تصويب هادئ لكلام الدكتور محمد الشنقيطي عن فرح السنة والشيعة

25 يونيو 2025 18:20

هوية بريس – د.رشيد بن كيران

بداية، أؤكد أنني ضد إذكاء النعرة الطائفية، فلا خير فيها ففتنتها تفني ولا تبقي، وأدعو إلى سلم متبادل مؤطر بالعدل وفق رؤية شرعية، قائم على احترام كرامة كل الأطراف، أيا كانت طوائفهم أو انتماءاتهم. لكن لا يجوز أن يكون هذا الموقف الأخلاقي غطاء لترويج المغالطات أو لممارسة الحيف في التحليل. فلا بد من الإنصاف، حتى مع من نختلف معهم.

في هذا السياق، لفت انتباهي ما عـبّـر عنه المفكر الدكتور محمد المختار الشنقيطي، في تعليقه على الهجوم الأمريكي الأخير على إيران، حيث قال:

– “فرح المغفلون من العرب والسنة عام 2025 بالهجوم الأمريكي على إيران، كما فرح المغفلون من الشيعة والإيرانيين بالهجوم الأمريكي على العراق عام 2003. تدمير المنطقة بالتقسيط مستمر، ولا عزاء للحمقى الذين لا يتعلمون بالحبر الأسود، ولا حتى بالحبر الأحمر!” انتهى

وهي عبارة حادة في لهجتها، ولكنها تستحق التأمل والمراجعة، لأن فيها تعميما قد يوقع في غير مقصده، وخلطا بين حالتين لا تستويان من حيث السياق والموقع والموقف.

– أولا: لم يكن الفرح سنة 2003 بالهجوم الأمريكي على العراق مقتصرا على الشارع الشيعي أو المغفلين من الشيعة فقط، بل شارك فيه النظام الإيراني نفسه، الذي فتح أجواءه ومجاله الاستخباراتي أمام القوات الأمريكية، وأسهم بفعالية في إسقاط النظام العراقي، وسارع إلى ملء الفراغ بعد سقوطه، بما عزز نفوذه في بغداد والمنطقة عموما.

لقد كان ذلك الفرح نتيجة تواطؤ سياسي مدروس من أعلى المرجعيات الإيرانية الدينية والسياسية، في إطار تحالف مصلحي ضمني مع الولايات المتحدة ضد نظام عربي يحسب على السنة.

ولهذا، فتصوير هذا الفرح وكأنه مجرد غفلة شعبية من “المغفلين من الشيعة والإيرانيين” فيه تساهل كبير يرقى إلى المغالطة، ويغفل حجم التنسيق الإيراني الأمريكي الذي كشفت عنه الوثائق لاحقا.

– ثانيا: في المقابل، فإن من يفرح اليوم بضرب إيران، إن وُجد من يفرح، فهم غالبا الشعوب المظلومة التي اكتوت بنار الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة له في العراق وسوريا واليمن…، ولسنوات طوال.
وهذا الفرح، الذي قد يصدر بعفوية أو تعبيرا عن الغضب والانكسار، هو فرح المكلوم، لا فرح المتواطئ، وهو تعبير عاطفي يصدر من معظم الناس عن شعور بالانتقام من الظالم الذي اعتدى عليهم، لا عن غفلة سياسية كما في الحالة الإيرانية عام 2003.

– وهنا جوهر الفرق:

– في حرب 2003، كان الفرح من نظام نافذ يمارس لعبة المصالح مع العدو.

– في الحرب الحالية 2025، الفرح إن وُجد، فهو من ضحايا تلك السياسات التوسعية أنفسهم.

وبالتالي، لا يصح وصف هذا الفرح بـالغفلة، لأنه في جوهره أنين مشروع، لا تهليل طائفي أعمى.

– وختاما أقول، إن المغفل في نظري هو من يظن أن الضربات الإسرائيلية أو الأمريكية ستبقى موجهة لعدوه فقط، دون أن تمهد لاحقا لتفكيكه هو نفسه وتغيير خريطة وطنه والتحكم في قرارته ومصيره. أما من فرح انتقاما ممن ظلمه، ففرحه صرخة ألم، لا #حساب_سياسي. وشتان بين الفرحين، كما شتان بين ما سُمي غفلتان.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
13°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
20°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة