“الإسلام الروحاني” أو كيف يسلم العالِم من منهج الخوارج ويكون متسامحا في أعين الجميع!؟

23 يونيو 2025 01:41

هوية بريس – ادريس ادريسي

أن يكون العالم متسامحا في أعين الناس، جميلا يحبه الكل، ويرضى عنه الجميع؛ الخصوم والأعداء قبل المحبين والأخلاء، ليس عملا شاقا أو أمرا متعبا أو شيئا مستحيلا، وإنما يكفيه في ذلك أن يتجنب في خطبه ومواعظه الحديث عن قضايا الأمة ونوازلها وهموم الناس وقضاياهم، فلا يتكلم عن غزة وإن شارف أهلها على الهلاك فاسمها بات عورة في عرف معظم العلماء، ولا يندد بالفساد والظلم وتغول أصحاب السلطة والمال حتى لا يقحم الدين في السياسة، ولا يقربن في خطبه مهرجان موازين لأنه مثار اختلاف بين علماء الدين حسب ما ذهب إليه كبير الروحانيين وفي رواية كبير العلمانيين، كما عليه أن يتجنب الحديث عن الجهاد لأنه مرادف للإرهاب في عرف قوى الاستكبار العالمي التي ترعى هذا النوع من الخطاب الديني، فإن هو جانب هذه المواضيع وغيرها مما قد يوقظ ضمائر المسلمين ويحيي فيهم معاني العزة والكرامة التي تعيدهم تدريجيا إلى سيرتهم الأولى حيث كانت هذه الأمة في مقدمة الأمم وصدارتها، فله أن يحدث الناس بعد ذلك في أمور دينهم كيف شاء ومتى شاء، فيحدثهم عن الصلاة وأسرارها والصيام ومقاصده والذكر وكنوزه وله أن يذكرهم بقيم المحبة والتسامح والتعايش ويحفزهم على الصبر والعطاء والرضا بالقدر والقضاء وغيرها من الروحانيات التي تندرج ضمن باب الزهد والرقائق، شريطة أن ينتقي في ذلك كلماته بعناية كبيرة فلا ينهر بها ظالما ولا يغضب منافقا، ولا يزعج خائنا أو مفسدا..

أما إن تحدث الشيخ الوقور عن فوائد الرضاعة الطبيعية وما يعقبها من الفطام النهائي عن قول كلمة الحق فإنه يكون بذلك قد نال وسام الوقار وتاج الحكمة ولم يتبق له إلا الحديث عن أهمية السلامة الطرقية ليؤمن وصوله النهائي إلى الحظوة بين أهل الشأن، والغنيمة مما في أيديهم دون أن يخشى على نفسه حوادث السير أو تقلبات الدهر أو تهمة الخوارج.

بتتبع هذه التعليمات والتوجيهات يستطيع كل عالم أن يسلم من تهمة الخوارج ويحظى بالمحبة والقبول بين الناس على اختلاف مذاهبهم وعقائدهم أيضا، لكن الحقيقة المرة التي ينبغي أن يعلمها الجميع أن هذا الخطاب رغم أهميته ما هو إلا جزء من الدين، ومن المقبول أن يكون مذهبا لبعض الدعاة والعلماء، أما أن يتم فرضه على الناس باعتباره الدين كله فذالك خيانة للأمانة وتحريف للديانة، وغش للرعية ودفع بالأمة إلى الهاوية، لأن الإسلام كما جاء به النبي العدنان عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام “رقائق -روحانيات- تلين لها القلوب وحقائق -فقه النوازل وقضايا المجتمع- تستنير بها العقول، ولو كانت الدعوة محصورة في الأولى ما وجد للدين أعداء ولا للحق خصوم ألداء ولكان أبو جهل حاملا للواء الإسلام وقارون ممولا لدعوة موسى عليه السلام ولكنها الثانية؛ الخافضة والرافعة، الكاشفة والفاضحة، بسببها ابتلي الرسل والأنبياء وامتحن الصادقون من الدعاة والعلماء، الذين بارزوا أهل الباطل في نواديهم ودافعوا أهل الزيغ بألسنتهم وأيديهم متمسكين في ذلك بفقه السنة والكتاب وآخذين بما استطاعوا من قوة أسباب”.

وصلّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
16°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة