عندما يقبل الأسير سجّانه: كرامة تقهر الطغيان والكيان

23 فبراير 2025 21:38

هوية بريس – د. رشيد بن كيران

مشهد تقبيل الأسير الإسرائيلي عومير شم طوب لرأس أحد رجال المقاومة، بل لرجلين منهم، فرض نفسه بقوة على الجميع، بغض النظر عن موقفهم من الصراع، سواء كانوا مؤيدين أو معارضين أو محايدين.

هذا المشهد أثار تساؤلات عميقة: ما الذي وجده عومير شم طوب لدى هؤلاء الرجال حتى يدفعه إلى تقبيل رأس أحدهم، رغم أنه كان أسيرا لديهم؟!

◆ جرت العادة السائرة أن يكره الأسير سجّانه، ويشعر بالبغض تجاه من حرمه حريته، ويمقت من أسره وأهانه…

لكن تصرف عومير طوب كشف حقيقة مختلفة تماما؛ لقد أظهر أن رجال المقاومة لم يكونوا سجّانين بالمعنى المتعارف عليه، بل تعاملوا معه بقيم أخلاقية عالية وبإنسانية واحترام. وهذا على النقيض مما اعتاد عليه عومير طوب في كيان دولته إسرائيل في تعاملها مع الأسرى الفلسطينيين، حيث يتم تعذيبهم وإهانتهم وإنكار إنسانيتهم، وكأنهم أقل من بشر.

◆ ليس من السهل أن يقدم جندي على تقبيل رأس عدوه أمام العالم، وبكامل إرادته واختياره، إلا إذا كان هذا العدو يتمتع بخصائص فريدة تجعله مختلفا عن كل الأعداء؛

▪︎ إنه عدو يحمل قضية عادلة، ويسعى لتحقيقها بشرف وإنسانية.

▪︎ إنه عدو يجسد الشهامة والرجولة بكل معانيها، ويتمثل الأمانة والإنسانية في أسمى صورها.

◆ ألا ترون معي أن هذا المشهد، إلى جانب مشاهد أخرى مثل طريقة تكريم المقاومة لجثامين الإسرائيليين، ومشهد عصا السنوار، ومشهد الحج الأعظم الذي جسّده أهل غزة وهم يعودون إلى أرضهم بعد وقف العدوان، ومشهد مسافة الصفر، يحمل رسائل تتجاوز السياسة والإنسانية لتصل إلى مستوى الرسائل الإيمانية، والرسائل الربانية !!!

هذه المشاهد ليست مجرد أحداث عابرة، بل هي شواهد على قيم إيمانية سامية تذكرنا بمعية الله لعباده الصالحين وبأن النصر من عند الله، وأن صاحب الحق سينتصر ولو بعد حين.

◆ هؤلاء الرجال، الذين عاملوا أسراهم بكرامة وبخلق الإسلام، هم اليوم حجة الله في الأرض.

إنهم يذكرون العالم بأن القوة الحقيقية ليست في القمع والتعذيب، بل في الرحمة والعدل والإيمان. وهذا ما يجعلهم قدوة ليس فقط في النضال من أجل الاستقلال، بل أيضا في كيفية التعامل مع الخصوم والأعداء.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
17°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة