في ظل الطوفان.. “وزير سابق” يقترح حلا حضاريا إسلاميا للمسألة اليهودية!

25 أكتوبر 2024 21:36

هوية بريس – متابعات

في ظل العدوان الصهيوني الهمجي المدمر على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، صدر كتاب جديد للمؤلف والوزير والبرلماني السابق، الحبيب شوباني، بعنوان: “المسألة اليهودية في عصر الطوفان: في بناء سردية المأزق الوجودي للحل الصهيوني للمسألة اليهودية”.



ويرى الحبيب الشوباني أن كتابه -الواقع في 284 صفحة، والصادر عن دار النشر الخيام- بحث علمي في تاريخ المسألة اليهودية؛ كقضية دينية وسياسية نشأت في المجتمعات المسيحية الأوروبية قبل مئات السنين، وتم تصديرها للحوض الحضاري الإسلامي في القرن الـ20 بعد عملية استئصال للمكون اليهودي من أوروبا واستزراعه في فلسطين، ضمن مخطط تنفيذ ما يعرف بالحل الصهيوني للمسألة اليهودية، الذي يقضي بإقامة دولة لليهود في فلسطين.

البواعث الأساسية لتأليف الكتاب

ويُعَدُّ النقاش الذي فتح عقب عملية “طوفان الأقصى” على كافة المستويات بين عموم الناس والنخب، وكذلك واجب المساهمة في إشاعة الوعي العلمي بطبيعة “المسألة اليهودية” باعتبارها قضية دينية-سياسية في جوهرها وأُسُسِها، أوروبية-مسيحية-يهودية في تاريخ نشأتها وتشكُّلها وصيرورتها، أبرزَ البواعث الأساسية لتأليف الكتاب في ظل ضعف المعرفة بطبيعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط بين الكيان الصهيوني والعالم العربي والإسلامي في فلسطين.

وقد سعى المؤلف من خلال كتابه هذا لكشف مأزق وهم الصلاحية الأبدية لسردية “الحل الصهيوني للمسألة اليهودية”، خاصة بعد انفجار طوفان الأقصى وما أظهره من طاقة تحررية في وجه هذا الحل، أصابت أركان الأساطير الدينية والسياسية التي بني عليها بشروخ جسيمة.

رسالة خاصة لصفوة أهل الفكر والتأثير

واعتبر المؤلف كتابه بمثابة رسالة خاصة لصفوة أهل الفكر والتأثير، وصناع القرار في الحوض العربي والإسلامي ولعموم عقلاء العالم وخاصة اليهود منهم، وخدمة ثقافية عمومية ميسرة تروم بناء واستيعاب سردية مُحيَّنة للمسألة اليهودية بصفتها قضية فكرية وسياسية ودينية وتاريخية مزمنة ومعقدة وجعلها في متناول أوسع جمهور قارئ ممكن.

المفاهيم المركزية

وحرص الشوباني على تسليط الضوء على أهم المفاهيم المركزية في الكتاب، وعمل على شرحها بغية تمكين القارئ من استيعابه بشكل سلس، حيث شرح مفهوم “المسألة اليهودية” أو “المشكلة اليهودية” و”الحل الصهيوني للمسألة اليهودية”، والفرق بين “الهولوكوست” و”المحرقة” و”المفهوم الاستراتيجي لطوفان الأقصى”، والمأزق الوجودي لـ”الحل الصهيوني للمسألة اليهودية” بعد طوفان الأقصى، ومتابعة العالم لأخبار ومشاهد الإبادة الجارية في غزة عبر نقل مباشر بفضل الثورة الرقمية.

أسئلة مفتاحية لفهم المسألة اليهودية

وقام مؤلف الكتاب بطرح أسئلة مفتاحية رأى أنها تساعد على فهم أفضل لتاريخ ومآلات المسألة اليهودية في عصر الطوفان من قبيل: ما التمفصلات الأساسية في الصيرورة التاريخية للمسألة اليهودية؟ ولماذا نشأت وتطورت في الفكر الغربي بوصفها مقولة سياسية ارتبط بالتاريخ المأساوي لليهود في أوروبا؟ وما أبرز معالم النصوص الأدبية والسياسية التي عكست الصيرورة التاريخية للمسألة اليهودية نحو اختراع “الحل الصهيوني” لها، ليكون حلا سحريا لدائها العضال بعد فشل حلول سابقة له؟ وما الأصول والجذور الدينية التي استمد منها الحل الصهيوني مشروعا لحل المسألة المذكورة، مادة وجوده وحيويته الفكرية والسياسية؟

ومحاولة منه للإجابة عن تلك الإسئلة، اعتمد المؤلف في مراجعه بشكل أساسي على مفكرين وكتاب وباحثين ومؤرخين ومفكرين غربيين جُلُّهم يهود، لدفع أي شبهة انزياح عاطفي وجداني في التعاطي مع موضوع كبير ومعقد وله تداعيات جسيمة على المنطقة.

وتطرق المُؤلِّف لكيفية تفكيك أولئك المؤرخين والمفكرين لمادة الأسس الدينية والفكرية والسياسية للحل الصهيوني للمسألة اليهودية، وكيف كشفوا زيف سردية ذلك الحل ومحدودية صلاحيته الزمنية، وذهب إلى أن الأمر يتعلق بمشروع أيديولوجي استعماري، تغذى على أساطير دينية وسياسية ووظف فكرة “الوطن القومي لليهود” في سياق تحالف إمبريالي غربي صهيوني بغرض التخلص المزدوج من يهود أوروبا بإبعادهم عنها، وتفكيك الخلافة الإسلامية وتقاسم إرثها والهيمنة على شعوبها، بحسب الكتاب.

وفي هذا الإطار، تطرق الكتاب للأساطير المؤسسة للحل الصهيوني للمسألة اليهودية وعددها 10؛ أبرزها أن “فلسطين كانت أرضا فارغة” وأسطورة “كان اليهود شعبا بلا أرض”، و”الصهيونية هي اليهودية”، و”الصهيونية ليست استعمارا” وتروج في الغرب على أنها حركة ليبرالية لتحرر وطني، وأسطورة “غادر الفلسطينيون أوطانهم طوعا عام 1948″.

نتائج طوفان الأقصى: فشل وخوف إستراتيجي

يوجد منبع هذا الخوف الإستراتيجي في تداعيات ومآلات التحولات النفسية والثقافية العميقة، والواسعة الجارية في منظور الرأي العالم العالمي لدولة اليهود، التي تتصرف كدولة احتلال وفصل عنصري منهارة أخلاقيا.

ومما يشهد لهذا التحول، كثافة مشاركة يهود الدول الغربية في الحراك الاحتجاجي العالمي ضد جرائم الإبادة في غزة وحرصهم على رفض لافتات تنص بشكل لافت على أن “الصهيونية ليست هي اليهودية”، ودعوة قادة الفكر والرأي اليهود إلى إنقاذ اليهودية كدين من خطر القرصنة والتوظيف السياسي من طرف تيار الصهيونية الدينية، وأبرز هؤلاء المفكرين؛ الحاخام الأميركي الشهير يعقوب شابيرو مؤلف كتاب “العربة الفارغة: رحلة الصهيونية من أزمة الهوية إلى سرقة الهوية” الصادر عام 2018.

حل حضاري إسلامي للمسألة اليهودية

وخلص مؤلف الكتاب إلى فشل الحل الصهيوني للمسألة اليهودية، وانتهائه إلى مأزق وجودي بعدما نسف “طوفان الأقصى” فكرة “الوطن القومي اليهودي الآمن بقوة الردع والسيطرة العسكرية”، وتحويل معركة السابع من أكتوبر 2023 فلسطين المحتلة إلى أخطر مكان على أمن اليهود في العالم.

وفي ختام كتابه اقترح المؤلف – الحاصل على دكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية – حلا للمسألة اليهودية وصفه بالحل الحضاري الإسلامي، واستعرض أسسه وخصائصه وآلياته.

ومن شأن هذا الحل، حسب المؤلف، ” المساهمة في تعزيز السلم العالمي، من خلال تقديم حل نهائي للمسألة اليهودية يمر عبر عملية تحرير مزدوج: تحرير الشعب الفلسطيني بإنهاء الاحتلال الاستيطاني لفلسطين، وتحرير اليهود من أسر الصهيونية، وهو حل يعني إقامة دولة فلسطينية موحدة يتعايش فيها الجميع على أساس المواطنة والمساواة، تكون تتويجا لتفكيك نظام الفصل العنصري القائم في فلسطين المحتلة، في إطار تطوير وتنفيذ نموذج خاص للعدالة الانتقالية على غرار ما جرى في جنوب إفريقيا”.

كما أن هذا الحل يستدعي، حسب المؤلف، ” حصول تحولات جوهرية في موازين القوى العالمية، لأن تفكيك آخر نظام تمييز عنصري عرفته البشرية لا يعني فقط تحرير فلسطين من الاحتلال وتحرير اليهود واليهودية من الصهيونية، بل يعني تحرير العالم من نظام دولي غير عادل، لأنه نظام يقوم على تمجيد عقيدة القوة… ولا يقيم وزنا لقوة المبادئ الإنسانية والمواثيق الدولية المجمع عليها، التي بها وحدها يمكن أن يتحقق للبشرية تعارف عالمي جديد، وحضارة إنسانية جديرة بهذا النعت”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M