه وسلم، قال اللهتبارك وتعالى: “الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم” لأن هذه فتنة،وهذه الدعاية تزيد الفتنة، لكن صحابة رسول الله صلى الله علية وسلم كيفكان موقفهم ممن قال لهم: إن الناس أعدو لكم، وأعدو لكم، وأعدو لكم، ليزرعوافي قلوبهم الوهن والخوف ماذا قالوا لهم، أخبرنا الله بذلك: “الذين قاللهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا اللهونعم الوكيل”(3) ماذا قالوا؟ قالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل.
منذشهور وقع “الطاعون” أو هذا ” الزلزال” الذي عم بلدان المسلمين، فما سمعت من مسلم أن قال:” حسبنا الله ونعم الوكيل” هذه الفتنة التي ما رأينا مثلها،والتي عمت غالب بلاد المسلمين ما سمعت أحدنا جعل مرجعَهُ وملجَأَهُ اللهُالذي لا ملجأ من الله إلا إليه.
وفي عهد رسول اللهصلى الله عليه وسلم بعث بعلماء وقراء ليُعلموا بعض القبائل ما يجب عليهم من دينهم فماذا وقع؟تُعُرِّضَ لهذه الفئة من علماء الإسلام ومن قراء الإسلام؛ فقتلوا جميعا.
ماذا فعل رسول اللهصلى الله عليه وسلم؟ لجأ إلى من؟ إلى الله، وأنشأ لنا قنوتا، والقنوت معناه التضرع، والدعاء، والبكاء، والابتهال إلى ذي الجلال والإكرام، لينتقم ممن فعلوا وفعلوا وفعلوا بخيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نحن وقع هذا الواقع، وما رأيت إلا من يعتمد رأيه، ويعتمد حيلته، ويعتقد أن حل هذا المشكل الذي حير الألباء. وتعلمون أن هذا الواقع الذي وقع هو محير يحارفيه ذوو الألباب من ذا الذي يستطيع أن يقطع ويجزم أن سبب هذا الواقع من أوله فلان أو علان، أو جهة أو كذا، لا يعلم ذلك إلا الله. ثم أنا في عمري أربع وسبعون عاما، ما رأيت مثل هذه الفتنة أبدا، هي فتنة كبيرة، ولا تزيدها الأيام إلا انتشارا عياذا بالله، نسأل الله أن يجعل عاقبتها لصالح دينه وعباده المؤمنين. فهل تضرعنا؟ فهل ابتهلنا؟ فهل راجعنا أنفسنا؟ وقلنا: لعل هذا الواقع، إن هو إلا عقوبة عاقبنا الله بها؛ نحن الذين نقول إنناملتزمون، من الذي سيسبق إلى التضرع وإلى والابتهال إلا الملتزمون بشرع الله، ما رأيت من قال: ربَّنا رَبَّنا، وعلمنا الله في سورة إبراهيم، على لسان الرسل قالوا: “وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا”(4)ونحن، ألم يهدنا الله سبلنا؟ فلماذا ننسى قرآننا، وسنة نبينا، والتوجيهات المبثوثة فيهما، كلما اختبرنا الله وابتلانا بمثل ما نحن غارقون فيه، ولاندري متى سينتهي؟ نرجوا الله أن يُطْفِأَهُ؛ وهو الذي قال في كتابه العزيز:” كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله(5)، اللهم عجل بإطفائها يارب العالمين.
الشاهد عندي يا أبنائي؛ إذا درسنا سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبتدبر وتأمل نخرج منها بعلم غزير. كيف نواجه مثل هذه الفتن؟ ماذا نقول؟ ماذا نفعل ماذا.. هذا كله ينساه المسلمون.
يوما ما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مخبرا صحابته الكرام عن أحد ملائكة الله الكبار؛ وهو صاحب البوق؛ إسرافيل عليه السلام، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كيف أنعم وقد التقم صاحب القرنِ القرنَ، وحنا جبهته وأصغى سمعه، ينظر متى يؤمر». قال المسلمون: يا رسول الله فما نقول؟ قال: «قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا»(6).
والله تعالى قال لنا في كتابه العزيز: “ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون”(7). وقال في سورة الزمر(8): “ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون” الشاهد أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم يصف لصحابته الكرام هذا المشهد العظيم، وهذه النفخة التي تقيم الأموات من قبورهم. فقالوا رضوان الله عليهم: “ماذا نقول يا رسول الله؟ قال قولوا: “حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا”.
يا أبنائي! هذا الواقع، إياكم أن يغريكم أحد ويقول لكم: إن حل هذا الواقع في كذا أو في كذا.. مما تلده الأفكار والآراء، ولكن الجئوا إلى الله واطلبوا منه الحل؛ لأنه الخالق لكل شيء، العليم بكل شيء، الشاهد على كل شيء، القدير على كل شيء، الوكيل على كل شيء، كفى به وكيلا، أليس كذلك؟! فلماذا منذشهور، ومنذ اندلعت هذه الفتن والناس يقترحون على بعضهم البعض؛ افعلوا،افعلوا، افعلوا، إذا فاتكم هذا فاتكم.. أي شيء تحقق في هذه الشهور ليقل ليأحد، من حقق شيئا؟!
لم يحقق أحد مكسبا من المكاسب،رغم أن الناس فعلوا وفعلوا؛ حسبما أوحت به إليه آراؤهم وأفكارهم. والله نحن المسلمين، عندنا الحل بأيدينا، هل دعونا الله، ولجأنا إليه، وابتهلنا وتضرعنا، وصلينا في جوف الليل؛ نرجو أن يخرجنا الله من هذا المأزق، لماذا نذهب بعيدا ونترك ما هو ممكن بالنسبة إلينا؟! إذا كنا فعلا يهمنا أمرالإسلام والمسلمين لأن الضحية في هذه الفتن كلها ما هو؟ هو قوام حياتنا وسبب فوزنا مع الله، وهو الدين، الدين هو الضحية، والمتدينون هم الضحايا،وكل القوة العالمية تركز على ماذا؟ على إذهاب هذا الدين؛ حتى لا يسمعوا: هذا حلال وهذا حرام. لأن القاصدين والمستهدفين يريدون أن يتحللوا من دين الله، ومن شرع الله، رغم أنهم متحللون بنسبة كبيرة. ولكن يريدون أن يتحللوا أكثر فأكثر.
إذا، أبنائي الكرام هذا الواقع القدري الذي هو كوني، عندنا قدر شرعي ألا وهو اللَّجَأ إلى اللهعز وجل أن يوفقنا وأن يسددنا وأن يهدينا إلى طريق الخروج من هذا المأزق. صمامالأمن هو اللجأ إلى الله. هذه نصيحتي لأبنائي الكرام فمن شاء اعتصم بها تمشيا مع قول الله :”ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم”(9) هذه الكلمة التي هي كلمة عظيمة، أمر بها الله وقال للمسلمين: “واعتصموابحبل الله” أصبحنا نسمع هذه الكلمة يتلاعب بها، اعتصم، اعتصم، اعتصم، بمن وبأي شيء.. بالعنكبوت؟ لماذا لا نعتصم بالذي يقول في كتابه العزيز: “واللهغالب على أمره”، والذي يقول: “وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير”، “قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم”.
أمة الإسلام عندها الحلول التي لا يملكها غيرها، ومع ذلك إما تجهلها في وقتالحاجة، وإما تتجاهلها، وأيّا ما كان الأمر فلا ينبغي لنا أن نجهل أونتجاهل أبواب المخارج التي فتحها الله ونحن غافلون عنها، فالمخارج كثيرة عندنا. ألم يقل الله في كتابه العزيز تلكم الآية المُسَلَّمة التي لو وعاها المسلمون وعملوا على ضوئها ما وقعوا في مأزق، وإذا وقعوا يفرج الله عنهم فيأقرب الأحوال؟ ألم يقل الله بالتأكيد ولا نحتاج من الله أن يؤكد قال تعالى” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”(10). نسمع: “التغيير، التغيير” كل شيء يُغَنِّي بالتغيير ويريده ويهتف به قولا،لكن طريق التغيير عَلَّمَنَاها ربنا بآية كريمة، وقال لنا إن كنتم تريدونأن يغير الله ما بكم غيروا ما بأنفسكم. وتغييرنا ما بأنفسنا يجب أن يخضع لآيات قرآنية.
أذكر منها فقط ما جاء في آخر سورة الفتح عند وصف الله رسوله الكريم وصحابته الكرام قال تعالى: “محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم”(11).
بالله عليكم؛ هل مثلنا نحن هذه الآية الكريمة على الأرض؟ بل نحن اللذين قلبنا الآية؛ فنحن أعداء على بعضنا، ورحماء بأعدائنا، وهذا مُشَاهد في معاملاتنا، في أقوالنا، في كل شيء، فلا تكاد تجد مُسْلمَيْنِ أو أكثر إلا وتجد عندهمتسعين بالمائة استعدادا للخصام والتنابذ والتقاطع والمعاداة، وما بقي منتسعين إذا صح قابلية للتآخي وللتفاهم وللتنازل، ولنسيان ما يوقع الخصومة، إذاً، نحن إذا أوقع الله بنا مثل هذه الطواعين، يجب أن نرجع إلى أنفسنا كما كان العهد عندما كان صحابة رسول اللهصلى الله عليه وسلم، الذين كانوا إذا وقع لهم أدنى شيء لا يرجعون باللائمة على شيء إلا على أنفسهم، بحيث أصحاب رسول الله صلى الله علية وسلم إذا عثرت به دابته فياللحظة يقول: لعلي فعلت ذنبا فهذا عقاب الله لي أنا.
كيف وواقعنا في أسواقنا، في حاراتنا، في وحداتنا السكنية، في إداراتنا، في مؤسساتنا، أين ما ذهبت لا تجد إلا النفاق، والخداع، والغدر، إلا من شاء الله تعالى، وكل يقول إما بحاله وإما بمقاله: إذا سلمت أنا فلا أكثرت بمن أصيب، هل هذا منطق إسلامي؟ يا إخوتنا! إذا أردنا فعلا أن نستيقظ بسبب هذا الواقع، فلنستيقظ إلى أن نراجع أنفسنا، ونراجع علاقاتنا بصفتنا مسلمين. يقول فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره”(12).
إذا أردنا أن يفرج الله عنا من هذا الواقع؛ فَلْنرجع إلى قول الله تبارك وتعالى: “والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم”(13).
إذا لم نحقق هذه المسائل فهل نريد أن يرحمنا الله؟! هذا اعتداء على دين الله،وعلى كتاب الله، يا أمة الإسلام في هذا الخضم وهذه الفتن بدت وتولدت أفكار وآراء وتوجهات، وكل جماعة، وكل أحد يظهر له الحل لهذا المشكل، هو فيما أوحتبه إليه نفسه وفي ما يراه فكره، ولم أسمع دعاءً يقول: “اللهم رحمتك نرجو فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين” أين معنى هذا الدعاء فينا أين؟! ونحن شهور وأيام ولم نتذكر ربنا، ووكلنا إلى أنفسنا شهورا ومددا طويلة، ولم نتنبه إلى أنه يجب علينا أن نرجع إلى الله، إذا كنا نريد المخرج يا أمةالإسلام، فعلينا بتقوى الله، والله يقول لنا: “ومن يتق الله يجعل لهمخرجا”(14)، “ومن” عامة؛ أمة، شعب، جماعة، فرد، أسرة، عائلة، وما أحوجنا إلى المخرج من هذه الفتن التي عَمَّتْ وطَمَّتْ، وأملنا في الله أن يعجل بانتهائها لصالح دينه وعباده المؤمنين.
أَمِّنوا يا عباد الله! نحن نعيش خطرا، والله خطر، ولا ندري ما وراءه. قبيل وقوع الشرارة الأولى التي أشرت إليها سابقا، وأنتم تعلمون أين وقعت؟! قبيلها بدقائق، بالله عليكم من كان يتنذر بأن هذا الواقع سيقع؟! لا أحد إلا الله، ثم المخططون؛ الذين خططوا لهذا الواقع المؤلم؛ ولا يكونون إلا أعداء لدين الله، ولبلاد الله، ولعباد الله، فاللهم اكفناهم بما شئت وكيف شئت يا رب العالمين، وأنت يارب أعلم بهم؛ اللهم اكفنا شرهم، اللهم اكف الإسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها شر كل ذيشر أنت آخذ بناصيته. توبوا إلى الله والجئوا إلى الله، ولا يغرنكم إشاراتوآراء، وليس هناك أحد يمكن أن يقول كذا أو كذا بقطع النظر، وإنما كل ذلك تخمين وخبط ورجم بالغيب، إذن نَكِلُ الأمر إلى من؟ إلى من يعلم السر وأخفى. من يدري من المخطط؟ وإلى أي شيء يهدف؟
ولهذا نصيحتي لأبنائي وإخوتي هوالرجوع و اللَّجَأ إلى الله، والابتهال إلى الله، ودعاء الله في الثلثالأخير من الليل؛ يدعوا الكبير والصغير والمتوسط، ولا ندري من هو مجابالدعوة بيننا، هذا وقت التضرع ووقت الابتهال، وليس وقت البلبلة ؛ فنشتغلبوصف الواقع، كل يصفه على حدة: فعلوا هنا، وفعلوا هناك..، إذن وأنت ماموقفك؟! فنبقى نصف الواقع حتى نموت ونحن نصف الواقع، لكن ما أحرانا أننموت ونحن رافعون أكفنا إلى الله ضارعين مبتهلين، مبدين فقرنا، وألا حوللنا ولا حيلة أمام أبسط الأمور، بله هذا الأمر العظيم الذي يستهدف أول مايستهدف ديننا القويم.
الجئوا إلى الله، يا عباد الله، وخذوا حذركم.
هذا كل ما ينبغي، حتى لا أطيل على إخوتي، وأختم بتلكم الآيات الواضحة؛ التي أنهى الله تعالى بها سورة يونس عليه السلام حيث قال تعالى: “يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنمايهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين”(15)،هذا مع الإشارة إلى أنه إن كان هناك من أسباب يجب على للمسلم أن يتخذها فلا ينبغي أن يتهور في اتخاذها، بل يستوحي كتاب الله وسنة رسول الله إذا أراد أن يتخذ سببا، فإن علم من سبب ما أنه سيحقق نفعا ما، وخيرا ما لدينالله وعباده فعله، وإلا تأخر وفوض الأمر لذي الجلال والإكرام .أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الأحزاب آية:38.
[2] أخرجه: أحمد (1/194)، والبخاري (10/220/5729)، ومسلم (4/1740-1741/2219)، وأبو داود (3/478/3103)، والنسائي في الكبرى (4/362/7521).
[3] آل عمران آية:173.
[4] إبراهيم آية:12.
[5] المائدة آية:64.
[6] أخرجه: أحمد (3/7)، والترمذي (4/536/2431) وقال: حديث حسن. وابن ماجه (2/1428/4273) وصححه ابن حبان: الإحسان (3/105/823).
[7] سورة يس آية:51.
[8] آية:68.
[9] آل عمران آية:101.
[10] الرعد آية:12.
[11] الفتح آية:29.
[12] أخرجه: أحمد (2/277 و360)، ومسلم (4/1986/2564)، وأبو داود (5/195-196/4882)، والترمذي (4/286-287/1927).
[13] التوبة الآية:71.
[14] الطلاق آية:2.
[15] يونس آية:109.