هناك ضغط كبير من السياسة على المنظمات والجمعيات الإسلامية، وهذا يتضح أيضا في طريقة تواصل متغيرة. ففي بداية السنة حصلت ضجة بعدما برر المندوب العام للمجلس الإسلامي التهديدات الموجهة ضد المراهقة ميلا (16عاما) التي انتقدت بشكل فظيع الإسلام في الانترنيت وتلقت تهديدات بالقتل واضطرت للاختباء بعدها. وقد برر المندوب تلك التهديدات بالقول «لقد أهانت الدين والآن وجب عليها تحمل تبعات كلماتها»، كما علق ممثل الاتحاد الإسلامي على مصير التلميذة التي وَضعت تحت حماية الشرطة.
وفي الأثناء يؤكد المجلس الإسلامي على حرية التعبير أكثر في رسائله. وبعد نشر الرسوم الكاريكاتور للنبي محمد دعا الاتحاد في سبتمبر المسلمين إلى تجاهل تلك الرسوم.
والمجلس الإسلامي الفرنسي أَنشأ في عام 2003 بدعم من الحكومة. فوزير الداخلية آنذاك، نيكولا ساركوزي، أقنع الاتحادات الكبيرة للمنظمات الإسلامية من جذور مغربية وجزائرية وتركية بإنشاء ممثلية وطنية وجعلها طرف حوار مع السياسة. لكن المجلس لم يحصل على دعم واسع من المسلمين في فرنسا رغم مرور سنوات على إنشائه. «لدينا اسلام منقسم للغاية في فرنسا، حيث هناك كثير من المجموعات المحلية المنضوية جزئيا في اتحادات أكبر»، تقول آن لور تفيلينغ الباحثة بجامعة ستراسبورغ في موضوع الأقليات الدينية، وتضيف «بعضها ممثل في المجلس الإسلامي الفرنسي، والبعض الآخر لا. وحتى النظام الانتخابي للمجلس الإسلامي هو اليوم مثير للجدل».
مرتبط بتحويلات من الخارج
وتولي المجلس الإسلامي الفرنسي مسؤولية «مجلس الأئمة»، يقابل برفض كثير من المسلمين. فأكثر من 1000 من بين 2600 مسجد في فرنسا لم يشاركوا في الانتخابات الأخيرة لاختيار المجلس الإسلامي الفرنسي، ينتقد طارق أوبرو, إمام مسجد الهدى في بوردو، المجلس في مقال له نشرته صحيفة «لوموند». فالاتحادات المنضوية في المجلس الإسلامي الفرنسي يقودها ممثلون بدون تكوين ديني أساسي. وهؤلاء الأشخاص كما يقول أوبرو يهتمون بالجانب السياسي أكثر من الديني. كما أن كثير من الممثلين مرتبطون بهبات وتحويلات مالية من الخارج. وأوبرو المعروف في فرنسا كصوت معتدل ومن يشاطره موقفه هذا، يطالبون بوضع المسؤولية عن «مجلس الأئمة» في يد أئمة وإبعادها عن الخضوع للاتحادات الإسلامية.
وقف السفر ابتداء من 2024
والحكومة لم تتخذ موقفا بعد من هذا الحراك والمجلس الإسلامي الفرنسي يبقى في الأثناء هو محاورها الأساسي. كما أن الحكومة تكون قد استجابت «بمجلس الأئمة» لطلب يتم التعبير عنه منذ سنوات طويلة في فرنسا: مزيد من التأثير في الاختيار والتأهيل ومراقبة الأئمة. وتعليمات الرئيس ماكرون واضحة: التأثير المالي والأيديولوجي من الخارج يجب الحد منه. وفي هذا الإطار أعلن ماكرون عن إنهاء عملية « إرسال أئمة » بشكل تدريجي. وإذا ما انتهت في السنوات الثلاث المقبلة إقامات الأئمة القادمين من تركيا والجزائر أو المغرب، يجب فرض حظر على السفر، استقدام الأئمة، ابتداء من 2024.
مشكلة العلمانية
وهناك إجماع في الوسط السياسي على ضرورة تمتع الإسلام في فرنسا باستقلالية أكبر بعيدا عن التأثيرات الأجنبية. «فالأئمة الذين يُرسلون إلى فرنسا ليس لهم في الغالب إلمام بالثقافة الفرنسية. وينقصهم الوعي بالعلمانية»، تقول سيلفي توسكير أنغو، الباحثة بجامعة باريس في الإسلام في نظام التعليم الفرنسي والألماني. والعلمانية في فرنسا تشكل حجر عثرة في طريق تعامل الدولة والسياسة مع موضوع الإسلام. وبما أن الدولة عليها وفق القانون الابتعاد عن القضايا الدينية، فهي قادرة فقط عبر طرق غير مباشرة على ممارسة التأثير. فحتى دعم بناء المساجد يبقى محظورا على القطاع العام في فرنسا، بالرغم من أن له اهتمام بأن يحصل أكثر من خمسة ملايين مسلم في البلاد على دور عبادة محترمة.
إمام.. وظيفة ثانوية
وفي مجال تكوين وتاهيل الأئمة تبقى الدولة بدون سلطة. وحقيقة أن تختار المساجد فقط أئمة مرخص لهم للوعظ، لا يمكن لها فرضها. والجامعات الحكومية سيكون لها دور أكبر في تكوين الأئمة وتأهيلهم. ومنذ عدة سنوات تمنح جامعات فرنسية شهادات في العلوم الإسلامية، ولكن لكل جامعة شروطها الخاصة. لكن الاهتمام بذلك من جانب الجالية المسلمة ضعيف إلى حد الآن. و80 في المائة من الأموال التي تحصل عليها المساجد تأتي من تبرعات الأشخاص، وبالتالي الإمام الذي يأتي من الخارج يخفف العبء على ميزانية المساجد.
تشديد القوانين
وفي حال تنفيذ حظر السفر على الائمة الأجانب، فإن الضغط سيزداد على المساجد والجالية المسلمة، وربما الضغط من أجل دخل أفضل. «وظيفة الإمام هي في الغالب وظيفة بين وظائف أخرى. ودخله ليس جيدا» كما تقول تفيلينغ. وإن تأهيلا ودراسة مكلفة ومتعبة تبدو في هذا الإطار أقل جاذبية. وحتى انقضاء المدة التي حددها ماكرون على الاتحادات الإسلامية التفاهم على اقتراح للميثاق و«مجلس الأئمة». وبعدها بيومين، حيث تصادف الذكرى الـ 115 للفصل بين الكنيسة والدولة في فرنسا، سيتم تبني «القانون الجديد لتعزيز مبادئ الجمهورية» من قبل مجلس الوزراء. ومن بين الأشياء التي ينص عليها القانون هو مكافحة خطاب الكراهية في الانترنيت.
وفي حال تنفيذ حظر السفر على الائمة الأجانب، فإن الضغط سيزداد على المساجد والجالية المسلمة، وربما الضغط من أجل دخل أفضل. «وظيفة الإمام هي في الغالب وظيفة بين وظائف أخرى. ودخله ليس جيدا» كما تقول تفيلينغ. وإن تأهيلا ودراسة مكلفة ومتعبة تبدو في هذا الإطار أقل جاذبية. وحتى انقضاء المدة التي حددها ماكرون على الاتحادات الإسلامية التفاهم على اقتراح للميثاق و«مجلس الأئمة». وبعدها بيومين، حيث تصادف الذكرى الـ 115 للفصل بين الكنيسة والدولة في فرنسا، سيتم تبني «القانون الجديد لتعزيز مبادئ الجمهورية» من قبل مجلس الوزراء. ومن بين الأشياء التي ينص عليها القانون هو مكافحة خطاب الكراهية في الانترنيت.