وجاءت الكاشفة
هوية بريس – محمد عوام
لم يكن يدور بخلد أحدهم أن يأتي يوم تنكشف فيه مخازي دعاة التطبيع، من علماء ومثقفين وفنانين، انفضحت مخازيهم، ولم يكن ذلك لدواعي مبدئية أو قناعات فكرية، وإنما طمعا في الحصول على المال الذي أعمى البصائر، وغشى على القلوب، حتى أصبحت لا تميز بين الحق والباطل، والغث والسمين، والمبادئ والقيم، والرعونات وانعدام الأخلاق والشرف.
انكشفت الحقيقة، وتمايزت الصفوف، فريق مع الأمة وقضاياها وثوابتها ومبادئها. وفريق أهوى بنفسه في جحيم التطبيع والخيانة، والتنكر لهوية الأمة، ودعم الحكام الفجرة والفسقة الذين باعوا الأقصى الشريف، من غير أن يحصلوا على شيء، ولن يحصلوا على ذلك.
وانكشفت حقيقة المؤصلين للتطبيع (ابن بية وفاروق) وغيرهما، بتحريف القواعد الشرعية، وإخراجها عن معانيها ومضامينها وسياقاتها، رغبة فيما عند أسيادهم من فتات الدنيا، وتزلفا وتملقا لهم، حتى يرضوا عنهم فيزيدوا في العطاء والسخاء.
وانكشفت حقيقة طائفة أخرى بعضها صامت، وبعضها منافق، ركب ظهر بعير أجرب، فأصبح همه الدفاع عن علماء وشيوخ التطبيع، وتلميع صورتهم، والنفخ فيهم، كأنهم لا يعرفهم أحد، ولا سمع بهم، ولا تاريخ لهم يعرفهم به القاصي والداني، عسى أن يجلب من ورائهم دولارات يبني بها الفيلات، أو إكراميات تمكنه من بعض السفريات، متطلعا أن يلتقي ببعض أمراء السوء والخيانة، فيلقوا إليهم من بقايا موائدهم العفنة، ثم يتبعونها بالمدح والإطراء.
إنها الكاشفة التي تفضح دعاة التطبيع والخيانة، وتعري على سوآتهم، ومع الأسف أن طائفة منهم لبثوا حقبة من الزمن في صف الحركة الإسلامية، يعظون ويشنفون الأسماع من فوق المنابر، ويرققون القلوب بآيات الذكر وجميل العبر والأحاديث. ومنهم شيخ التطبيع المعلوم.
إنها الكاشفة التي بها ميز الله بين الخبيث والطيب، إنها الخيانة العظمى، للمسجد الأقصى، ولفلسطين كلها، وللأمة جمعاء، طبعا من يقترب من نار الفسقة من الحكام والمجرمين، سيكتوي بها، وستكون عاقبته وخيمة وخسرانا. قال تعالى: “ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار.”
ولكن رب ضرة نافعة، والله يعلم وأنتم لا تعلمون، إن قومة الأمة من جديد، واسترجاع الكرامة والحرية والأرض المغتصبة والقدس السليب، لا بد فيه من تمايز الصفوف، وانكشاف المسالك، واستبيان سبيل المجرمين من صراط الصالحين المؤمنين، فهذا نعتبره شرطا أساسيا للنهوض، قال الله تعالى: “قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين.” من سبيل الله تعالى الواضح الناصع، الذي لا شية فيه، تحرير القدس الشريف وفلسطين كلها، وجميع أراضي المسلمين من كل غاصب أو معتد، والتصدي للمطبعين والخونة والمرتزقة، فهذا سبيل لا اعوجاج فيه البتة، فإذا رأيتم من يحرف الكلم عن مواضعه، فاعلموا أنه خرج عن سبيل الله، ودخل في سبيل الشيطان والصهيونية، فعلى شرفاء الأمة البررة أن يفضحوه ويخرجوه من صفهم، لأنه ليس من أهلهم، وإنما هو انخرط في سرب غير سربهم، وتواطأ مع أعداء الأمة.
سينجلي الصباح، وستنكشف حقيقة التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، وقد بدأت بوادره الخبيثة تلوح في الآفاق، ورائحته النتنة تزكم الأنوف، وسيجد شيوخ التطبيع أنفسهم أنهم كانوا مجرمين يلهثون وراء السراب، وخانوا أمانتهم ومسؤوليتهم، وستتبعهم لعنات الأجيال القادمة والأمة جمعاء إلى قيام الساعة، كلما ذكرهم الذاكرون وقرأ سيرتهم الدارسون والمؤرخون. ولعنة الله على كل مطبع خوان أثيم.