معارك تيميمون والشاروين والأميرة (1)

13 مايو 2024 18:50

هوية بريس – ذ.إدريس كرم

*** ملخص:

يتحدث الموضوع عن كيفية مهاجمة المجاهدين للكولون الفرنسي بتيميمون، والخسائر التي أحدثوها فيه.

وما تلاه من هجوم الفرنسيين على شاروين والأميرة، والتقسيم الذي أحدثه المحتل في المنطقة التي استولى عليها.

*** كلمات دالة:

الضابط الإداري جانكير، الكومندار ربييل، القبطان كونزار، القبطان أودجال، الساورة، كوم المهاري، تالمين، لقليعة، اولاد راشد، زاوية كونتا وسالي، تيمي.

*** النص:

عند وصولنا لأسوار تيميمون انقسمت الحملة؛ مجموعة دخلت في ممر يؤدي إلى اختراق جزئي لكصر، وبالتالي تلتف حول القصبة من الشمال، وذلك للاستيلاء على مقر الملحقة، ونهب مساكن ضباطها التي كان أصحابها غائبون، دون أن يعلمهم أحد. في نفس الوقت الجزء الأكبر من الحملة القوية المؤلف من حوالي 300 رجل قاموا باختراق سياج الحظيرة الذي كان موصولا بالمنحدر الجنوبي للقصبة.

عند الدخول لهذه الحظيرة، رأى البرابر راعيان مقرفصان أمام جمر ملتهب، قفزوا إليهما، فذبحوا الأول قبل أن يدير رأسه، والثانى انبطح على بطنه، وهو يتوسل، فوهبوه الحياة، شرط أن يأتيهم بفأس لاختراق طوب الجدار الصلب، فذهب، لكنه كان يضمر عدم العودة.

لم يظن البرابر أن هناك رجلا آخر في الحظيرة حيا، فبدأوا يذهبون ويجيؤون في الظلام، يتعرفون على أسفل الجدار، لم يوجدوا ما يشعلوا به جمر الرعاة، في انتظار الفأس الموعود به، فشرعوا يحضرون الشاي.

مع ذلك، كان هناك حارسا مسلحا بعيدا قليلا عن كومة كبيرة من الشراب (الخمر) في غفوة، وبندقيته بين رجليه، صحى على وقع الخطى، وضجيج المحادثات، لما فتح الجندي عينيه، فوجئ برؤية كل هؤلاء الغرباء أمامه بهدوء شديد اندس تحت المَشْرب (مكان شرب الخمور) وأبقى نفسه مخفيا وهادئا.

الوضعية استمرت، لأن مجموعة من المهاجمين الذين نفذ صبرهم، كان لديهم الوقت لإحداث نقب أسفل الجدار، إلا أنه قادهم لمكان مملوء بالألواح الخشبية الكبيرة، التي لم يشرع بعد في استعمالها، فتركت هناك.

عاود الهاجمون البحث عن منفذ لاختراق الجدار، فاكتشفوا كوة فيه مرتفعة بقامة رجل، أخذوا حاجزا من سياج الحظيرة، ووضعوه على الحائط، ثم تسوروه ليدخل من الكوة تباعا حوالي ثلاثين مهاجما، وجدوا أنفسهم في مخزن لأكياس الشعير، فبادروا بإفراغه، في تلك الأثناء، حان وقت تغيير الحارس، حيث تم تثبيت رئيس مركز الحراسة على باب القصبة الكبير، الذي كان مفتوحا على مصراعيه، (تفاصيل لم يكن المهاجمون على علم بها).

على بعد 60م شرق الحظيرة، وصل جندي الإنقاذ، الذي ما أن مشى مع الحائط منعطفا عند الركن متفقدا المكان، على عادة الحرس، كلما تسلموا مهمة الحراسة، حتى وجد نفسه بشكل غير متوقع، أمام هذا الحشد المزدحم في الحظيرة، أطلق عيار تحذير، وعاد لموقعه، فخرج الجنود من مراقدهم مع ضوء الفجر، لساحة القصبة، فاستقبلهم المهاجمون من داخل المخزن، بطلقات نارية، فمات الضابط الإداري جانكير، لكن سرعان ما أخذ كل موقعه عند السور، وتم تنظيم الدفاع، تحت إشراف الكومندار ريبيل، استغرق الأمر ساعتين لاستعادة المخزن من المهاجمين الذين احتلوه (تقرير من تيميمون في1901/2/18/).

في هذه الأثناء قام جزء من الحامية بخرجتين متتاليتين لتمشيط المناطق الخارجية، وتطهيرها من حشود العدو، فقتل فيها القبطان كويزار، وأصيب القبطان اودجار وليوطنا بوسازدي.

عندما انسحب الجزء الأكبر من المهاجمين مختفين في بساتين النخيل، كان ما يزال هناك مهاجمون متحصنين في مبنى صغير، يقع على بعد 40م من السور، استوجب مهاجمتهم، فقتل من كان به عن آخرهم.

وقتل من الفرانسويين عشرة أشخاص، بينهم ضابطان وجرح حوالي عشرون، وترك البربر حوالي مائة جثة على الأرض، ومع ذلك تمكن معظمهم من الانسحاب بسلام، ودون ملاحقة.

(Surprise de timmimoun,par les beraber؛ ص:603-358).

** معركتي الشاروين والأميرة

علم الجنرال سيرفيير بتمنتيت بنبإ الهجوم على تيميمون؛ فأرسل على الفور إليها 200 بندقية ومدفعين، وزادته أدرار 200 أخرى، وذهب على عجل مع بقية قواته إلى واحة الشاروين التي انسحب منها البرابر المهاجمون.

وصل أمام شارويين في 28 يبراير على الساعة الثالثة (3)، ولم تتمكن القافلة من متابعة السير، لأن الجمال قد استنزفت قوتها، فبقيت في الخلف برفقة السرية العاشرة رماة، فاستقبل الأعداء الذين يحتلون أطراف الواحة طليعة الحراسة بنيران البنادق، وعندما وصلت القوة الرئيسية المشكلة للكولون، انتشر مشاتها وفتحت المدفعية النيران على الرماة الأعداء، الكامنين جنوب الواحة، بعد طلقات كثيفة من البنادق، تلتها صليات قنابل ممتدة للأمام، جعلت المقاتلين يتراجعون للخلف، فواصل المشاة تحركهم غرب الواحة، بدعم من المدفعية التي تتبعها من الخلف.

لكن الأعداء واصلوا اجتياح الأرض التي تقصفها المدفعية بنيران كثيفة، في محاولة لمنع تقدم مشاة الأعداء، بيد أنهم في الخامسة كانوا قد انتشروا على الحافة الغربية للواحة، واصلت المدفعية مهاجمة الحافة إلى أن خفضت دفاعهم ثم سكتوا.

في صباح اليوم التالي فاتح مارس، تم تكليف وحدة استطلاع لتحديد نقطة انطلاق الهجوم، وفي الليل ألقى قسم المدفعية بضع قدائف على الكصر، والقصبة والواحات، لإزعاج المدافعين وإخافتهم.

في الثاني من مارس تم قصف القصبة المدمرة، التي كانت في حالة دفاع، فلم يرد العدو على النيران، وذلك لأن البرابر أخلو المكان ليلا، متجهين نحو الساورة، عائدين لبلادهم.

الكوم والسرب الصحراوي ونصف السرية الصحراوية -حوالي 250 بندقية في المجموع وعند العدو حوالي 300 حسب أبسط التقارير- أرسلت لمطاردتهم، وانضمت لهم عند فجر الثالث على بعد حوالي عشرين كلم شمال غرب الشاروين، في عرك الأميرة.

أرسل البربر قافلتهم وجرحاهم نحو الغرب، واحتلوا الخط المرتفع للكثبان الرملية، متربصين خلف القمم في انتظار مطارديهم، بل وسمحوا للكوم بالالتفاف حول جناحهم الأيمن لحد ما، حتى يتمكنوا من الهجوم عليهم ويطردوهم.

شاهد القبطان كاميون حركة تراجع الكوم، ودون أن يأخذ الوقت الكافي لتغطية جناحيه، وبناء احتياطه، دفع مناوشيه يتسلقون الكثبان الرملية، ليجدوا نفسهم فجأة وجها لوجه مع البرابر، الذي استقبلوهم بنقطة فارغة، ثم انقضوا عليهم، فقتل القبطان راميلو، وسرجان وجندي، وجرح ضابط، وثلاثة سرجانات، وبعض الجنود من الأهالي.

كان الهجوم مفاجئا وعنيفا جدا، لدرجة أن القوات لم يكن لديها الوقت لتجمع نفسها، انسحب كوم المهاري خوفا من أن يطغى عليهم الأعداء، وسحبوا معهم الرماة، ثم اصبيحي صحراوي، الذي قتل منهم ليوطنا هليريـي.

استغرق الأمر كل طاقة الضباط لاستيناف كل شيء.

عند نداء البوق الذي أطلق الهجوم، استؤنف الهجوم قام الرجال بتثبيت الحراب، وهاجموا البرابر، فأجبروهم على العودة إلى الكثبان الرملية، لكنهم كانوا مرهقين وبدون دعم، لذلك لم يتمكنوا من الاستمرار في القتال بعد مرور ساعتين من القتال بالبنادق، بدأت الذخيرة في النفاد، فأعطيت إشارة التراجع، انسحبنا ببطء، رجلا تلو الآخر، وأخذنا الجرحى، تحت حماية عشرة اصبيحية جزائريين، بقيادة ضابط صف متحمس، وإرسالهم على عجل من معسكر الشاروين على صوت إطلاق النار.

وأخيرا، نظرا لانعدام أملهم في التغلب على خصومهم وكذا الاستيلاء على قافلتهم المحمية، تقرر توقيف المطاردة بشكل لا رجعة فيه، اختفى البرابر بين الكثبان الرملية، من غير أن يمثلوا بالجثث الفرنسية التي ظلت بعض الوقت تحت سيطرتهم.

خسرت الكتيبة الفرنسية 25 قتيلا، بينهم ضابطان، و50 جريحا بينهم ثلاث ضباط.

غادر كولون الإنقاذ في الساعة 10 صباحا، معسكر شاروين، وكان قد وصل مكان المعركة في الساعة الرابعة مساء، كان البرابر متقدمين عليه بعدة ساعات، كانوا بعيدي المنال، ولم يكن بإمكان لفرنسيس سوى دفع التعويضات النهائة للقتلى، وعلاج الجرحى.

بعد مغادرة البرابر بقي ما بين ثلاث أو أربع مائة من سكان شاروين الذين كانوا تحت يد الخصوم، جاؤوا لتقديم استسلامهم، لكن الجنرال سيرفيير جعلهم يفهمون أنه بعد الذي حدث، لا يمكنه قبول استسلامهم بالشروط الممنوحة للكصور التي لم تقاتله، فأوجب لقبول استسلامهم تقديم خمس رهائن من أعيانهم ونزع سلاحهم، وتدمير قصباتهم، ودفع ذعيرة ثقيلة عليهم.

تطلب الأمر عرضا صغيرا من المدفعية لإجبار الجماعة، التي طالبت أولا بالأمان بكل بساطة، على قبول هذه الشروط، لكن الكصوريين استسلموا، واحتل الجنرال سيرفيير كصر الشاروين في 5 مارس، بعد أن حصل على الرهائن والأسلحة، وجزء كبيرا من غرامة الحرب، والإلزام بدفع الباقي خلال اليوم.

** العمليات الأخيرة لكولون سيرفيير

في 6 مارس غادر الكولون شاروين، متجها لتلمين، حيث قتل مستطلعان للكلونيل مينيستريل في 1900.

كان عليه أن يخوض هناك في 9 مارس معركة صغيرة لم تقع له فيها أية خسائر، فقط تم إطلاق بعض طلقات المدفع، لإجبار أهل تلمين على استقبال لفرنسيس في كصورهم، ونتيجة لتلك المقاومة، فرض الجنرال سيرفيير على جماعة تلمين، نفس الشروط المماثلة لما فرضه على جماعة شاروين.

في 13 مارس غادر الكولون تلمين، منقسما؛ النصف توجه لتيميمون، ثم دخل لقليعة، حيث تم تفكيكه، وما بقي مع الجنرال سيرفيير، اتجه معه من شاروين إلى أولاد راشد، وكابيرتين، والسباع، وأخيرا أدرار في تيمي، ومن هناك غادر الجنرال مرة أخرى ومعه 200 بندقية لزيارة زاوية كونتا وسالي، ومنها سيعود لتيمي في 7 أبريل.

ثم يغادرها في حراسة خفيفة، عائدا للشمال، عبر الساورة، حيث سيلتقي بقوات من فرقة وهران، بقيادة الكولونيل بيليت، الذي جاء لمقابلته في كرزاز.

** تنظيم لفرنسيس للواحات

بعدما انتهت العمليات العسكرية التي كانت جارية، واستسلمت جميع المديريات، استقبلت البلاد التنظيم التالي:

ثلاث ملحقات مستقلة بعضها عن بعض، تقدم تقاريرها لقايد المصلحة العام مباشرة بالجزاير العاصمة، وهذه هي:

ملحقات كورارة عاصمتها تيميمون التي أحدثت في 25 ماي 1900.

ملحقات اتوات عاصمتها أدرار بالتيمي، التي أحدثت في يناير 1901.

ملحقات تيدكلت عاصمتها عين صلاح التي أحدثت في غشت 1900.

وفي عام 1902 تم وضع هذه الملاحق الثلاث تحت السلطة العليا للقائد العسكري للواحات، المقيم في تيميمون، منذ نقل المقر من أدرار لتيمي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنظر العنوان الأصلي:

surpriss de timmimoun par les berber

Comba de charouine et d,el-amira

Les dernieres operationns de la colonne servire

L,organisation francaise des oasis

في: Martin ص 364-358 quat.siec.d,his. Mar. Au sah.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M