فوز “معشوق” ماكرون
هوية بريس – فؤاد بوعلي
يفاجئني بعض الباحثين والأساتذة والأدباء حين ينظرون إلى فوز الجزائري كمال داود بجائزة الكونكورد عن روايته “الحوريات”، على أنه موجه ضد النظام الحاكم في الجزائر، والأغرب أن يدرج ذلك في سياق الصراع المشتعل بين دول المنطقة وزيارة ماكرون وووو. والواقع أن فوز كمال داود كان معروفا منذ مدة طويلة، خاصة بعد تعبير الرئيس الفرنسي عن عشقه قراءة كمال داوود. لكن هناك أسباب جوهرية تتعلق بوظيفة الجائزة التي تمنح عادة -خارج الدائرة الفرنسية- لكل من خدم التوجه الفرنكفوني الصراعي ضد قيم الشعوب العربية الإسلامية على غرار كتاب “تحت الطلب” الذين اعتادوا على تصوير الثقافة المغربية بشكل غرائبي وفلكلوري من خلال الإصرار على تحويل الثقافة المحلية إلى “صندوق عجائب” وتقديم صور عن بلدانهم وكأنها من كواكب أخرى وفق منطق السوق وطلب المتلقي الغربي وخير أمثلة ما تقدمه كتابات مالك شبل في هذا المجال التي تأرجحت بين “الجسد في الإسلام” (1984)، وموسوعة الحب في الإسلام (1995)، و”الشهوة” (2000)، و”موسوعة المحبين في الإسلام” (2004)، و”الكامسترا العربية” (2005)، و”العبودية في أرض الإسلام” (2007) وصولا إلى مقاربة النص الديني وترجمته. وفي الأدب نجد فؤاد العروي يستعمل أسلوبه الساخر اللاذع في روايته “سنة عند الفرنسيين”، ليروي لنا تجربة الطفل “مهدي” الذي يراد له اكتشاف نمط عيش الفرنسيين الذين يعيشون في الرفاهية ويتناولون أشياء لا تؤكل، ويتكلمون بحرية، ويولونه اهتماما لم يفهمه إطلاقا بعد حصوله على منحة للدراسة في ثانوية ليوطي بالبيضاء. إنه الوعي الشقي كما قالت ليلى السايح. وعبد الله الطايع (الشاذ جنسيا) الذي اختير مرتين للحصول على جائزة الـ “رينودو” (Renaudot) الفرنسية المرموقة. لكن كمال داود تجاوز التعبير عن الذات إلى الحرب عليها ومواجهتها والانسياق مع التوجه الفرنسي، كما يبدو في إعلامه، المحارب لكل القيم الإسلامية والإعلاء من عناصر الشذوذ الأخلاقي والقيمي، واستغلال الموضوع النسائي للضرب في المجتمع. هي حرب أصيلة وليست مجرد توجه سياسي. وكما قال الكاتب الجزائري «الطاهر وطار»: «الكتابة بالفرنسية تختص بها نخبة معينة تكتب لعوالم غربية بشروط غربية.. فدور النشر والمؤسسة الثقافية الفرنسية تشترط على الكتاب العرب أساليب ومواضيع، ويسوؤني أن أدخل في هذه المقارنة». فهي حرب أكبر من حرب الحدود.