أعضاء مركز تكوين.. تشريح معرفي (4)

08 يونيو 2024 16:33

هوية بريس- محمد زاوي

4-فاطمة ناعوت

عُرِفت فاطمة ناعوت، في مختلف أعمالها الشعرية والروائية، بالدعوة إلى العلمانية والليبرالية، أما توجهها النسوي فغير خافٍ. تصريحها بأدلوجتها الليبرالية يزيل كل لبس، رغم إشارتها بين الفينة والأخرى إلى السياق الذي ظهرت فيه الليبرالية الغربية. هذا السياق مكتنز اجتماعيا، تفسيره أعمق مما تذكره ناعوت، حيث “الصراع بين دين الكنيسة والعلمانية”. لا تستحضر تطور الإنتاج كعامل جوهري في تاريخ الليبرالية والعلمانية في الغربي، فتغترب إيديولوجيا في صراع فوقي، ومن ثم في تحديد مثالي للمفاهيم.

وهو ما يتجلى في تعريف ناعوت للعلمانية بأنها “فصل الحكومة والسلطات السيادية السياسية عن سلطان رجال الدين، أي دين. تعني عدم إجبار أي إنسان على اعتناق معتقد بعينه، وكفل حرية اعتقاده دون الانتقاص من حقوقه كمواطن. تعني أن تقف الدولةُ على مسافة متساوية من الأديان كافة، وعدم تمييز المواطنين على أسس عَقَدية أو دينية أو طائفية. تعني اعتراف الدولة بأن للمواطنين جميعهم حقوقًا دستورية متساوية وعليهم واجبات دستورية متساوية، بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية. تعني عدم الخضوع لابتزاز المؤسسات الدينية، لأن المواطنة عَقدٌ بين المواطن ووطنه، أما العقيدة فهي شأنٌ خاص بين الإنسان وربّه، لا يصحُّ أن يتدخل فيها آخر”. (فاطمة ناعوت، مقال “ما العلمانية”، المصري اليوم)

فإذا كانت العلمانية تعريفا مثاليا غير خاضع لشروط اكتشاف مفهومها وتطوره؛ فلماذا ترجعها ناعوت إلى سياقها الأول؟! أليس ذلك إرجاعا غير واعٍ؟! لو كان واعيا لما أنتج تعريفا مثاليا، ولما استصحب لشروط تختلف عن الشرط الأوروبي اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا. وإذا كانت الكنيسة هي النقيض الديني الذي على أساسه ابتكرت الفئات الأوروبية الصاعدة ادلوجتها العلمانية؛ إذا كان الأمر كذلك، فبأي منطق ينزع عدد من “علمانيينا” إلى تشبيهها بعمل المساجد وفتاوي الفقهاء؟!

(يتبع)

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M